«إحنا ممكن ننزّل الناس بتوعنا تخلص الليلة».. هذه الكلمات التى أطلقها أحد رؤوس مافيا النظام السابق تكشف جانبا من الحقائق الغائبة - أو التى تم تغييبها عمداً- - فى قضية قتل ثوار 25 يناير. من بين هذه الحقائق أن كثيراً من هؤلاء الشهداء الأبرار دفنوا دون شهادات وفاة!!.. ولم يعرف هويات بعضهم لأنهم ماتوا دون شهادات وفاة، حدث هذا فى ظل نظام حرم الإنسان من أبسط حقوقه: أن يموت معروف الهوية! وهذا ليس غريباً على نظام قتل مصر كلها.. وأضاع هويتها وتاريخها وعقيدتها وحضارتها.. اعتقل بلادنا على مدى عقود داخل زنزانة كبيرة.. لا تختلف كثيراً عن حصار غزة.. لذا فقد استمر فى حصار القطاع وحرض عليه.. ودافع عن القتلة والمجرمين.. فى تل أبيب وأعوانهم وأذنابهم فى كل مكان. التقرير الخطير للجنة تقصى الحقائق يكشف عن الفساد الكبير الذى شهدته وزارة الداخلية .. حينما استوردت كميات كبيرة من قنابل الغاز التى انتهت صلاحيتها عام 2006.. أى قبل الثورة بنحو خمس سنوات. ورغم ذلك استخدمتها قوات الشرطة فى قتل وإصابة الثوار الأبرار..والمصيبة هنا أعظم.. لأن هؤلاء المسئولين لم يستخدموا قنابل الغاز فقط.. بل استخدموها وهى منتهية الصلاحية.. حتى يكون القتل أعنف وأشد فتكاً!! لست أدرى أى ضمير لدى هؤلاء.؟!! نعم إنه الضمير الغائب.. الذى سمح بقتل شباب طاهر صنع أعظم ثورات مصر على الإطلاق.. وتتواصل مفاجآت لجنة تقصى الحقائق لتكشف وقائع خطيرة: qq قيام جهاز أمن الدولة بمطاردة وخطف المصابين من داخل المستشفيات أثناء ثورة يناير.. وكان الأطباء والعاملون الشرفاء يتصدون لهم.. حتى إن طبيباً حراً قال لأحد هؤلاء الضباط: لن تعتقلوه.. ولن يحدث هذا إلا على جثتى؟! وهنا أشير إلى واقعة عشتها وعايشتها بنفسى.. عندما أصيب ابنى يوم جمعة الغضب (28 يناير 2011).. وحملته إلى مستشفيات عديدة.. حتى نجد له العلاج اللازم من طلقات الخرطوش التى أصابت جسده.. وهناك لاحظت مدى الخوف والقلق الذى كان ينتاب الثوار المصابين.. وللأمانة فإن مدير المستشفى الحكومى الكبير ومعه كافة الأطباء والعاملين قاموا بواجبهم على أكمل وجه.. وهذه شهادة حق لهم.. ولكن المأساة الأكبر هى أن بعض ممارسات أمن الدولة مازالت مستمرة لدى بعض أفراد الأمن الوطنى. وكأن ثورة لم تقم.. وكأن عقلية الظلم والاستبداد والتعذيب لم تتغير. وكيف تتغير وقد تم الإفراج عن كثيرين منهم.. رغم ما ارتكبوه فى حق الثوار الأبرياء؟.. إننا نطالب الرئيس مرسى بأن يبدأ فوراًحملة قوية لتطهير وزارة الداخلية.. وفى مقدمتها جهاز الأمن الوطنى.. فلا يجوز أن يظل من شاركوا فى العمل ضد ثوره يناير فى مناصب قياديه أو غير قيادية.. و يجب ألا تستمر ذات العقلية القديمة تحكم وتتحكم فى مصائر البلاد والعباد. يا سيادة الرئيس.. لقد آن الأوان لأن تضرب بيد من حديد - وبالحق والقانون - هذه المافيا المنتشرة كالسرطان فى كل مكان.. خاصة فى المواقع السيادية الحساسة.. لقد آن الأوان لكى نبدأ عصراً جديداً..أن سياسة التطهير قبل التطوير. لقد طالبنا بهذا مراراً. وحان وقت التطبيق والتنفيذ.. دون تأخر أو خوف من أحد. إن هؤلاء الفاسدين المفسدين فى الأرض لديهم سجلات من الانحرافات الأخلاقية والمالية والسلوكية.. وكلها مشهودة وموثقة.. ويجب تقديمهم للنائب العام الآن.. حتى لا يتحول المفسدون إلى أدعياء شرف وأمانة .. وأن يحاربونا بأموالنا التى سرقوها.. وأعمارنا التى أضاعوها. ومن مفارقات تقرير لجنة تقصى الحقائق أن شركة «كومبايند سيستم» الأمريكية هى المورّدة لقنابل الغاز المسيل للدموع!! وكأننا حريصون على شراء أحدث وسائل التعذيب من العم سام! والعم سام نفسه حريص على أن يقدم لنا مثل هذه الأدوات القاتلة.. وليس الدعم الاقتصادى أو حتى المساندة السياسية!! وتتواصل مفاجآت لجنة تقصى الحقائق لتكشف تحالف صناع الشر (رجال أعمال الحزب الوطنى البائد ورجال السلطة بكل أشكالها).. هذا التحالف شارك بشكل مباشر فى محاربة الثورة وقتل المتظاهرين.. حتى إن تاجر سيارات شهيراً استعان هو وأولاده بعدد من البدو المسلحين لقتل متظاهرى السويس الشرفاء.. وقد أكد هذا بعض القيادات الأمنية بالمدينة والذين اتهموا رجل الأعمال بإطلاق الرصاص على المتظاهرين. وهناك سيديهات ستقدمها لجنة تقصى الحقائق.. لتؤكد هذه الوقائع. أما أخطر ما جاء فى التقرير فهو هذه القناة «المشفرة» التى أنشأها وزير الإعلام الأسبق للرئيس المخلوع مبارك.. والتى كان يتابع من خلالها أحداث الثورة كاملة.. بكل دقائقها على الهواء مباشرة!! هذه الواقعة تؤكد مسئوليته هو والأجهزة الأمنية والسياسية عن قتل المتظاهرين.. وتستوجب إعادة المحاكمة لكل رموز النظام السابق.. بأسره. أما المشكلة القانونية القائلة بعدم جواز المحاكمة .. فيمكن التغلب عليها بتعديل القوانين الخاصة بذلك فى مجلس الشورى الذى يقوم بجهد تشريعى كبير ورائد.. فى ظل غياب البرلمان أو مجلس النواب .. وفق المسمى الدستورى الجديد.. نعم إن مجلس الشورى مطالب الآن.. بأن يكثف جلساته لتعويض الفراغ التشريعى الذى نشأ بحل مجلس الشعب.. وأن يضع خطة تشريعية متكاملة تبدأ بالتشريعات الحيوية العاجلة.. وفى مقدمتها صياغة قوانين جديدة تسمح بإعادة المحاكمات إذا ظهرت أدلة وقرائن ثبوتية جديدة.. كما أنه مطالب بإصدار تشريعات حيوية فى مجالات الاقتصاد والإعلام والأمن.. إلخ. لقد شاءت الأقدار والظروف التى نعيشها أن يتحمل مجلس الشورى هذه المسئوليه الجسيمة فى هذه المرحلة الصعبة.. ولكنه جدير بها.. ونحن واثقون فى أنه سوف يحققها على أعلى مستوى. وبعد أن استعرضنا بعض لمحات تقرير لجنة تقصى الحقائق.. فإننا نقترح تشكيل لجان مماثلة فى قضايا خطيرة أخرى.. وفى مقدمتها مذبحة بورسعيد التى راح ضحيتها عشرات الشهداء.. ونحن نعتقد أن هناك أسراراً كثيرة مازالت كامنة وراء هذه القضية. نحن نريد تشكيل لجان تقصى حقائق فى قضايا مافيا الأراضى التى ارتبطت بالحزب الوطنى البائد وبنظامه المنهار.. وأضاعت على الدولة مئات المليارات من الجنيهات. نريد لجنة تقصى حقائق مع مافيا الإعلانات التى تجذرت وتجبرت على مدى العقود السابقة.. بمباركة ودعم نظام مبارك..هذه المافيا التى سيطرت على سوق الإعلانات وقامت بممارسات شائنة.. يجب كشفها وتقديمها للنائب العام فوراً. هؤلاء الذين أثروا بالمليارات الحرام يحاربون الشرفاء الآن. الذين يسعون لإنقاذ مؤسساتهم من الانهيار. لقد تسببت هذه القيادات البائدة فى خلق وضع مأساوى نعانى منه جميعاً.. وحققت ثروات طائلة بالحرام لكنهم مازالوا طليقى السراح رغم كل جرائمهم.. بل إنهم يمارسون نوعاً من الترهيب والإرهاب المعنوى ضد الشرفاء. ونحن نقول لكل زعماء المافيا وأذنابها: إن الشرفاء لا يخشون إلا الله.. وقد آن الأوان للنائب العام لأن يفتح ملفات هؤلاء الفاسدين المفسدين.. دون استثناء!.