بجانب لعبة صناعة الفُرقة والانقسام التى يمارسها علينا الآن ساسة وإعلاميون هناك لعبة أخطر يتعرض لها عقل البسطاء من أهل هذا الوطن.. أتكلم عن واقعة المواطن المصرى المسحول أمام قصر الاتحادية، هذه الواقعة التى تابعناها صوتا وصورة على الهواء فى كل شاشات الفضائيات، أتكلم عن التعامل الإعلامى والسياسى مع هذه الواقعة، وتحديدا عن شكل ونوع المعلومة أو المعلومات التى وجد الناس فى بلدى عقولهم تتلقاها منذ لحظة وقوع الحادث حتى كتابة هذه السطور.. المواطن تعرض للسحل والاعتداء بالضرب والركل (كما ظهر للمشاهدين على الشاشات).. بيان من الرئاسة استنكر الواقعة.. بيان من وزارة الداخلية اعتبر الحادث خطأ وقدم اعتذار الوزارة عن وقوعه. بيانات من منظمات حقوقية وجهات دولية جاءت فى ذات السياق، ثم يحدث انقلاب معلوماتى مع ظهور أخبار ينكر فيها المواطن تعرضه للسحل من رجال الأمن.. يتبعها ظهور للمواطن بشحمه ولحمه ليدلى باعتراف تفصيلى يبرىء رجال الأمن، مع تعليقات من (كل فضائية نقلت هذا الاعتراف) تجتهد أن تضع كلمات المواطن بين قوسين (عدم التصديق أو التعجب)..مع تعليقات أسرة المواطن وأهله المستنكرين لاعترافه وتُعدل وزارة الداخلية من اعتذارها ليكون عن الطريقة التى جرى بما سحب المواطن إلى عربة الشرطة لإنقاذه من اعتداءات المتظاهرين! .. وفى انقلاب ثالث يتراجع المواطن عن اعترافه السابق ويتهم الداخلية بالضغط عليه للادلاء باعتراف كاذب! .. وفى انقلاب معلوماتى رابع يجد المتابع للحادث نفسه أمام معلومة تقول إنه ربما يكون (المواطن المعترف والمتراجع عن اعترافه) غير المواطن (المسحول) الذى شاهدناه فى الفيديو على الهواء! .. المواصفات الجسديةغير متطابقة بين صورة هذا وصورة هذا التى شاهدناها!! .. هذه هى اللعبة الأخطر، لعبة السماح بتدفق معلوماتى من جهات موثوق فيها فى سياق يحقق الإرباك لعقل المتابع.. .. الإرباك فقط!! ولنا فى الأمر حديث تفصيلى فى مقال قادم.