ش ليبيا لاتفاقية دفاع مشترك مع فرنسا..هذا على مستوى الحديث أو التناول الإعلامى لكن المصريين -وبصراحة- قلقون تساورهم الشكوك فى إعلان المسئولين الاهتمام الكافى لهذا الملف وسط الأزمات العديدة التى أغرقتهم وفى التحقيق التالى تتناول «أكتوبر» ملف الأمن القومى المصرى ونطرحه على مائدة الحوار بين العديد من الخبراء والمختصين يتناولونه من خلال محاوره العديدة وأزماته الحالية. د.أمانى الطويل مدير الوحدة الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تتحفظ على النظرة الأحادية للمخططات الخارجية، مشيرة إلى أن هذه المخططات لن تجد سبيلًا إلى النجاح إلا بتقاعس النخبة السياسية، وعدم إدراكها لخطورة هذه المخططات. وأضافت: حذرنا من قصور الرؤية الاستراتيجية لمصر منذ عهد حسنى مبارك، وفى عصر النظام السابق نوقش على مستوى النخب السياسية المرتبطة بالحزب الوطنى المنحل أن الدور المصرى فى الخارج هو دور مكلف اقتصاديًا وسياسيًا بالسلب!..وأن على مصر الانكفاء داخلها لتحقيق التنمية الداخلية.. وهذا المنظور مغلوط تمامًا، لأن الدور والنفوذ المصرى خارج الحدود يحقق بشكل مباشر المصالح المصرية، ودليلنا على ذلك أن تعاظم هذا الدور فى الوطن العربى وأفريقيا فى حقبتى الخمسينيات والستينيات مكن مصر من تحقيق أمنها المائى، الذى يعد أحد أهم محددات الأمن القومى، وذلك بتوقيع اتفاقية المياه مع السودان عام 1959 والتى زادت فيها حصة مصر بمقدار 7 مليارات متر مكعب، كما استطاعت مصر بناء السد العالى وهو تحول استراتيجى فى الأمن المائى المصرى، حيث أصبحت القدرات التخزينية المائية داخل الحدود المصرية وليس خارجها، وهذا أحبط المخطط البريطانى الأمريكى فى هذا التوقيت، والذى كان يسعى إلى أن تكون القدرات التخزينية المصرية خارج الحدود المصرية حتى يتم التلاعب بالإرادة السياسية للحاكم المصرى أيا كان وما يؤكد هذا الكلام مقولة للورد كرومر فى بداية القرن العشرين تطرقت إلى هذا الجانب، مشيرة إلى أنه بالمقارنة مع عصر مبارك حتى وقتنا الراهن نجد بوضوح أن انكفاء مصر داخلها طبقًا لمنظور مفكرى الحزب الوطنى المنحل قد تسبب فى خسائر استراتيجية حيث فقدت مصر نفوذها فى افريقيا، وترتب على ذلك وجود مخططات مائية أفريقية تمت بمعزل عن مصر مثل (اتفاقية عنتيبى). قدرات الغرب وأوضحت د.أمانى الطويل أن من ضمن السلبيات تعاظم القدرات الغربية والإسرائيلية داخل أفريقيا ضد المصالح المصرية، ونذكر هنا أن لإسرائيل مخططات استراتيجية فى أفريقيا منذ أكثر من 50 عامًا، وكانت خطواتها الأولى قبل قيام كيانها غير الشرعى ثم تطورت عام 1955 على يد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق الذى اعتمد نظرية «شد أطراف الوطن العربى من تخومه الافريقية والكردية»..وهذه النظرية تقوم على مبدأ إحاطة دول الوطن العربى بتحالفات بين إسرائيل ودول المحيط العربى ضد المصالح المصرية والعربية، بهدف إضعاف القدرات العربية الشاملة عامة، والقدرات المصرية خاصة على اعتبار أن مصر هى العدو الاستراتيجى الأول لإسرائيل، وقد طورت إسرائيل هذه الاستراتيجية عام 1995 لتنتقل من مبدأ شد الأطراف إلى مبدأ (بتر الأطراف) وهذا المبدأ تم تنفيذه فى السودان فانقسمت إلى شمال وجنوب وطبقًا لهذا السياق فإن استمرار غياب الرؤية المصرية، فيما يجرى فى الداخل المصرى على مستوى الصراع السياسى وعدم الانتباه إلى المصالح المصرية الاستراتيجية فى الخارج منذر بالقلق. وتلفت إلٍى أن المسئولين ضحوا بحضور مؤتمر الاتحاد الأفريقى الأخير استجابة للمطالب الداخلية، وهذا أمر يجب الانتباه إليه فورًا ، خصوصًا فيما يتعلق بأفريقيا، ذلك أن حكام مصر العظام السابقين هم من حافظوا على الموارد المائية المصرية، واستطاعوا أن ينمُّوها بينما الحكام الفاشلون هم من أهملوا هذا الملف المهم. وحذرت من المتغيرات الفارقة التى تحيط بمصر من وجود قوى خارجية على الحدود مباشرة من الشرق والغرب وهو أمر يجب الانتباه إليه من جانب كافة القوى السياسية التى تتحمل الجانب الأكبر فى هذه المسئولية، ليكونوا فصيلًا وطنيًا واحدًا يتنافسون فى الملعب السياسى دون ميزات تفضيلية، مع الانتباه إلى المصالح الاستراتيجية المصرية، وعلى ذلك مطلوب من مؤسسة الرئاسة إنجاح الحوار الوطنى الداخلى بأى ثمن، حتى نتفرغ لمواجهة المخططات الخارجية. مناشدة وتناشد الطويل كل القوى السياسية المعارضة وضع المصالح المصرية الاستراتيجية فى بؤرة الانتباه بجانب التخطيط السياسى، وطرح رؤاهم على المصريين فيما يتعلق بالدور المصرى وطبيعته ومحدداته، مشيرة إلى أن الملاحظ أن قوى المعارضة تهمل بشكل واضح البعد الخارجى فى السياسات المصرية، وليس لديها رؤية استراتيجية فيما يتعلق بعلاقات مصر الخارجية، حيث إنها مهتمة بطرح رؤاها فيما يتعلق بالداخل وشددت على أن استمرار غياب الرؤية المصرية، وما يجرى فى الداخل المصرى على مستوى الصراع السياسى، وعدم الانتباه إلى المصالح المصرية الاستراتيجية فى الخارج سيعرض مصر لخطر ربما لم تتعرض له من قبل ذلك، الكرة مازالت فى ملعب القوى السياسية الحاكمة والمعارضة للتوحد حول رؤية استراتيجية مصر تدفع الخطر المحدق بها. تحديات وتهديدات يؤكد د. فتحى الذوق خبير العلوم السياسية بجامعة حلوان أن هناك تحديات وتهديدات للأمن القومى المصرى، وأهمها على الإطلاق الصراع الدولى على منطقة الشرق الأوسط، وما يمثله من مخاطر على الأمن القومى المصرى، تواجه مصر تحديا ثانيا وهو التحدى الاسرائيلى، فبالرغم من توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، فإنه يمكن اعتبار إسرائيل أحد مصادر التهديد للأمن القومى المصرى، أما التحدى الثالث الذى تواجهه مصر هو الانتشار النووى فى المنطقة، حيث إن لدى إسرائيل ترسانة للأسلحة النووية، بالإضافة إلى احتمال امتلاك إيران هذه الأسلحة. أما التحدى الرابع هو مشكلة مياه النيل، لأن منطقة حوض النيل من المناطق الأمنية التى تشكل تهديداً مباشراً وغير مباشر للأمن القومى المصرى. مطامع إقليمية ويلفت د. فتحى الذوق النظر إلى أن هناك مطامع إقليمية سواء من إسرائيل ومشاريعها التوسعية فى الأراضى العربية، أو من المطامع الإقليمية الإيرانية والتى تعد نفسها ووفقاً لمؤشرات متعددة لكى تكون الدولة الإقليمية الكبرى فى الشرق الأوسط. ويواصل الذوق حديثه مؤكدًا ان هناك تحديات داخلية تهدد الأمن القومى المصرى أولها التحديات السياسية فلابد أن تستكمل مصر حلقات التحول الديمقراطى.. وبالرغم من أن الدولة استطاعت أن تحقق شوطًا فى مجال الإصلاح الاقتصادى فى ضوء المبادئ الليبرالية إلا أن حلقات الإصلاح السياسى لم تكتمل خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات الدستورية، ومواجهة ضعف المشاركة السياسية وهناك تحديات اقتصادية من ابرزها عدم نجاح سياسة الإصلاح الاقتصادى ذلك من شأنه أن يخلق فجوة طبيعية عميقة بين الأغنياء والفقراء. فضلًا عن أن هناك تحديات اجتماعية تتمثل فى ضعف التعليم وعدم وصوله لمستويات الإبداع والابتكار وحل المشكلات الملحة.. بالإضافة إلى انتشار العشوائيات، واتساع دوائر الفقر، مما يؤثر على قدرات القوى البشرية الفاعلة، إضافة إلى أن هناك تحديا ثقافيا يتمثل فى القدرة النقدية على مواجهة مخاطر العولمة الثقافية والغزو الأجنبى لنسق القيم المصرية، الذى قد يؤثر سلبًا على السلوك الاجتماعى. ويحذر الذوق من شيوع انتشار أفكار متطرفة تتبناها بعض جماعات الإسلام السياسى التى أعلنت عن رغبتها فى تأسيس دولة دينية تقوم على الفتوى، بحيث تعرض قرارات رئيس الجمهورية وقرارات المجالس النيابية على مجلس أعلى للفقهاء.. وهذا النموذج يتعارض مع الدولة الدستورية المدنية التى تقوم على التشريع تحت رقابة الرأى العام، وليس دولة تقام على الفتاوى الدينية!. مضيفًا أنه يتبع ذلك بعض أصوات التيارات الدينية التى تزعم أن الحدود ليست مقدسة، وينبغى فتحها أمام الفلسطينيين عبر قطاع غزة من خلال فتح المعابر المصرية بدون شروط، حتى ولو تم ذلك بالقوة.. وكل ذلك مضاد للثوابت الوطنية المصرية. جيش وطنى ويؤكد اللواء حسين غباشى الخبير الاستراتيجى أن القوات المسلحة المصرية تعرف ماذا تريد؟ وما هى قدرتها التكتيكية على صد أى عدوان يهدد امن واستقرار مصر. وأضاف غباشى أن القوات المسلحة لديها قوة تدريبية فائقة على أحدث النظم التكنولوجية والاطلاع على كل ما هو جديد فى مجال التسليح العسكرى لحماية سماء وأرض مصر فى أى وقت أو لحظة مشيرًا إلى أن الوسائل والإمكانيات التى تمتاز بها القوات المسلحة على أعلى مستوى من التطور المستمر لمسايرة التكنولوجيا الحديثة فى مجال التسليح وأن لديها القدرة على صد أى تهديد تتعرض له البلاد مهما كانت قوة وصلابة القوات المعادية ولذلك أفخر بأننى كنت ومازلت ابن القوات المسلحة لأنها تصنع الرجال. وقال إن القوات المسلحة حائط صد قوى لجميع حدود مصر من أى عدوان خارجى بما لديها من خطط يمكن توظيفها فى حينه إذا طلب منها ذلك. مناشدا القلة التى تسعى من وقت لآخر لبث الرعب بين المواطنين من ناحية القوات المسلحة بالكف عن ذلك، مشدداً على أن القوات المسلحة قوية برجالها وتعمل لمصلحة الوطن مهما كانت الضغوط. ويرى اللواء عصام بدوى الخبير الاستراتيجى وأمين عام اتحاد الموانى العربية الأسبق أن الحدود الغربية لمصر لها طبيعة خاصة يصعب اختراقها أو اللعب فيها بسبب جبال الرمال الصعبة. وأضاف بدوى أن مسرح العمليات الموجودة فى هذه المنطقة صعب للغاية لأن معظمها صحارٍ ويحتاج لتكاليف باهظة. وأضاف أنه ليس معنى ذلك أن القوات المسلحة غير مؤهلة إذ إنها تملك من الإمكانيات ما يفخر بها كل مصرى. وتابع: حدودنا الجنوبية مؤمنة تماماً وإذا حدث أى شىء لابد أن يكون هناك تحالف مع السودان وهذا مستبعد وليس فى الحسبان لأن السودان يرتبط معنا بمصالح ولم يجرؤ أحد من الجنوب أن يقدم على ذلك وشدد على أن الحدود الجنوبية خط أحمر، مؤكداً أنه يمكن ضربها بالطيران أو البحرية إذا فكر أحد فى اختراقها. وقال بدوى: المشكلة فى الحدود الشرقية لوجود إسرائيل ولكن فى الوقت الحالى أعتقد أنه ليس هناك رغبة من الجانب الإسرائيلى أن يرجع سيناء مرة أخرى لأنه يعى تمامًا قدرة وصلابة وقوة وحماسة وإصرار القوات المسلحة على حماية أراضيها مهما كلفها ذلك من دم، مشيراً إلى أن هناك حسابات وموانع أخرى تقف عائقاً مثل العامل الاقتصادى والاجتماعى وغيرهما. منابع النيل ويوضح د. عبد الأشعل مساعد وزير الخارجية الاسبق أن مصر إذا فك قيدها فانها ستنطلق كما ينطلق المارد من قمقمه ففى الماضى البعيد والقريب انطلقت مصر إلى مجاهل أفريقيا وكانت حدود مصر تشمل سواحل البحر الأحمر حتى كينيا وبلغت أوغندا وفى عهد محمد على وصلت إلى الشام، حيث وقفت عند أبواب القسطنطينية على يد أمين باشا فى معركة (لفارينو) البحرية التى تحطم فيها الأسطول المصرى فى مواجهة مع الأساطيل الأجنبية على سواحل اليونان فى عام 1827. وأكد أن مصر على مدار العصور موجودة فى كل مكان، فالأمن المصرى يقف عند الشام وفلسطين ويبدأ من العراق حتى شواطىء الخليج العربى ثم غربا إلى جبل طارق ثم ينزل إلى منابع النيل فى الجنوب. مصر آمنة وأشار اللواء محمد أحمد قائد الجيش الميدانى بشمال سيناء إلى أنه لا صحة لما تردد من شائعات حول دخول إحدى الحركات الخارجية التى تضر بمصر وأوضح أن هذه الشائعات الغرض منها ترهيب المواطنين ومن يساعد على ترويجها له أغراض سياسية. وأكد أن مصر وحدودها بخير والله حافظها، مشيراً إلى قوة الجيش الذى يجيد التعامل مع كل من يفكر فى أن يعتدى على مصر وأمنها. وطالب الشعب بعدم الالتفات نحو الشائعات حيث إن الغرض منها إثارة المواطنين وإرهابهم. وأوضح اللواء جمال المراكبى قائد المنطقة العسكرية بشمال سيناء أنه لا يعلم شيئاً عن حدوث أو دخول بعض العناصر إلى مصر من بعض التحالفات الخارجية التى تحاول أن تستفيد من التوترات الداخلية والخارجية وتضر بمصلحة الوطن، مشدداً على أن الحدود المصرية آمنة تماماً ولا داعى للخوف والفزع وحتى ولو كان هناك بعض الأخطار، فالجيش قادر على حماية تراب هذا البلد لأنه يمتلك الخبرات والكفاءات. وأكد أن الجيش مستعد للرد على أى هجوم نظراً لتدريب ضباطه على أفضل مستوى قتالى، وكما يضم جنوداً مخلصين يضعون أرواحهم على كفوفهم للدفاع عن أرض هذا الوطن. ويؤكد العقيد على عبد الله الضابط بالمنطقة المركزية أن الجيش قادر على صد الهجمات الخارجية وكل ما يثار شائعات الغرض منها زعزعة الاستقرار وكثرة الفوضى محذراً من أنه فى ظل هذه الظروف لن نحتمل أى شائعات. وأكد أن الجيش مؤسسة عسكرية تخضع للجدية والنظام، مشدداً على احترام الجيش للشرعية والبعد عن الصراعات السياسية.