أثار قيام شركة «جوجل» «Google» المالكة لموقع «يوتيوب» «Youtube» بعرض فيلم «براءة الإسلام» الذى يتضمن ازدراء الدين الإسلامى غضب الشعوب العربية والإسلامية وكذلك الشعوب الحرة التى تأبى التعرض للأديان والمقدسات تحت أى مسمى ولأى غرض. وقد شرحنا أصداء هذا الفعل الفاحش الممقوت فى مقال سابق، وشرحنا من قبل جرائم ازدراء الأديان على شبكة الانترنت فى القانون المصرى، وسوف نتناول فى هذا المقال موقف القانون الدولى من جرائم ازدراء الأديان وتشويه صور الأديان وازدراء المقدسات والرموز الدينية وذلك فيما يلى: أولاً: موقف الجمعية العامة للأمم المتحدة من قضية تشويه صورة الأديان: أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات بشأن مناهضة تشويه صورة الأديان والحث على التسامح واحترام الأديان السماوية وذلك بدءاً من عام 2006 حيث صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/150 الصادر فى 20 يناير عام 2006 بشأن مناهضة تشويه صورة الأديان و قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/164 الصادر فى 21 فبراير عام 2007 بشأن مناهضة تشويه صورة الأديان وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 62/154 الصادر فى 6 مارس عام 2008 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 63/171 الصادر فى 24 مارس 2009 بشأن مناهضة تشويه صورة الأديان وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 64/156 الصادر فى 8 مارس 2010 بشأن مناهضة تشويه صورة الأديان وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 65/224 الصادر فى 11 أبريل 2011 بشأن مناهضة تشويه صورة الأديان وبالتالى فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة تكون قد أصدرت ستة قرارات لمناهضة تشويه صورة الأديان بدءاً من عام 2006 حتى عام 2011. ومن أهم هذه القرارات القرار الصادر بضرورة تقييد حرية التعبير بقيد عدم ازدراء الأديان وذلك طبقاً للإعلان الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 28/3/2008 وقد أوضحنا ذلك تفصيلاً فى كتابنا موسوعة شرح جرائم الإرهاب داخليا ودولياً. ثانياً: موقف العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2200 آلف (د-21) فى 16 ديسمبر 1966 والذى بدأ سريانه فى 23 مارس عام 1976: تضمنت نصوص العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ما يحث على احترام العقائد والأديان وعدم إثارة الفتن والضغائن ومناهضة دعوات الكراهية والفتن الطائفية أو العنصرية الدينية التى تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف وذلك فى المواد الثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرين وذلك فيمايلى: تضمنت المادة الثامنة عشر من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن: لكل إنسان حق فى حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته فى أن يدين بدين ما، وحريته فى اعتناق أى دين أو معتقد يختاره، وحريته فى إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. كما تضمنت أنه لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته فى أن يدين بدين ما، أو بحريته فى اعتناق أى دين أو معتقد يختاره. وأنه لا يجوز إخضاع حرية الإنسان فى إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التى يفرضها القانون والتى تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. وأوجب العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن تتعهد الدول الأطراف فى هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، فى تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة. كما ورد فى المادة التاسعة عشر من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فى الفقرة الأولى منها أن لكل إنسان حقاً فى اعتناق آراء دون مضايقة. وتضمنت الفقرة الثانية أن لكل إنسان حق فى حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فى قالب فنى أو بأية وسيلة أخرى يختارها. كما ورد فى الفقرة الثالثة من المادة التاسعة عشر أن تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية، وذلك لتحقيق أحد غرضين أولهما احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، وثانيهما حماية الأمن القومى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وقد تضمنت المادة العشرون من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن تحظر بالقانون أية دعاية للحرب كما تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. قد شرحنا ذلك تفصيلاً فى كتابنا موسوعة حقوق الإنسان. ثالثاً: موقف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو (ISESCO) - المنظمة التابعة للمؤتمر الإسلامى المعنية بميادين التربية والعلوم والثقافة والاتصال فى البلدان الإسلامية – من قضية ازدراء الأديان: أدانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( الإيسيسكو ISESCO) فى الندوة الدولية المنعقدة فى 24 سبتمبر 2012 فى مدينة شفشاون المغربية والتى تدور حول (الإيسيسكو والمسلمون فى الغرب) فيلم براءة المسلمين الذى قصد به بعض الحاقدين على الدين الإسلامى والمسلمين الإساءة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتناولت اجتماعات هذه الندوة الصورة النمطية عن الإسلام فى الصناعة الإعلامية فى الغرب ودواعيها ومخاطرها ودور القيادات الإسلامية خارج العالم الإسلامى فى تفعيل الآليات القانونية والأكاديمية والحقوقية لمناهضة مثل جميع صور تشويه الدين الإسلامى فى الإعلام الغربى كما نادت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) فى هذه الندوة بضرورة تفعيل كل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بمناهضة تشويه صورة الأديان وخاصة القرار رقم 65/224 الصادر فى 11 أبريل 2011.