لا أدرى ماذا فعل د. إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم فى هذه الواقعة الغريبة التى حدثت فى إحدى مدارس طما بمحافظة سوهاج؟.. والتى تعكس الواقع الأليم والخطير الذى تمر به العملية التعليمية فى مدارسنا من الحضانة إلى الثانوى! وأننا ندفع فاتورة أن يقوم بالتدريس كل من هب ودب لسد العجز فى المدرسين بعد إلغاء تكليف خريجى كليات التربية وخريجى كليات رياض الأطفال لسنوات طويلة والاستعانة بأى إدارى أو أمين مخزن للتدريس بالحصة. فالواقعة التى نشرتها الصحف، وناقشتها برامج «التوك شو» تقول إن حضرة المدرس والمربى الفاضل الأستاذ «سامح......» تفتق ذهنه عن حل عبقرى لمعاقبة تلاميذ الصف الخامس الابتدائى الذين يقصرون فى عمل واجب الحساب أن يحضروا معهم «حزمة برسيم.. أى والله برسيم» ويضعونها على طاولة المدرس المحترم وأن أى طفل (10 سنوات) لم يحل المسائل يجب عليه أن يتقدم ويأكل البرسيم أمام زملائه الأطفال.. وسط ضحكاتهم عليه.. وبذلك يكون الحل هو التربية بطعم البرسيم.. واغتيال براءة هؤلاء الأطفال وتشبيههم بالحيوانات التى تأكل البرسيم فى غيط أبيهم! وطبعا ما فعله هذا المدرس غير الفاضل.. والذى أشك كثيرا فى قواه العقلية.. ليست هى الحالة الوحيدة التى يتم فيها اغتيال براءة وثقة أبنائنا فى المدارس، ولكن توجد عشرات الحالات من الضرب والاعتداء اللفظى والجسدى على الأطفال فى المدارس ونسمع كل يوم عشرات الشكاوى من أولياء الأمور باستخدام العنف ضد أولادهم.. وأنهم كرهوا المدرسة بسبب الأستاذ فلان أو الأبلة الفلانية! والسبب أن هؤلاء المدرسين ليسوا مؤهلين تربوبيا ولا علميا للتعامل مع التلاميذ.. وللأسف الشديد تمت الاستعانة بهم لسد العجز.. فى أعداد المدرسين فى القرى والنجوع بالمحافظات.. وكله على الورق تمام التمام! أما بالنسبة لباقى المشاكل التى تعانى منها المدارس فحدث ولا حرج، والكل يعلمها جيدا، ولكن للأسف ندفن رءوسنا فى الرمال.. فكل مؤسسات الدولة عندها آلاف الصفحات عن مشاكل التعليم فى مصر والاقتراحات للخروج من هذه الأزمة الخطيرة.. ولكن نحن غير جادين فى الحل أو المواجهة الجادة، فالمناهج التعليمية متخلفة والمعامل أكثر تخلفا، والمدرسون- رغم الكادر- لا يذهبون إلى المدارس إلا مع بداية العام الدراسى لاصطياد التلاميذ من أجل الدروس الخصوصية، والتربيط معهم، واستخدام درجات أعمال السنة كورقة ضغط عليهم وعلى أولياء أمورهم لابتزازهم. *** إن «حادثة البرسيم» هى نموذج صارخ وخطيرة لحالنا الذى لا يسر عدوا ولا حبيبا فى كل العملية التعليمية وعليه العوض ومنه العوض..