من الأدباء العالميين الذين دافعوا عن الفقراء وصوروا معاناة المظلومين العباقرة شارلز ديكنز وماكيم جوركى وجوجول والشاعر فيكتور هوجو الذى يحتفل العالم هذا الأسبوع بمرور 128 عاما على رحيله ومن رواياته الراية السوداء و«أحدب نوتر دام» و«البؤساء»، وإذا كانت أحدب نوتردام أهم روايات العصر الرومانسى وقد اكسبت كنيسة نوتردام بباريس شهرة واسعة جعلتها واحدة من أهم المزارات السياحية هناك فإن البؤساء تعد من أهم المؤلفات التى حظيت بأكبر عدد من القراء الفرنسيين ومازالت تحظى باهتمام منتجى المسرح والسينما فى العالم فهى تحوى مشاهد عميقة لمعاناة الإنسان لا تزال حية إلى اليوم، إنها صرخة فى وجه المجتمع القاسى، وهى سبب الموقف العدائى للملك الفرنسى لويس الثامن عشر منه واضطراره للخروج من باريس إلى جزيرة فى القناة المائية الإنجليزية (المانش). ويعتز أهل جزيزة جينزى بأن أحد شوارع جزيرتهم كان يعيش فيه الشاعر الفرنسى الثائر بعد أن نفاه الملك إلى الجزيرة التى لم يطب له العيش فيها طويلا فنقل نفسه عام 1855 على قارب صغير فى جزيرة مجاورة هى جينزى مع مديرة أعماله واستأجر فيها المنزل رقم 2 شارع هوتفيل حيث عاش مع زوجته وأبنائه فى هذا المنزل أكمل هوجو كتابة روايته العالمية «البؤساء» ثم بدأ فى كتابة رواية عن العمال فى البحار استوحى شخصياتها من العمال أبناء الجزيرة ولما توفر لديه المال اشترى المنزل رقم 38 المجاور للمنزل الذى استأجره ليعيش فيه لكن فى نفس الشارع وأسماه منزل «هوتفيل» وطلب أن تكون ديكوراته على الطابع الشرقى وأبوابه لها شكل أبواب قصره الذى كان يعيش فيه فى ميدان «فوسجى» بباريس فى الجزيرة كان يقضى وقتا طويلا فى التفكير والتدبير والكتابة ومنع نفسه من تناول الخمور وكان يقيم الحفلات التى يدعو لها فقراء الجزيرة ليوزع عليهم الملابس والأحذية. عاد فيكتور هوجو إلى باريس واعتبر منزله فى جزيرة جينزى مقرا صيفيا له ولأسرته. توفى أولاده فى حياته ولم يبق منهم إلا ابنته الصغرى أدل، فلما توفى فى 22 مايو 1885 تنازلت أدل وأحفاده من ابنه جورج عن المنزل الخاص به فى باريس والذى عاش فيه من 1865 إلى 1875 وحوله عمدة باريس إلى متحف له حصانة دبلوماسية ورفع فوقه علم فرنسا. ورسم دخول هذا المتحف أربعة يورو وموسم عمله يبدأ من شهر أبريل وينتهى فى شهر سبتمبر من كل عام وأطلقت فرنسا اسمه على شارع فى مدينة «مونتو» على الريفييرا الفرنسية وعلى شارع آخر فى باريس. أما مقره الصيفى فى جزيرة جينزى فقد تحول إلى متحف يتبع الدولة الفرنسية ويرفع فوقه علمها ويفتح للجمهور مقابل 2 إسترلينى للفرد. ومن حبى لهوجو تتبعت آثاره الأدبية وأيضًا ألوان تكريمه فقد زرت متحفيه فى باريس وجينزى ومشيت فى الشارع الذى يحمل اسمه فى مدينة مونتو ومن حبى لأديبنا ومفكرنا وفيلسوفنا عباس محمود العقاد تحسرت على من سعى لقطع رقبة تمثاله فى أسوان، وعلى من حاول أن يلبس تمثال رائدة التنوير أم كلثوم طرحة!! يعد شارع برودواى شارع الفن العالمى إنه طويل يقسم جزيرة مانهاتن بنيويورك إلى نصفين وفيه 53 مسرحا منها ما تخصص فى تقديم الدراما العادية وما يقدم المسرحيات الموسيقية ومنها ما يعرض فن الباليه وقالب الأوبريت. وقد تحولت بعض الأعمال المسرحية إلى تراث لشارع برودواى ثم انتقلت إلى مسارح مدن أخرى مثل إنجلترا وألمانيا وغيرها ومن هذه الأعمال المسرحية الغنائية البؤساء وأيضا مسرحيات «شبح الأوبرا» و«القطط» التى تم عرضها لمدة تزيد على الثلاثين عاما فى برودواى. وفى مصر تم إنتاج «البؤساء» فى فيلمين للسينما يحمل كل منهما نفس عنوان الرواية للفيلم الأول قصة فيكتور هوجو وقام بتمصيرها ميشيل تلحمى وأخرجه كمال سليم وكتب له الحوار والأغانى بديع خيرى وقام بالبطولة عباس فارس وأمينة رزق وبشارة واكيم وسراج منير وفاخر فاخر والمطرب صالح عبد الحى وسعاد حسين وحسن فائق وتم عرضه عام 1943 لأول مرة. أما الفيلم الثانى فقد كتب له السيناريو د. رفيق الصبان والحوار لأحمد بهجت والإخراج لعاطف سالم والبطولة لفريد شوقى وعادل أدهم ومحسنة توفيق وليلى علوى ونبيل نور الدين وعبد الوارث عسر ويوسف وهبى. وقد عرض لأول مرة عام 1978. رحل شكسبير الرواية «فيكتور هوجو» عن عالمنا منذ 128 سنة لكن إبداعاته لم تمت وكلمته باقية فهو شاعر الناس الغلابة فى أى أرض، وأينما وجد البشر كان صادقا فى كلمته والكلمة الصادقة لا تموت ويبقى أثرها فى كل زمان ومكان فقد عبرت عن فقراء الثورة الفرنسية، كما أنها صالحة وصادقة فى التعبير عن فقراء أى ثورة بصرف النظر عن اللغة التى تنطق بها. والعالم المتحضر هو الذى يعرف قيمة العباقرة من أبنائه ومنهم الأدباء والشعراء والفنانون فيفتح لآثارهم المتاحف ولا يغلقها ويبنى لهم التماثيل ولا يعتدى عليها. لقد كرم الفرنسيون شاعر الناس الغلابة فيكتور هوجو ولنقل لهم شكر الله سعيكم واعتدى البعض على رائدى التنوير العقاد وأم كلثوم ولندعوا لهم بالهداية.. آمين.