رغم المكانة الكبيرة التى حققتها الأغنية النوبية، ووصولها إلى العالمية من خلال موسيقيين نوبيين عالميين، مثل على كوبانا التى كانت أغنياته تحتل المراكز الأولى فى الغرب، وحتى على المستوى المحلى من خلال أصوات سمراء جميلة من أبرزهما الكينج محمد منير، والملحن الكبير الراحل أحمد منيب والمطربة النوبية «ستونة» إلا أن الاغنية النوبية لاتزال تعانى من تهميش الإعلام لها، ويشكو أهالى النوبة من عدم إذاعة أغانيهم فى الإذاعة والتليفزيون، فى الوقت الذى تقدمان فيه اغانى بكل لغات العالم.. ويقول الناقد الموسيقى د.أحمد مرسى: «كلنا يعرف ماذا تعنى الاغنية، فالاغنية يصنعها الانسان وهى ايضا تصنع الناس، ويمكن ان تصوغ الاغنية وجدان الناس وسلوكهم، وتؤكد بعض الصور سواء كانت سلبية أو ايجابية». ويضيف مرسى أن الشهرة تكون عادة للمغنى لا المؤلف ولا الملحن، وإن كانت الاغنية فى النهاية هى شركة بين المؤلف والملحن والمغنى، وقد قالوا أن أعذب الشعر أكذبه ولكن هذا غير صحيح فأعذب الشعر أصدقه وأعذب الفن أصدقه، وهناك ألوان كثيرة من فن الغناء مثل الأغنية النوبية، ولكن هناك تصور اننا عندما نتحدث عن تنوع ثقافى داخل المجتمع المصرى، فاننا نشق المجتمع وانما التنوع هو اثراء ولا يوجد اى نوبى يفكر فى اقامة الدولة النوبية وانما اقصى ما يتمنوه وهو حقهم هو ان يصبحوا جزءا من هذا الوطن، وتقسيم مصر لن يحدث والانتماء فى مصر لابد ان يكون لمصر وليس لأى شىء آخر». من جانبه قال الشاعر الغنائى عماد حسن: «الغناء هو أقرب فن للناس ويمارسونه بصفة يومية فهو يصاحب الإنسان فى كل لحظاته ومشاعره وفى كل المواقف ودائما ما يكون معبراً عنهم وعن حالة المجتمع الذى يعيشون فيه، والمهم القيمة التى أوصلها للناس من خلال الاغنية، ويجب ان يكون هناك حرية فى الابداع.. انا مبدع اذن انا حر، والحرية تجعلنى اعبر عن كل شئ بمصداقية حتى يصل ما اكتبه للناس». وتابع قائلا: تحكمنى فى العمل قيم الحرية والحق والمساواة ودورى موجود مهما اختلف شكل الحكم سواء كان حكما ليبراليا أو أى حكم آخر فهذا لايعنينى ودورى مستمر وسأظل أبدع لأقدم فنا محترما يصل للناس» . أما الملحن ايهاب عبد السلام فقال: اذا كان الشاعر يعبر عن مشاعره فى النص فمطلوب من الملحن الذى سيتعامل مع هذا النص ان يفهم مقصد الشاعر ويقرأ ما بين السطور ليعبر عن المعنى المقصود واذا لم يفهم مقصده فيكون التعبير سطحيا، والملحن الحقيقى هو الذى يمتلك ادواته ويلم بالمقامات الموسيقية وما يعبر منها عن ثقافته أو ثقافة الآخر ويستطيع أن يصنع منها توليفة توصل ما يقصده باللحن والأغنية، والموزع الموسيقى هو الذى ينظم عملية العزف ويصنع اطاراً وشكلا للحن وعن طريقة يقدم اللحن للجمهور والتوزيع الموسيقى مرتبط جدا بالحالة الثقافية للموزع ولكن المطلوب من الموزع أن يكون ملماً بجميع الثقافات . وعن علاقة الاغنية بالثقافة وخاصة الثقافة النوبية ..تحدث مصطفى عبد القادر أحمد من ابناء النوبة وقال :»الجميع يسمع أغانى نوبية ويشاهد افراح نوبية وتشاهدونهم يرقصون ويغنون والاغانى النوبية التى تسمعونها فى الأفراح أغانى بسيطة، والأغانى النوبية هى شعر كأى اغنية أخرى وهى رافد من روافد قناة مهمة جدا فى الأدب الشعبى وهى الفن الشعبى». واضاف عبد القادر: أود أن اوضح ان الاغنية النوبية تتواكب مع الاغنية العربية، وتحمل ثقافة الجماعة النوبية وقد شاءت الأقدار أن تكون لغتها غير مكتوبة فهى ثقافة شفاهية والأغنية النوبية فى هذا الإطارلا تختلف عن أى أغنية فى مراحل تطورها فقد نشأت وتطورت مثل الأغنية هنا فى مصر أو أى مجتمع آخر ومنها أشكال مختلفة كالتواشيح والأغانى وهناك نصوص كثيرة فى مدح الرسول (ص) ونصوص فى الأدب الشعبى العربى وقصص اجتماعية ونصوص دينية تماما كما فى الاغنية العربية فيوجد نص نوبى كامل عن الاسراء والمعراج، اما النماذج الباهتة التى يقدموها فى بعض القنوات فهى ما انتهت اليه الاغنية النوبية. وعن المحتوى الثقافى للأغنية النوبية قال: اللغة عائق كبير فى توصيل معانى الاغنية النوبية إلى الجمهور، وكانت الاغنية تواكب الاحداث ولكنها لم تجد اهتماما من الاجهزة المسئولة فى الدولة فنحن نعانى من عدم اهتمام الإعلام بإذاعة الأغنية النوبية رغم انها تذيع اغانى بكل اللغات».