يهدد شلل الأطفال البشر منذ قرون بعيدة لكن الجهود الاستثنائية التى بذلت طوال الأعوام الماضية استطاعت أن تطوق المرض وقال د.مدحت الشافعى أستاذ المناعة والروماتيزم بطب عين شمس ان هذا المرض معدى يصيب الخلايا العصبية فى المادة السنجابية بالجهاز العصبى المركزى وخاصة النخاع الشوكى (Anterior Horn cells)، وقد يؤدى إلى تلف هذه الخلايا وموتها مما يسبب شللا ارتخائيا فى العضلات التى تتصل بهذه الخلايا ولهذا يسمى هذا المرض باسم (التهاب المادة السنجابية الحاد) واذا ماتت الخلايا العصبية تبقى العضلات مشلولة طول الحياة لانه لايوجد علاج للمرض. وعن الأسباب يقول د. الشافعى إن مرض فيروس شلل الاطفال، يوجد منه ثلاث فصائل تسبب كلها نفس المرض ولكنها تختلف فى نوع المناعة التى تسببها فى الجسم، فإذا مرض الإنسان بأحد الأنواع يكتسب الجسم مناعة ضد هذا النوع ويبقى معرضا للاصابة بالنوعين الآخرين. ويعرف الشافعى فترة الحضانة بأنها المدة التى تفصل بين دخول الفيروسات للجسم وبين ظهور أعراض المرض على المصاب وتتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع، مشيرًا إلى أن الإنسان هو المصدر الوحيد للعدوى وذلك فى حالتين، الأولى: من الشخص المصاب بالمرض سواء نتج عنه شلل أم لا، إذ تخرج الفيروسات من المريض مع افرازات الأنف والحلق عند السعال والعطس وفى هواء التنفس خلال الأيام الأخيرة من فترة الحضانة وبعد ظهورالأعراض بأسبوع تقريبا كما تخرج الفيروسات أيضًا مع براز المريض خلال فترة الحضانة والمرض والنقاهة فيكون المريض معديا بواسطة البراز لمدة تتراوح بين شهر وأربعة أشهر. أما الحالة الثانية فهى من الشخص الحامل للفيروس دون ان تظهرعليه المرض ويعتبر حامل الميكروب أخطر من المريض فى نشر العدوى بين المواطنين. ويقول د. الشافعى أن شلل الأطفال سريع الانتشار تحت سن خمس سنوات واذا حدث شلل فقد يمو ت الطفل وإذا عاش فإنه يبقى مشلولا طول عمره بعاهة مستديمة لا علاج لها، وأضاف:يصاب الإنسان بالمرض من خلال عدة الطرق، الأولى: المخالطة المباشرة للمريض بشلل الاطفال حيث تتم العدوى بواسطة الرذاذ الذى يخرج مع تنفس المريض عند العطس أو السعال وكذلك بملامسة يديه الملوثتين بالميكروب يتسم فيروس شلل الاطفال بقدرة فائقة على الانتشار , فقد تبين ان معدل انتشار العدوى عند حدوث إصابة فى أسرة تعيش فى بيئة غير سليمة قد يصل إلى 10% بين الأطفال غير المطعمين (قلة تصاب بالشلل والاغلبية تاخذ العدوى دون ظهور شلل). الطريق الثانى للإصابة بالمرض أكل طعام ملوث بفيروس شلل الاطفال ويحدث ذلك للطعام المكشوف المعرض للذباب والصراصير التى تنقل الفيروس من افرازات المريض مباشرة او من دورات المياه. أما ثالث طرق الإصابة بشلل الأطفال شرب ماء ملوث بالفيروس وتتلوث مياه الشرب عادة اذا خالطتها مياه المجارى ولكن الفيروس إذا كانت المياه معالجة بالكلور بنسبة لاتقل عن نصف جزء فى المليون، ماذا يحدث بعد العدوى ودخول الفيروسات للجسم تتكاثر الفايروسات بسرعة وتصل إلى الدم ويتفاعل الجسم معها محاولا مقاومتها وتختلف نتيجة العدوى من شخص إلى آخر ففى عدد كبير من الحالات 95% لا تظهرعليها أعراض مرضية وفى الحالات الأخرى 5%. ويوضح الشافعى أعراض المرض، من خلال التهاب فى الحلق وألام بسيطة فى البطن وقد يصاحبها قىء أو إسهال ثم يشفى المريض بعد بضعة أيام دون أن يعرف أحد حقيقة الإصابة بشلل الاطفال ولكن الجسم يكتسب مناعة ضد المرض. ويؤكد د. الشافعى على أن الوقاية دائما خير من العلاج ويمكن تلخيصها فى التطعيم ضد شلل الاطفال حيث أن هناك نوعان من هذا اللقاح، الأول: مايسمى لقاح الاطفال غيرالمفعل وهو يعطى بطريق الحقن العضلى فى الذراع أو الفخذ، أما النوع الثانى يعرف بلقاح شلل الاطفال بالفم وهو على شكل نقط تعطى عن طريق الفم يعطى لقاح شلل الاطفال المحتوى على الأنماط الثلاثة لفيروس شلل الاطفال (1,2,3) مناعة لقترة طويلة قد تصل إلى مدى الحياة ويعطى هذا اللقاح عند الولادة، بعمر شهرين وبعمر 4 أشهر وبعمر ستة أشهر وبعمر سنة ثم بعمر 18 شهرو الجرعة الاخيرة بعمر أربع سنوات وكلا النوعان يعطيان مناعة جيدة ضد المرض. ويؤمن لقاخ شلل الاطفال وقاية ممتازة ضد المرض، يمنع انتشار الفايروس من طفل لاخر ويتالف اللقاح الذى يعطى بالفم من فيروس ضعيف. ويشير الشافعى إلى أن هناك حالات نادرة يسبب الإصابة بشلل الأطفال عند بعض الأطفال وخاصة المصابين بنقص فى المناعة مثل ( اطفال المصابين بالسرطان) أو الإيدز أو الأطفال الذين يخضعون للعلاج الإشعاعى أو الكيمياوى أو للعلاج بالكورتيزون لفترة طويلة وكذلك مرضى المناعة مثل الذئبة الحمراء والروماتويد المفصلى وبنسبة واحد لكل ثلاثة ملايين طفل)، لذا يعطى الطفل اللقاح الذى يعطى بالحقن (killed virus) غير المفعل بدلا من النوع الذى يعطى بالفم Weak live virus، مشيرًا إلى أن من أسباب الوقاية من شلل الأطفال إصلاح البيئ: الاهتمام بتوفير مياه الشرب النقية، مع الصرف الصحى للفضلات السائلة بتوفير شبكة جيدة من المجارى التخلص من القمامة واماكن توالد الحشرات الناقلة للمرض مثل الذباب والصراصير. والاهتمام بنظافة الطعام والشراب , مثل عدم شرب الحليب الابعد غليه او بسترته او تعقيمه وعدم ترك الطعام مكشوفا معرضا للحشرات الناقلة للمرض. والابتعاد عن مخالطة المرضى وخاصة الاطفال مهما كان نوع المرض لأن الأعراض الأولية قد تكون بسيطة ولكن خطر العدوى قائم. ماذا تفعل عند حدوث اصابة بالمرض؟ من هذا التساؤل يجيب الشافعى: لما كانت الأعراض الأولى بسيطة وتختلط وتتشابه مع كثير من الأمراض الأخرى لهذا يجب مراعاة اعدد من النصائح أهمها، عرض الطفل على المريض لفحصه عند ظهور اى أعراض مرضية ولو كانت بسيطة وعزل المريض طوال فترة المرض .التزام الراحة التامة فى الفراش حتى تزول الاعراض، عدم تعرض الطفل للحقن العضلية او التدخل الجراحى الا بعد اذن الطبيب، والعناية بتطهير افرازات المريض مثل افرازات الانف والحلق والبراز، ومراقبة المخالطين للمريض لمدة اسبوعين وعزل من تظهر عليه الاعراض، وتوعية المخالطين بضرورة الاهتمام بالصحة العامة والتخلص بصورة سليمة من الافرازات (الأنف والحلق والبراز) لأن المخالطين يكونون حاملين للميكروب وينشرون العدوى، والاهتمام بتوفير التهوية الجيدة فى المنزل والمدرسة التى يوجد فيها مصابون مع مراعاة الابتعاد عن التكدس والازدحام فى الحجرات وإصحاح البيئة بصفة عامة فى المنزل والمدرسة لم يكتشف حتى الآن دواء يستطيع قتل فيروس الشلل أو التحكم فى انتشاره داخل الجسم، ولكن تعتمد درجة الشفاء عند كثير من المرضى على الرعاية الطبية الفورية والتمريض الجيد. وتُعد الراحة التامة فى الفراش أهم علاج لهذا المرض.