تعيين «صالحين» نائبًا لرئيس جامعة عين شمس الأهلية    أنشطة مكثفة للتدريب المصري الأمريكي المشترك " النجم الساطع - 2025"    وزيرة التخطيط: البرلمان وافق على زيادة مخصصات قطاع الصحة بنسبة 66%    نتنياهو: الجيش الإسرائيلي يعمّق هجومه في مدينة غزة    عراقجي: إيران تدعم وتتضامن مع الشعب الفنزويلي في مواجهة البلطجة الأمريكية    بكين: الرئيس الصيني سيلقي كلمة مهمة غدًا في قمة «بريكس»    وزير الخزانة الأمريكي: الولايات المتحدة وأوروبا تبحثان فرض عقوبات جديدة على روسيا    الجيش الإسرائيلي يزعم تدمير شبكة أنفاق بمدينة غزة    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: إصابة 34 شخصًا في حوادث طرق.. والأوليمبي يتوج ببطولة الجمهورية لليد    أول تعليق من الفتح السعودي بشأن رحيل جوميز لتدريب الأهلي (خاص)    «أهلي 2005» يفوز على فاركو 3-2 في بطولة الجمهورية    "عمل في برشلونة".. أليكس فورمينتو مديراً فنياً لسلة الزمالك    كيمبيمبي يودّع باريس سان جيرمان بعد 20 عامًا وينتقل إلى قطر    5 تحديات كروية والاختبار الرهيب للعميد    نزهة خسوف القمر 2026.. تزايد إقبال الأسر على كورنيش النيل ب المنيا لمتابعة الظاهرة    شارك صحافة من وإلى المواطن    إلغاء الحبس.. قرار عاجل من الاستئناف في قضية "شهاب من الجمعية"    وزير الثقافة يتفقد مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية»    تفاصيل اجتماع لجنة نقابة السينمائيين لاختيار «عيد ميلاد سعيد» لتمثيل مصر في الأوسكار    شابة غامضة تعيش في القاهرة.. سر نجاح أغنيات فضل شاكر الأخيرة    خسوف القمر الدموي.. ما تأثيراته الفلكية على العالم والعلاقات العاطفية؟    نقل رنا رئيس للمستشفى لإجراء عملية جراحية بعد تعرضها لنزيف حاد    وفاء عامر عن إبراهيم شيكا: ساعدته لوجه الله وتعرضت للظلم (12 تصريحا)    إقامة صلاة خسوف القمر 2026 بمساجد شمال سيناء    آخر أخبار الكويت اليوم.. إصدار قانون بالموافقة على مذكرة تفاهم استخباراتية    رئيس جامعة حلوان يناقش مع محافظ القاهرة دعم الطلاب وتعزيز التعاون المؤسسي    العراق والولايات المتحدة يؤكدان استمرار الشراكة وتطوير التعاون في جميع المجالات    جامعة أسيوط تحتفل بتخريج الدفعة 47 من طلاب كلية الحقوق    المجني عليه في واقعة تحطم سيارته على يد الفنان أحمد صلاح حسني: التوكيل أثبت أنها لم تعد تصلح نهائيا    «10 قطارات يوميا».. مواعيد قطارات القاهرة- مرسى مطروح والعودة    تواصل أعمال رصف الطرق ورفع كفاءة الشوارع الرئيسية والفرعية لتحسين البنية التحتية بالمنيا    «المصرية للاتصالات» توافق مبدئيا على عرض الاستحواذ على 75% من مجمع مراكز البيانات الإقليمي RDH    بنك القاهرة يوسع شراكته مع «تيلدا» لاعتمادها كمقدم خدمات تكنولوجية وإتاحة التطبيق كمنصة مفتوحة لجميع البطاقات البنكية    "السباق من أجل الهواء".. مصر تحتفل باليوم العالمي للهواء النظيف بمحمية وادي دجلة    شهداء وجرحى في قصف لطيران الاحتلال الإسرائيلي على شمال ووسط مدينة غزة    منتخب شابات اليد يواصل التألق ويكتسح زامبيا 40/17 ببطولة إفريقيا    نور إيهاب ويوسف عمر يبدآن تصوير حكاية جديدة في مسلسل ما تراه ليس كما يبدو    رئيس حزب العدل ل"الساعة 6": نقف مع دولتنا فى مواجهة تصفية القضية الفلسطينية    العربية لحقوق الإنسان: أوامر الإخلاء حكم بالإعدام الجماعى للمُجوعين فى غزة    موعد صلاة خسوف القمر في السعودية (التفاصيل)    نجاح استئصال ورم ضخم زنة 5 كجم بمستشفى كفر الشيخ العام    كيف تساعد طفلك على التوازن بين الدراسة والألعاب الإلكترونية؟.. استشاري صحة نفسية تجيب    «الرعاية الصحية» تسجل رحلة التطوير الصحي بأسوان في فيلم وثائقي (فيديو)    مدير الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الصحة يتفقد سير العمل بمستشفيات أسيوط    أسامة نبيه يُعدد مكاسب مباراة الشرطة العراقي.. وودية ثالثة مع بيراميدز    سد النهضة.. عباس شراقي: إيراد مصر من مياه النيل لن ينقص هذا العام    كيف يُنَادَى لصلاتي الكسوف والخسوف؟.. الإفتاء تجيب    لتحقق الاكتفاء الذاتى.. بدء إنتاج مشروع ال"30 مليون بيضة" بالخانكة.. وتوقع بزيادة الإنتاج ل60 مليون    "سلامة الغذاء" تكثف حملاتها التفتيشية على أماكن بيع "حلوى المولد" والأسواق    أول دفعة قاضيات في تاريخ مجلس الدولة يؤدين اليمين أمام رئيس المجلس    القبض على عامل ووالدته وشقيقته لاتهامهم بالتعدي على أفراد أمن مستشفى الرمد بالجيزة    ننشر اسماء ضحايا حادث ميكروباص دمياط    الإهمال في رعاية المسن يعرضك للعقوبة القانونية.. اعرف التفاصيل    «100 يوم صحة» تطلق قافلة طبية شاملة بنادي هليوبوليس    استشهاده ختم أصعب مرحلة فى تاريخ الكنيسة الأولى    طلاب المدارس الدولية يبدأون العام الدراسى الجديد 2026    ماذا يفعل المسلم عند خسوف القمر ؟    ردد دعاء البعد عن الذنوب: «اللهم إني أبرأ إليك من كل ذنبٍ اقترفته وأتوب إليك توبةً لا عودة بعدها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«برتيتا».. فيلم يجعلك تترحم على «كمال الشيخ»!
نشر في أكتوبر يوم 04 - 11 - 2012

هذا فيلم غريب الاسم، ساذج السيناريو، ركيك البناء، يُفترض أنه من أفلام التشويق المصرية، التى استعادتها السينما بعد النجاح الجماهيرى والفنى لفيلم «ملاكى إسكندرية»، ولكنك فى الحقيقة أمام فيلم يجعلك تترحّم طوال الوقت على الراحل الكبير «كمال الشيخ»، الذى صنع كلاسيكيات النوع، بإمكانيات أقل بكثير.
أتحدث عن الفيلم المصرى الجديد «برتيتا» الذى كتب قصته «وائل عبد الله»، وكتب له السيناريو «خالد جلال» منفرداً، كما تقول عناوين الفيلم، أو بالاشتراك مع «وائل عبد الله» كما تقول الأفيشات، وأخرج الفيلم «شريف مندور»، عموماً، ومهما كانت الأسماء المشاركة فى السيناريو، فإن «الورق»، كما يقولون فى مصر، هو سبب المشكلة، وهو الذى انتهى بفيلم تشويقى، إلى ما يقترب من الكوميديا، وهو أيضاً الذى جعلنا نقضى كل هذا الوقت الضائع مع غموض أوضح من الشمس.
تقوم أفلام التشويق على حشد أدق التفاصيل فى بناء محكم، أى خلل فى البناء يمكن أن يهدم الفيلم كله، و«بارتيتا» يستسهل فى كل شىء، ويترك ثغرات يمكن أن ينفد منها فيل ضخم، وبينما يوضّح الفيلم أشياءً نعرفها، فإنه يترك تساؤلات معلّقة فى الهواء، أما تفسير العنوان فهو الاسم الذى يطلق على جلسات القمار الخاصة فى المنازل، ذلك أن لعبتنا كلها دّبرت ذات ليلة، على مائدة قمار بين ثلاثة أطراف، طمعاً فى فلوس الطرف الرابع، ألا «لعنة الله على القمار»، على رأى الراحل «سراج منير» فى فيلم «عفريتة إسماعيل ياسين».
ولكن السرد فى «بارتيتا» يبدأ مضطرباً ومتلعثماً ومُتهتهاً لكى يلقى إلينا بحشد من المعلومات، يتخلص منها فى فلاشات بدائية على الماضى،على طريقة سينما الأربعينيات. بطلتنا «منى» (كندة علّوش) تعيش فى فيلا بمنطقة أبوتلات الفاخرة، تسترجع ما بين الشاطئ والفيلا المعلومات التالية: أمها «مادلين طبر» أصيبت بالاكتئاب بسبب معاملة الزوج «تميم عبده»، الأم كانت تتعاطى حبوباً مضادة للاكتئاب انتهت بها الى الانتحار، الأب القاسى رفض زواج ابنته من شاب يعمل عنده اسمه «ماجد» (أحمد صفوت)، بحجة أنه من أسرة فقيرة، ولكنها تتزوجه رغم أنف والدها، الشاب يعانى من البطالة بعد طرد الأب له، فيضرب «منى» التى تلجأ الى الفيلا، وتطلب الطلاق.
فى الفيلا، لانجد سوى «منى» وحيدة وحزينة، يزورها بين وقت وآخر «طارق» ابن عمها من الفرع الفقير فى الأسرة (أحمد صلاح السعدنى)، وهو أيضاً موظف عند والدها، وزوجته «وسام» (دينا فؤاد)، لن تحتاج الى وقت كبير لكى تشك فى هذا الثنائى، خصوصاً أن «وسام» تظهر فجأة داخل الفيلا، كما أن المسرح ملائم تماماً : فتاة وحيدة ثرية ومريضة، «وسام» تلح عليها أن تبتعد عن تناول أدوية الاكتئاب حتى لا تلقى مصير أمها، كما تتابع «وسام» إحضار وثيقة طلاق «منى» من زوجها «ماجد». الثغرة المضحكة هنا أن أدوية الاكئتاب لا تؤخذ ولا يتم التوقف عنها بناء على طلب الجماهير أو الأصدقاء، ولكنها تعطى من خلال متابعة طبية صارمة، وعند تقليلها أو منعها لا يتم ذلك فجأة كما فعلت «منى»، بناء على طلب «وسام»، وإلا حدث انهيار شامل، ولكن يحدث ذلك بالتدريج . يعنى ذلك ببساطة أن كتّاب الفيلم لم يدرسوا هذه التفصيلات المهمة والدقيقة، وفى مشهد آخر قادم، سيقول طبيب نفسى ذهبت إليه «منى» إن الوحدة وأدوية الاكتئاب هى التى دفعت الأم الى الانتحار، وهو أمر بالطبع غير صحيح طالما أن الدواء يتم تحت إشراف طبيب.
المهم أن «منى»، وقد توقفت عن تناول الأدوية النفسية لن يحدث لها أى انهيار، على العكس فإنها ستعيش لحظات سعادة غامرة مع حبيب مجهول مثل أى مراهقة شابة، فقد ظهر رجل مفتول العضلات (عمرو يوسف) يتصل بها تليفونياً، ثم يأخذها للغداء، ثم يأخذها إلى يخته الخاص، ويقدم نفسه إليها باسم «أشرف»، تنجرف فى علاقة حب معه، ويبدو واضحاً أنه يعرف عنها معلومات تفصيلية مما يجعلك تشك فيه على الفور، وهكذا، وبعد ما لايزيد عن نصف الساعة، تستطيع أن تخمن بسهولة أطراف مؤامرة قادمة وهم: «أشرف» و«طارق» و«وسام».
فجأة تتلقى «منى» خبر وفاة والدها، يعتذر زوجها الجديد «أشرف» عن الذهاب الى العزاء (..)، عند فتح الوصية، تخبر «منى» المحامى و«طارق» و«وسام» أنها تزوجت، يندهش الجميع مؤكدين أنها مازالت على ذمة زوجها الأول «ماجد»، يبدأون معها رحلة بحث عبثية ومضحكة عن زوجها الثانى «أشرف» الذى اختفى تماماً، طبعاً لن يعثروا عليه، مما يؤكد فى ذهنك الشكوك حول اشتراكه فى المؤامرة.
يتذكر السيناريو حكاية مرض «منى»، تدخل الى مستشفى فاخر أشبه بالمنتجع السياحى، الطبيب المعالج ( أحمد زاهر) أشبه بأصحاب الكازينوهات فى الأفلام الأمريكية بشعره الطويل، يمسك ورقة وقلما، وفى دقائق معدودة يفسر مشكلتها، ومشكلة أمها المنتحرة، وينتهى إلى أن حكاية «اشرف» هذه مجرد أوهام مريضة.
ورغم ذلك، فإن المريضة تنجح فى إقناع طبيبها بأن يترك عمله، ويذهبا معاً الى مكان لقائها مع «أشرف»، هناك تشاهده مع بعض السائحين، ولكنه يختفى من جديد، وفجأة تختفى «منى» نفسها تاركة رسالة بأنها انتحرت مثل أمها، ولأنها «عُهدة» الطبيب، فإنه يتابع العثور على جثة مشوهة أكلتها الأسماك، يضحكنى الفيلم كثيراً عندما يقول «طارق» فى المشرحة أنه غير متأكد من أن الجثة ل «منى»، ولكنه «حاسس» أنها كذلك.
هذا فيلم أحاسيس إذن، وبناء عليه يتم دفن الجثة التى أحس «طارق» بأنها ل «منى»، ثم يكشف السيناريو أوراقه المكشوفة أصلاً عندما يحاول «أشرف» ابتزاز شريكيه «طارق» و«وسام»، ذلك أن الأول وجد أن الشيكات التى حصل عليها بلارصيد، وفجأة أيضاً وبلا مقدمات، تظهر «منى» ل «أشرف»، دون أن نعرف كيف وصلت إليه، ولا كيف رتبت الاختفاء والظهور وهى إنسانة مريضة ومشوشة توقفت منذ مدة طويلة عن تناول الدواء، بل إنها عرفت (من وراء ظهرنا) أن الاسم الحقيقى ل «أشرف» هو «خالد»!
فى مشهد كوميدى آخر، يعترف «أشرف»، الذى هو «خالد»، للمريضة «منى» بكل تفاصيل المؤامرة التى ولدت على مائدة القمار، وبينما تهدده بماسورة حديدية، يوافق على أن يستدرج «طارق» و«وسام» لمنزله لكى تسمع «منى» اعترافهما، وهناك ستعرف «منى» للمرة الأولى أن «وسام» هى التى قتلت والدها بجرعات زائدة من الدواء، وكان دور «أشرف» أن يتزوج «منى» عرفياً ثم يختفى مقابل الحصول على مليون جنيه من ميراث الأب.
شاهدنا طوال الفيلم «منى» كفتاة حزينة ورومانسية وخائفة، ولكنها عندما تسمع هذه الاعترافات، تتملكها روح الانتقام، تترك مفاتيح أنابيب الغاز الكثيرة فى المنزل، والتى يبدو أنها استوردت خصيصاً لهذه المهمة، تغادر المكان، وعندما يشعل «طارق» سيجارته، ينفجر المنزل.
فى المشهد الأخير، نسمع صوتأ يسأل «منى» عن «خالد» أو «أشرف» فتقول له إنها مجرد أوهام، من صاحب هذا الصوت؟ الأرجح أنه الطبيب، كيف عرف حكاية خالد؟ وهل شارك فى مؤامرة اختفاء مريضته ثم ظهورها؟ وكيف ساهم فى المؤامرة المضادة فى حين إنه لم يصدق أصلاً كلام مريضته؟ الله وحده أعلم بإجابة هذه الأسئلة فى الفيلم الساذج العجيب.
أداء الممثلين: الأفضل هو «عمرو يوسف»، ملأ الفيلم حضوراً وحيوية، يتقدم هذا الممثل الشاب من عمل إلى آخر، أما «كندة علوش» فحافظت على تعبير واحد تقريباً طوال الفيلم ينقل إليك شعورا بالكآبة الشديدة، بدت أيضاً أكبر سناً من فتاة شابة تتزوج لأول مرة، أو تعيش حالة حب كمراهقة، اجتهدت «دينا فؤاد» فى دورها، بينما كشف «أحمد صلاح السعدنى» تآمره ومكره مبكراً بنظرات عينيه، وبالمبالغة فى التعاطف مع «منى»، والحزن على والدها الراحل، وقدم «احمد صفوت» أداء متذبذباً يذكرك بالأدوار التليفزيونية، الفيلم بالمناسبة شهد ظهور ممثلين غابوا عن الكاميرا طويلا مثل «مادلين طبر» و«نادية فهمى» التى قامت بدور عرّافة تتنبأ بانتحار الأم، وتحذر ابنتها من نفس المصير، وكأننا فى مسرحية إغريقية من تأليف «إسخيلوس»، وليس فى فيلم متواضع البناء والحبكة.
لابد من الإشارة رغم ذلك الى عناصر فنية مميزة جداً مثل صورة «مصطفى فهمى» وموسيقى «خالد حماد» وديكور «محمد مراد»، ولكن كل ذلك لم يستطع إخفاء كوارث السيناريو الركيك، ولم يمنع من أن نتذكر «كمال الشيخ» وفريقه المميز، لقد كانوا أكثر موهبة و نضجاً واحترافاً فى صنع أفلام النوع وروائعه الكلاسيكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.