لقد نزلت التوراة على سيدنا موسى - عليه السلام - بمصر وباللغة الهيروغليفية فى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.. وفى حياة موسى، وبعد موته عبد بنو إسرائيل العجل، وعبدوا آلهة الكنعانيين - أهل فلسطين - بعد أن دخلوها غزاة - بعد وفاة موسى - عليه السلام.. ولقد ظل التراث اليهودى تراثا شفويا، حتى بدأ تدوينه على يدى «عزرا» فى القرن الخامس قبل الميلاد، فجاءت أسفار العهد القديم - التى جرى تقديسها بعد ذلك - مليئة بالتناقضات الداخلية التى تنفى عنها أن تكون هى التوراة التى أنزلها الله على موسى.. ولقد تُرجم إلى العربية سنة 2000م كتاب بالغ الأهمية فى علم نقد نصوص أسفار العهد القديم، كتبه عدد من العلماء اليهود المتخصصين فى علم نقد النصوص، وجمع أبحاثه وحررها ونشرها العالم اليهودى «زالمان شازار».. وعنوان هذا الكتاب (تاريخ نقد العهد القديم من أقدم العصور حتى العصر الحديث) - وفى هذا الكتاب شهادة يهودية على أن أسفار العهد القديم ليست هى توراة موسى، وإنما هى حصيلة ثقافة ونصوص كتبت على امتداد ثلاثة آلاف عام.. ولقد جاء فى هذا الكتاب: «إن هذه الأسفار المقدسة هى من طبقات مختلفة، وعصور متباينة، ومؤلفين مختلفين، حيث تستوعب هذه الأسفار ما يقرب من ثلاثة آلاف سنة من الزمن.. فلا ارتباط بينها سواء فى أسلوب اللغة أم فى طريقة التأليف. إن القسم الأكبر منها لم يكتب فى الصحراء - (سيناء) - وموسى لم يكتبها كلها.. وهى ليست إلا لفائف من أماكن وعصور مختلفة لرجال وحكام وعشائر وأسباط مختلفة.. ففيها ثمانى مجموعات تعود إلى عصور مختلفة، وهى: 1 - لفائف قديمة تعود إلى عهد الصحراء - (سيناء) - تم تحريرها من قبل أحد أبناء أفرايم - (أى فى أرض كنعان). 2 - ولفائف من تعاليم الكهنة، تمت إضافتها إليها حتى عصر يوشع بن صادق. 3 - ولفائف أعداد الأسباط. 4 - ولفائف باعترافات الأنبياء. 5 - ومجموعات من روايات بيت داود. 6 - وأقوال الأنبياء ومجموعاتهم فى بابل. 7 - وأقوال الكهنة والأنبياء العائدين من السبى. 8 - وتكملات مختارة من عصر الحشمونيين (أى القرن الثامن قبل الميلاد). إن سفر التكوين قد ألف بعد مئات السنين من استيطان اليهود فى فلسطين. وإن مؤلفه لم يكن موجودا قبل عصر إشعيا - (أى حوالى 734 - 680ق.م). بقى أن نقول: إن هذا الكتاب - (العهد القديم) - والذى ينفى علماء اليهود أنفسهم عنه المصداقية ويقطعون بأنه لا يمثل كلمة الله، هو الذى كتب فيه واضعوه ما سموه وعد الله لإبراهيم وذريته بملك ما بين النيل والفرات - وجاء فيه ما ينقض ذلك، إذ ورد فيه أن إبراهيم عليه السلام قد ظل غريبا ومتغربا فى أرض كنعان - فلسطين - لا يملك فيها حتى موضع القبر الذى يدفن فيه زوجه سارة، فاشترى من الحيثيين مكانا اتخذه مقبرة لزوجه، دفع فيه 400 شاقل فضة!.. ومع ذلك تزعم الصهيونية أن الرب قد ملكه ما بين النيل والفرات!!