تعتقد إسرائيل أن رئيس الوزارء التركى رجب طيب أردوغان هو الرجل الذى قد يعيد الخلافة العثمانية إلى العالم مرة أخرى ، مما يجعل من تركيا المنقذ الحقيقى للدول العربية وعلى رأسها مصر وسوريا ، لهذا تظن تل أبيب الآن أنها أصبحت تمتلك الجواد الرابح فى صراعها مع العالم العربى، فبعد مفاوضات ومحاولات أمريكية إسرائيلية مطولة استمرت ثلاث سنوات، قبلت تركيا اعتذار إسرائيل عن الاعتداء على أسطولها وعادت العلاقات الدبلوماسية بينهما مرة أخرى، ولكنه اعتذار محفوف بالكثير من الشبهات لكلا الجانبين، فتركيا لاقت انتقاداً من سوريا وإيران، كما لاقى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى توبيخاً شديداً من قبل وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان معتبراً الأمر به إهانة كبيرة لكرامة جيش الاحتلال زاعماً أنه كان يحاول مواجهة أعمال إرهابية. ولكن على الصعيدين مازال الاعتذار معلقاً بشروط تركية إلى حين انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلى أولاً من غزة وفك الحصار عنها، فى حين أن إسرائيل تريد مقابل هذا تأثير رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان على حماس لقبول شروط اللجنة الرباعية الدولية، ولكن أنقرة مازالت متمسكة بدفع التعويضات كاملة لضحايا أهالى سفينة مرمرة . ولم يكن الضرر الذى أصاب إسرائيل بقدر الضرر الكبير الذى أصاب تركيا على المستوى الدولى ، فلم يكف الجميع عن ملاحقاتها بالاتهامات والشبهات منذ قبولها اعتذار إسرائيل ، ولم تسلم حتى من إسرائيل التى زعمت أن تركيا كانت مجبرة على قبول الاعتذار ، ولم يكن لديها أى خيار سوى التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل ، لأن الجيش التركى لا يستطيع أن يتفوق أو يعمل بدون التكنولوجيا الإسرائيلية ، وجاء فى صحيفة معاريف الإسرائيلية أن هذا ما تم الكشف عنه بعد إتمام الصفقة الأمريكية التركية لشراء طائرات إلكترونية مقاتلة من طراز AWACS ، بتكنولوجيا إسرائيلية . كما زعمت إسرائيل أن تركيا تحتاج إلى هذه الطائرات لاستكمال نظام دفاعها ضد الصواريخ الباليستية الإيرانية وبدون طائرات اواكس لم يصبح هناك قيمة للرادرار الأمريكى X-band FBX-T الذى تمتلكة القوات الجوية التركية kurecik. يأتى هذا فى الوقت الذى نشر فيه موقع «ديبكا» الاستخباراتى الإسرائيلى تقريراً زعم فيه أن الإحصائيات الاقتصادية التركية أشارت مؤخراً إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية الاقتصادية والعسكرية لم تتأثر بشكل كامل الفترة الماضية، التى شهدت ارتفاعًا شديدًا فى نسبة الصادرات التركية إلى الولاياتالمتحدة، التى يتم تمريرها من خلال الموانئ الإسرائيلية بحيفا وأشدود ،التى كانت قبل عام يتم تمريرها فقط للخليج العربى، عبر سوريا، ثم إلى الأردن والمملكة العربية السعودية. وتوقفت تركيا عن استخدام هذا الطريق منذ اشتعلت حدودها مع سوريا، ولم يبق لتركيا أي خيار سوى أن تحضر السفينة التركية كل الصادرات التركية إلى ميناء الخليج العربى من حيفا، ومن ثم نقلها براً عن طريق السكك الحديدية من خلال إسرائيل والأردن ، خلال العام الذى توقفت فيه الموانئ المصرية تقريبا عن العمل بسبب الوضع الاقتصادي الكارثي الذى تعانى منه مصر إلى الآن، كما بدأت تركيا فى تمرير صادراتها إلى أوروبا والولاياتالمتحدة من خلال الموانئ الإسرائيلية. وكانت عودة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل قد أثرت بشكل سلبى على العلاقات التركية الإيرانية ،بعد أن أكد السفير الإيرانى بتركيا فى حديثه إلى التليفزيون التركى مؤخراً أن اعتذار إسرائيل لتركيا سيعرقل خطة الضغط على إسرائيل من أجل حماية حقوق الفلسطينيين من نظام الاحتلال الإسرائيلى، وتقرب تركيا لإسرائيل سيصيب العلاقات التركية الإيرانية بضرر شديد و سيوقف محادثات اسطنبول من أجل الدفع بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وسيؤدى إلى نتيجة عكسية تماماً لما تأمله تركيا بالنسبة للوضع فى سوريا، حيث إن سوء العلاقات بين تركيا وغيرها من الدول العربية بسبب إسرائيل سيزيد من مشكلة الصراع بسوريا وتحويلها إلى أفغانستان الشرق الأوسط . كما انتشرت أخيرًا مزاعم إسرائيلية استنكرتها تركيا بأن اعتذار إسرائيل لتركيا وانتهاء الأزمة بينهما كان يؤكد أن السبب وراءه الأحداث الدائرة الآن بسوريا واشتعال الأجواء هناك، كما أكد الرئيس السورى بشار الأسد أن السبب وراء عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلحاق الضرر بسوريا. وبعد أن كانت تركيا تحاول فى عام 2011 فى فترة الحرب بين إسرائيل وسوريا الاتفاق مع حزب الله من أجل إيقاف محاولات التنقيب عن النفط والغاز فى إسرائيل شرقى البحر المتوسط ، أدركت تركيا الآن فقط أنها بتعاونها مع أمريكا وإسرائيل بتطوير الحقول النفطية والغاز وتصديره إلى أوروبا سيدفع التطورات الاقتصادية الأكثر أهمية على مستوى العالم والأكثر ربحية فى السنوات التالية بشرق البحر المتوسط على الإطلاق . جاء هذا فى الوقت الذى أعلنت فيه الصحف الإسرائيلية عن مزاعم صهيونية بأن تركيا ، باقتراح أمريكى، أصبحت جزءاً من قوة رباعية مشتركة تحت الإنشاء ضمت معها الأردن وإسرائيل وأمريكا للتصدى إلى الحرب الكيميائية والبيولوجية التى بدأها بشار الأسد بسوريا ، ووقوع الترسانات المتقدمة بأيدى الجماعات الجهادية على الحدود السورية . من شأنه تهديد حالة الأمن بهضبة الجولان ، وسيكون خطوة لتحقيق تحديات إقليمية أخرى بين تركيا وإسرائيل اللتين ما زالت طرق التفاهم بينهما «مثل حديثي الولادة»، تحتاج إلى رعاية.