من الدعائم الأساسية وأدب الحوار هو عندما نختلف يكون اختلافنا بالحسنى لأنه إذا استخدمنا ما أمرنا الله تعالى به فى كتابه العزيز حين قال "( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ففى هذه الآية نجد أن التعبيرالقرآنى يبين لنا أن للحوار آدابا فتفسير هذه الآيات أنها تحدد لمن الموعظة الحسنة لمن يكون الجدال؟!! فالموعظة تكون إلى الموافقين الملتزمين بالمبدأ والفكرة لأنهم لا يحتاجون إلا إلى موعظة تذكرهم وترقق قلوبهم وتجلو الصدأ عنه، وتقوى عزائمهم إما الجدال فيكون عادة للمخالفين أو ضعاف النفوس الذين قد يدفعهم الخلاف إلى القسوة فى التعبير أو الخشونة فى التعامل أو العنف فى الحوار فكان من الحكمة كما قال تعالى وجادلهم بالتى هى أحسن، ويكون أسلوب المجادلة والتعبير بألطف الكلام لا أغلظه كقوله تعالى ( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) فنحن الآن فى أشد الحاجة إلى أسلوب راق للحوار نركز فيه على نقاط الالتقاء ومواضيع الاتفاق بين المحاورين لأن الخلافات بين الأفراد والفئات ظاهرة ليست بجديدة على المجتمع المصرى والإسلامى، ولكن الآن زادت بشكل كبير لأن الذى يحكم قضايا الخلاف الآن هو اتباع الهوى الذى يعمى ويصم أو يضل عن سبيل الله وهو مالمسته للأسف الشديد فى كثيرمن ألوان الخلاف التى وقعت مؤخراً ولاتزال تقع بين جماعات أو إضراب أو أفراد وقيادات بعضهم البعض فكثير يرجع إلى أمور شخصية وتطلعات ذاتية أو تصفية حسابات وإن كانت تغلف بالمصلحة، ولذلك فقد حرصت التربية الإسلامية فى القرآن والسنة على تكوين الإنسان المؤمن الذى يجعل غايته رضا الخالق لا ثناء الخلق وسعادة الآخرة لامنفعة الدنيا وإيثار ما عند الله على ماعند الناس. وقال تعالى (مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) لذلك فقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من التناحر والاختلاف حتى لا تكون الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا أو لندعو الله فى هذه الأيام المباركة التى يتوجه فيها حجيج بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج أن يكون إخلاصنا لله وحده وأن نتجرد للحق سبحانه وتعالى. فعلينا أن نعى جميعا أن معركتنا التى تخوضها الأمة الإسلامية من المحيط للمحيط من أجل التحرير والبناء والتقدم والوحدة على أساس من ديننا الحنيف توجب علينا أن ننسى كل الخلافات الفرعية ونقف صفا واحداً أمام المتربصين بنا ونتعلم كيف يكون الاختلاف فيما بيننا، لأن الله تعالى يحب الذين يقاتلون فى سبيله أن يكونوا كالبنيان المرصوص وحتى نصل إلى طريق السلامة بحوارنا الهادئ المفيد للفرد والأمة الإسلامية وأن تكون كلمات الرسول صلوات الله عليه وسلم التى ألقاها يوم حجة الوداع منذ أربعة عشر قرناً ويزيد أقامت بيننا موازين العدالة ودعمت أركان الإسلام فى كل مكان وأخذت بيد الإنسانية إلى بر الأمان وشاطئ السلام ونسأل الله السلامة وكل عام وأنتم بخير.