قد يبدو هذا العنوان متناقضاً.. فالرئيس هو الحاكم الرسمى وهو قائد السفينة فى ظل هذه الظروف الخطيرة التى تشهدها المنطقة عامة.. ومصر أيضاً.. كما أن الكثيرين انتقدوا الرئيس لعدم القيام بمسئولياته وعدم ممارسة صلاحياته كاملة، بل وبدأ المتربصون فى تشغيل «عداد المائة يوم» قبل أن يحلف اليمين الدستورية كرئيس لمصر!! وعندما أصدر د. مرسى قراراً بعودة مجلس الشعب لممارسة دوره التشريعى.. هاجت الدنيا وماجت.. ودخلنا فى دوامة من الصراع القانونى والسياسى انتهت بإلغاء القرار.. وبدأت الأمور تتجه نحو الإعداد للانتخابات البرلمانية القادمة.. وهو ما ارتضت به الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، بل إنه يمكن القول إن طبول الانتخابات البرلمانية تقرع من الآن! ودخلت الأحزاب والتيارات والقوى السياسية فى تحالفات.. استعداداً للانتخابات القادمة. ومثلما أثار قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب حراكاً سياسياً وشعبياً.. جاءت قراراته الأخيرة بإقالة عدد من المسئولين لأسباب مختلفة لتحرك المياه الراكدة.. وتعيد حسابات الذين اتهموا الرئيس بالبطء وعدم اتخاذ قرارات جريئة تتناسب مع طموحات الثورة وآمال الشعب. والحقيقة أن الرئيس عند انتخابه لم تكن لديه أدوات تنفيذية كاملة تساعده على تحقيق طموحاته وبرنامج المائة يوم على أقل تقدير، فجاء تشكيل حكومة قنديل كخطوة أولى فى هذا السبيل.. وكأداة تنفيذية فاعلة للبدء فى اقتحام المشاكل الخمس التى حددها د. مرسى قبل انتخابه، ولكن المخاض العسير لحكومة قنديل والتحديات التى تواجهها - هى والرئيس - من الدولة العميقة الفاسدة.. مازالت هائلة.. وماثلة أمام أعيننا، هذه الدولة العميقة الفاسدة مازالت متجذرة ومنتشرة فى المستويات الأدنى من الإدارات المحلية ومسئولى الصفوف الخلفية فى مختلف الأجهزة الحكومية. وإذا كانت هناك عصابات مسلحة تقوم بقطع خطوط الكهرباء وتتسبب فى انقطاعها بصورة متكررة.. إضافة إلى أزمات أخرى مزمنة ومستمرة فى الخبز والمرور.. إلخ، فإن هدفها إعاقة الرئيس وتشويه صورته وإجهاض برنامجه. وعندما أصدر الرئيس قراراته الأخيرة بإعفاء بعض المسئولين من مناصبهم وتعيين بدائل لهم.. فإنه يمارس حقه الدستورى الأصيل.. وفى ذات الوقت فهو يوجه رسالة سياسية لمن يتهمونه بالبطء فى الحركة.. بأنه قادر على أداء هذا الدور وأنه يختار التوقيت المناسب والأسلوب القانونى الأمثل لتنفيذ سياساته وبرامجه. وقرارات الرئيس الأخيرة تؤكد على مبدأ الثواب والعقاب.. فلا مجال للتقصير فى حق مصر.. وفى صيانة أمنها وحدودها، ومثلما تجب معاقبة المقصر.. تجب إثابة من يجيد ويؤدى واجبه كاملاً.. خاصة هؤلاء الجنود الذين ضحوا بأرواحهم.. دفاعاً عن أرض مصر فى وجه الغدر والخيانة والإرهاب، والرئيس بهذه القرارات يؤكد حرصه على أمن مصر وعلى ضرورة تقوية قواتنا المسلحة لأداء دورها على أكمل وجه، ففى هذه الظروف الحرجة نحن مطالبون بالتوحد معها والالتفاف حولها ومساندتها بكل ما أوتينا من قوة. أيضاً كشفت الأحداث الأخيرة عن ضرورة التنسيق الوثيق والتواصل السريع بين مختلف أجهزة الدولة.. خاصة إذا كانت هناك معلومات حساسة وخطيرة تخص أمن الوطن، فلا يصح لمسئول أن تكون لديه مثل هذه المعلومات ويخفيها عن كبار المسئولين وصناع القرار، فلو تم تبادل ونقل المعلومات بالسرعة المطلوبة لتفادينا الكارثة التى حدثت على أيدى الإرهابيين فى سيناء. ونحن نتطلع أن تكون قرارات الرئيس مقدمة لتغييرات أوسع وأشمل تتجاوب مع طموحات ثورة يناير وتلبى أحلام الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم.. حتى تتطهر مصر من الفساد والاستبداد. وعندما يحظى الرئيس بسلطاته وصلاحياته الدستورية كاملة.. فسوف يبدأ حكمه الفعلى على أرض الواقع.. وسوف يشعر به المواطن البسيط المطحون.. فى كل مكان ?