كيف سيكون مستقبل فنزويلا السياسى والاقتصادى فى الفترة القادمة؟ هل تتغير سياسة كراكاس تجاه عدوتها الأولى واشنطن؟ وهل يسير خليفة شافيز على نفس نهجه أم تكون له سياسة مختلفة؟ أسئلة متعددة طرحتها الصحف العالمية والمحللون السياسيون منذ إعلان نبأ وفاة الرئيس الفنزويلى هوجو شافيز، والذى كان يعد أشهر زعماء اليسار فى أمريكا اللاتينية. لاشك أن رحيل ملهم الملايين، كما كان يطلق عليه، قد يقلب موازين المشهد السياسى فى أحد أغنى بلدان العالم نفطا، حيث يقول «فيودور لوكيانوف» رئيس تحرير مجلة «روسيا فى السياسة العالمية» لوكالة أنباء «نوفوستى» الروسية إنه بعد وفاة هوجو شافيز، ستشهد فنزويلا صراعا سياسيا حاميا، لا يمكن التكهن بنتائجه، لأن القوى السياسية الحاكمة حاليا، مرتبطة بدرجة كبيرة بشخصية شافيز، وبقدرته الكبيرة على شحن الجماهير، مضيفا أن نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى فاز بها شافيز تشير إلى وجود شخصية قوية تمثل المعارضة اليمينية. لذلك فإنه من دون شافيز سيواجه حزبه صعوبة كبيرة فى الاحتفاظ بالسلطة. وحول احتمال حصول تغير فى العلاقات الفنزويلية – الأمريكية، أكد لوكيانوف على أن هذا يعتمد على من سيكون الفائز فى الانتخابات الرئاسية، أما بالنسبة لروسيا ففى حالة فوز معارضى شافيز فإن العلاقات ستكون محايدة. من جانبه، يرى «فلاديمير سوداروف» نائب مدير معهد أمريكا اللاتينية بروسيا، أن كل شئ يرتبط بمسألة إجراء انتخابات رئاسية من عدمه، وقال: إذا جرت الانتخابات بعد شهر، فإن أنصار شافيز سيكونون هم الأكثر استعدادا لها وبالتالى فإن نائب الرئيس «نيكولاس مادورو» سيصبح رئيسا ، وهو يعادى أمريكا أكثر ويميل أكثر إلى روسيا، وسوف يستمر على النهج السياسى لشافيز، أما إذا تمكنت المعارضة من توحيد صفوفها كما حصل فى الانتخابات الأخيرة التى جرت فى شهر أكتوبر الماضى حيث حصل زعيمها إنريكى كابريليس على أصوات حوالى 6 ملايين ناخب، أو تمكنت المعارضة من تأخير إجراء الانتخابات، فإنها ستفوز فى الانتخابات، وستحصل تحولات جدية فى السياسة الداخلية والخارجية لفنزويلا. أما « شو شى» الباحث بمعهد دراسات أمريكا اللاتينية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية فيتوفع ألا تشهد فنزويلا اضطرابات على الأمد القصير على الأقل لعدة أسباب– كما يقول لوكالة الأنباء الصينية «شينخوا»- أولها أن استمرار علاج شافيز لمدة طويلة أهل الشعب الفنزويلى نفسيا لقبول وفاته، وبموجب الدستور الفنزويلى، يتعين إجراء انتخابات رئاسية فى غضون 30 يوما، وبما أن شافيز طلب من الشعب قبل مغادرته كاراكاس للخضوع لعملية جراحية رابعة فى كوبا أن ينتخب نائب الرئيس نيكولاس مادورو إذا لم يتمكن من قهر مرض السرطان، فمن المرجح أن يترشح مادورو فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وربما يصبح رئيس فنزويلا المقبل، أما الأمر الآخر الذى يؤكد على عدم حدوث اضطرابات قريبا هو أنه بالرغم من حصول إنريكى كابريليس على كثير من الأصوات فى الانتخابات الرئاسية التى أجريت العام المنقضى، فإن المعارضة لم تظهر نية للاستيلاء على السلطة عن طريق أعمال العنف، بل طالبت بإعادة الانتخابات، وأخيرا فإنه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد حكم شافيز عام 2002، أجرى الرئيس الراحل تعديلات فى قيادة الجيش، والقيادة الحالية تدين بقدر كبير من الولاء لنظام شافيز. وبالنسبة لمستقبل العلاقات بين كراكاس وواشنطن، ذكرت صحيفة «جارديان» البريطانية أن وفاة شافيز يمكن أن تقدم فرصة لبداية جديدة بين الولاياتالمتحدة وفنزويلا، وأيضا مع أمريكا اللاتينية، مضيفة أنه أمام الرئيس الأمريكى أوباما فرصة لتحسين العلاقات مع الدول التى تأثرت بسياسات شافيز المناهضة لأمريكا، ورد فعل إدارة الرئيس السابق بوش العنيف وغير الذكى إزاءها. وإذا كان الجميع يتحدث عن مستقبل فنزويلا بعد وفاة شافيز، فإن هناك دولا أخرى لاشك أنها ستتأثر بوفاة الزعيم الفنزويلى، ويأتى فى مقدمتها كوبا، فهذه الدولة الاشتراكية والتى تعد من أكبر حلفاء فنزويلا قد تواجه أكبر تحد لها منذ عقود، وقد تزداد عزلتها، وقد تواجه أزمة اقتصادية كبيرة، لأنه منذ بداية التحالف بين كراكاس وهافانا أصبح الاقتصاد الكوبى مرتكزا بشكل كبير على الدعم الاقتصادى الذى تقدمه كراكاس، وفى هذا الإطار أشار تقرير ل «يورونيوز» إلى أن كوبا ستسعى فى حالة تعثر التوافق فى المستقبل مع كراكاس إلى أن تجد شريكا جديدا، ويرى بعض المحللين أنه من المحتمل أن يكون هذا الشريك الجديد الولاياتالمتحدة. وإذا كان المستقبل السياسى لفنزويلا يتوقف على توجهات الرئيس القادم، فإن المستقبل الاقتصادى يبدو غامضا إلى حد ما، وبحسب المحللة السياسية « ديانا نيجروبونتى» فإن فنزويلا اليوم تمر بأزمة اقتصادية خطيرة جدا، وتضيف ل»يورونيوز» أن هناك نقصا فى كل شىء- الأرز، الحليب، القهوة- الأزمة تشمل كل شىء.