نسألك يا الله أن ترد إلينا رشدنا.. وأن تعيدنا إلى نفوسنا الطيبة والتسامح.. وأن تغفر لنا تطاولنا وتجاوزنا مع أبناء الوطن.. بل ومع الوطن نفسه.. فقد تسابقنا فى الإهانة.. حتى استخف بنا عدونا اللعين واستخدم بعض الخونة منا لكى يضرب أولادنا وشبابنا على حدودنا فى لحظة مباركة تفتح فيها أبواب السماء لكل صائم، وهو يحمد ربه الذى أعانه على الجوع والعطش والشهوة فابتلت العروق.. وذهب الظمأ وثبت الأجر والثوب بإذن ربنا سبحانه وتعالى.نسألك يارب الأرباب أن تهيئ لنا الأسباب وتفتح الأبواب وتذلل الصعاب وأن تكشف عنا الهم والغم والحزن.. وأن تجد الأمة ما فقدت من نخوة ومروءة وشهامة وتسامح بين بعضها البعض.. وأن نختلف لوجه الله والوطن ولا نختلف على مصالحنا الضيقة وأطماعنا الزائلة. وأن يمر بنا العيد وقد لبسنا الجديد فى عقولنا.. فنغير تفكيرنا النمطى البليد الكسول إلى همة وعمل وابتكار وأن نرتدى فى هذا العيد ثياب الكبرياء والشموخ ولا يستخف بنا عدونا ويخادعنا بأقوال.. وعكسها الأفعال وأن يستخدم ضدنا الأندال والجواسيس والأعوان.. بينما يده القاتلة المجرمة الملوثة تبدو بعيدة وبريئة.. وهى المدبرة والفاعلة والمستفيدة. يارب هيئ لنا ثوب الحياء والعفاف والإخلاص فقد تكالب علينا اللصوص والفسدة والأنجاس نهبوا ولم يشبعوا وسيطروا ولم يقنعوا.. واستبدوا ولم يرجعوا.. وباعوا الثروات والطاقات حتى فاضت خزائنهم وبطونهم ونسألك يا الله أن تجعلها نارا موقدة عليهم فى العاجلة وفى الآجلة. يارب.. فى هذا العيد نسألك يقظة من الغفلة والسُبات من حركة من بعد الثبات.. إن أمرنا صعب مستعصب لا يحمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ولا يعى حديثنا إلا صدور أمينة وأحلام رزينة. أيتها النفوس المختلفة والقلوب المتشتتة الشاهدة أبدانهم والغائبة عنهم عقولهم.. تريدون الحق وأنتم منه تنفرون.. وتبحثون عن العدل وأنتم له قاتلون.. يا من تخشون جهل الجاهل.. أن يضلكم بما يقول.. وتخافون الجانى والظالم.. الآكل للحقوق وصاحب المطامع الذى يتغافل عن المسكين والجائع. يارب.. نحمدك على ما أخذت كما نحمدك على ما أعطيت وعلى ما أبليت وابتليت يا باطن لكل خفية يا حاضر لكل سريرة ويا عالم بما تكن الصدور وما تخون العيون ونشهد أن لا إله غيره وأن محمدا نبيه ومصطفاه شهادة يوافق فيها السر الإعلان ويتوحد بها القلب واللسان.. وأنتم يا أهل العصمة.. ارحموا أهل الذنوب والمعصية وأن يكون شكركم هو الغالب عليهم والحاجز لهم عنهم فكيف بالعائب الذى عاب أخا وعيره ببلواه.. ألا يذكر كيف ستره الله فى عيبه.. وحجب عن الناس ذنبه كيف أرمى غيرى بذنب أنا ارتكبته، ورحم الله الإمام على كرم الله وجهه عندما قال: (يا عبد الله لا تعجل فى عيب أحد بذنبه فلعله مغفور له ولا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلك معذب عليه). إن الله يبتلى عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات وإغلاق خزائن الخيرات ليتوب تائب ويقلع مقلع ويتذكر متذكر ويزدجر مزدجر وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سببا لدرور الرزق ورحمة الخلق اللهم إنا خرجنا إليك من تحت الأستار والأكنان راغبين فى رحمتك.. وراجين فضل نعمتك.. وخائفين من عذابك ونقمتك.. اللهم فاسقنا غيثك ولا تجعلنا من القانطين ولا تهلكنا بالسنين.. ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا يا أرحم الراحمين.. اللهم إنا خرجنا إليك نشكو إليك ما لا يخفى عليك حين ألجأتنا المضايق الوعرة وأحاطت بنا الحياة المجدبة.. واستعصت علينا المطالب المتعسرة وتكاثرت علينا الفتن المستعصية. اللهم إنا نسألك ألا تردنا خائبين.. اللهم انشر علينا غيثك وبركتك ورزقك ورحمتك.. وأسقنا شربة نافعة مروية تنبت بها ما قد فات وتحيى بها ما قد مات. قد طلع طالع ولمع لامع ولاح لائح واعتدل مائل واستبدل الله بقوم قوما.. وبيوم يوما افق أيها السامع من سكرتك واستيقظ من غفلتك واختصر من عجلتك وضع فخرك واحطط كبرك واذكر قبرك فإن عليه ممرك وكما تدين تدان، وكما تزرع تحصد.. وما قدمت اليوم تقدمه عليه غداً.. فامهد لقدمك وقدم ليومك فالحذر الحذر فلن يتأخر الحساب واعتبروا يا أولى الألباب. والحمد لله الذى لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر الدال على قدومه بحدوث خلقه.. وبحدوث خلقه على وجوده الذى صدق فى ميعاده.. وارتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط فى خلقه وعدل عليهم فى حكمه وتبارك الله الذى يسجد له من فى السموات والأرض طوعا وكرها. ونسألك سبحانك فى أيام العيد أن تأخذنا برحمتك إلى الفعل الرشيد والرأى السديد والوطن العادل الفسيح الذى يجتمع تحت مظلته أبناء محمد والمسيح.