كلها أخبار لا تسر عدواً ولا حبيباً.. كلها أخبار تؤكد أننا نقترب وبسرعة من حافة الهاوية، وأننا على وشك الوصول إلى محطة الخراب المستعجل!.. الغريب أننا جميعا ندرك ونعرف أن السبب الرئيسى الذى يدفعنا دفعا نحو الهاوية ويقربنا من محطة الخراب.. هو حالة عدم الاستقرار السياسى المستمرة فى البلاد وتصاعد واستمرار الاضطرابات المدنية فى الآونة الأخيرة. الغريب أيضاً أننا جميعا ندرك ونعرف أن الطريق الصحيح الذى ينجينا ويبعدنا عن الخطر اسمه التوافق الوطنى.. ومع ذلك أصبحنا أكثر إصرارا على السير فى عكس الاتجاه الصحيح. متى نتوقف عن صناعة هذه الأخبار المزعجة؟!.. متى نتوقف عن صناعة الخراب المستعجل؟! ترتيب هذه الأخبار لا يهم فكلها أسوأ من بعضها.. كلها تدفعنا نحو حافة الهاوية وتقربنا من محطة الخراب المستعجل!. وهل هناك أسوأ من الأخبار التى تتحدث عن الشلل الذى أصاب ميناء العين السخنة نتيجة إضراب عمال شركة "بلاتينيوم" وشركة موانئ دبى العالمية.. بسبب تمسك العمال بالتعيين فى شركة موانئ دبى مباشرة. خسائر هذا الإضراب قدرت حتى الآن بنحو 300 مليون جنيه.. والمشكلة ليست فى قيمة هذه الخسارة.. صحيح أن مصر تحتاج الآن لكل مليم لكن الخسارة الحقيقية ليست هى ال 300 مليون جنيه وإنما هى وضع ميناء العين السخنة فى القائمة السوداء للموانئ من قبل منظمة "الإيمو" التى تصنف الموانئ العالمية بسبب تكرار الشكاوى من قبل الوكلاء الملاحيين بتوقف العمل بميناء السخنة. وكما يؤكد الخبراء فإن وضع ميناء السخنة فى هذه القائمة السوداء يعنى أن مصر ستحتاج إلى 20 عاما على الأقل لاستعادة الثقة فى الميناء مرة أخرى. هل هناك خراب مستعجل أكثر من ذلك؟! هل هناك أسوأ من هذه الأخبار؟! نعم هناك الأسوأ! *** نشرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية تقريرا عن الكارثة الاقتصادية التى تتعرض لها مصر بسبب اقتراب الاحتياطى النقدى من النفاد. حذرت الصحيفة من تداعيات الانهيار الاقتصادى فى مصر على القارة الأوروبية وقالت إن نصف سكان البلاد لا يحصلون على خبز يكفيهم يومهم.. وتوقعت أنه مع حلول الصيف ربما يتدفق اللاجئون المصريون على أوروبا بشكل غير مسبوق فى التاريخ الحديث.. واعتبرت الصحيفة أن الأزمة الاقتصادية فى مصر أكثر خطرا على أوروبا من أزمتها المالية الحالية (!!!) السفيرة الأمريكية فى القاهرة أن باترسون تقول كلاما قريبا من هذا المعنى.. عندما أشارت إلى أن الأرقام فى مصر ترسم صورة قاتمة حيث إن احتياطى النقد أصبح فى مستوى حرج بعد أن انخفض إلى ما يقرب من 14 مليار دولار. وكنت أتمنى أن أقول إن الجهات الأجنبية تعودت المبالغة فى وصف الأخطار الاقتصادية التى تواجه مصر.. لكن كيف أقول ذلك ونحن نقر ونعترف؟! فالبنك المركزى المصرى نفسه أعلن عن تراجع حجم احتياطى النقد الأجنبى خلال شهر يناير الماضى بنحو 1.4 مليار دولار.. ليصل إلى 13.61 مليار دولار مقابل 15.014 مليار دولار فى نهاية ديسمبر الماضى.. وفى نفس الوقت يؤكد الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والتعاون الدولى أن الاحتياطى النقدى لا يكفى سوى 3 أشهر فقط من واردات مصر.. حيث أن تكلفة الواردات شهريا تبلغ 5 مليارات جنيه. هل هناك خراب مستعجل أكثر من ذلك؟! هل هناك أسوأ من هذه الأخبار؟! نعم هناك الأسوأ!. *** تحت عنوان "ضربة جديدة لمصر" نشرت صحيفة الفاينشيال تايمز البريطانية تقريرا يقول إن الاقتصاد المصرى الذى يواجه مصاعب.. تلقى ضربة موجعة جديدة بعد أن خفضت مؤسسة موديز الدولية من التصنيف الائتمانى لمصر. هذا الكلام معناه أن ثقة العالم فى الاقتصاد المصرى تتراجع بشكل مخيف وهو ما يقودنا إلى كارثة كما يؤكد الخبراء. l عمليات الاستيراد ستكون أكثر كلفة. l الأسعار ستزيد بنحو 20%. l الموردون الأجانب الذين كانوا يقدمون تسهيلات ائتمانية وفترات سماح تصل إلى 4 أشهر لسداد قيمة التعاقدات.. سيتمسكون بدفع كامل القيمة مقدما.. وبالدولار!. l استيراد الوقود سيصبح أصعب وهو ما سيؤدى إلى وجود أزمة مستقبلا خاصة بالنسبة للسولار. l عدم قدرتنا بعد عام من الآن على شراء الغذاء من الخارج.. لأن الاقتصاد المصرى لن يستطيع بوضعه الحالى الصمود لأكثر من عام. المصيبة أن مؤسسة موديز الدولية ربما تقوم فى القريب العاجل بتخفيض التصنيف الائتمانى لمصر.. درجة أخرى إذا استمرت الأوضاع السياسية المضطربة.. والاحتمال الأكبر أنها ستستمر.. لماذا؟! نسمع تفسير مؤسسة موديز الدولية!. تقول المؤسسة إن تصاعد الاضطرابات فى مصر بعد عامين من الإطاحة بحسنى مبارك كان العامل الرئيسى وراء تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر.. وإن استمرار حالة الانقسام بين السلطة والمعارضة يلقى بظلال من الشكوك حول قدرة الحكومة على استعادة الاستقرار وتفادى تدهور الوضع الاقتصادى السيئ. هل هناك خراب مستعجل أكثر من ذلك؟!.. هل هناك أسوأ من هذه الأخبار؟! نعم هناك الأسوأ!. *** على امتداد تاريخ مصر الحديث لم يحدث أن انقسم المصريون بهذا الشكل.. تيار إسلامى وتيار ليبرالى. المشكلة أن هذا الانقسام لا يعكس اختلافا فى وجهات النظر السياسية ولكنه يعكس خلافا حادا وصل إلى درجة العداء المستحكم فأصبح كل فريق يتعامل مع الفريق الآخر وكأنه العدو الأكبر. الغريب أن حالة الانقسام طالت كل فريق على حدة.. التيار الإسلامى بدأ فى الانقسام.. سلفيون ضد الإخوان وجماعات إسلامية ضد الاثنين.. واتهامات متبادلة تنذر بعواقب وخيمة. نفس الحال بالنسبة للتيار الليبرالى الذى بدأ ينقسم على نفسه فأصبحت جبهة الإنقاذ.. جبهات الإنقاذ.. وأصبح زعماء الجبهة خصوما وأعداء لبعضهم البعض. عن أى استقرار نبحث.. وفى أى اقتصاد نأمل؟! *** اعترف الدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية بعجز الحكومة الحالية عن حل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد.. بمفردها.. وأنه يوافق على تشكيل حكومة إنقاذ وطنى. يا سادة إذا غرقت المركب ستغرق بنا جميعا.. ولن ننجو إلا بالتوافق والاتفاق!.