فى عام 1947م، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، بعامين فحسب، كان رجل الأعمال الامريكى (كينيث أرنولد) يقود طائرته الخاصة، عندما انتبه إلى تشكيل من سبعة أجسام مستديرة، يلاحقه على نحو منتظم .. وكان ذلك التشكيل لا يشبه أية طائرات عرفها من قبل، كما كان يتخذ شكلاً أشبه بتشكيل المقاتلات الأرضية المعروفة ... ولقد لاحقه ذلك التشكيل لما يزيد على الدقيقة الواحدة، وعندما أراد الدوران لمواجهته، ارتفع ذلك التشكيل فجأة، على نحو عمودى مباشر، يستحيل فيزيائياً أن تقوم به أية مركبة طائرة أرضية، وانطلق إلى أعلى بسرعة خرافية، قبل أن يختفى تماماً ... ولقد أبلغ (كينيث أرنولد) المسئولين ووكالات الأنباء بما شاهده، وعندما سأله أحد الصحفيين، عن شكل مركبات ذلك التشكيل، أخبره (أرنولد) أنها تشبه أطباقاً مقلوبة .. ومن هنا، برز إلى العالم، ولأوًَّل مرة، مصطلح (الأطباق الطائرة)؛ لوصف تلك الأجسام مجهولة الهوية، التى راح الكل يصفها بأنها مركبات فضائية من عالم آخر، لزوًَّار أتوا لكشف كوكب الأرض، وسرى هذا التفسير فى كافة الأوساط، وقنع به البعض قناعة شديدة، فى حين رفضه البعض الآخر فى شدة، ونفته القوات الجوية الأمريكية، وأكًَّدت أن راداراتها لم ترصد شيئاً، فى الموقع الذى أشار إليه (أرنولد)... وقبل أن ينحسم هذا الجدل، أعلنت بعض الصحف المحلية، فى بلدة (روزويل)، بولاية (نيومكسيكو)، عن سقوط جسم مجهول الهوية فى أطراف البلدة، وتحطمًَّه، ورصد جثث لثلاثة كائنات فضائية، متناثرة حوله ... وسرعان ما كانت القوات الأمريكية تحيط بمنطقة سقوط ذلك الجسم، وتعلن أنه بالون اختبار، سقط بسبب عطل فنى، فى حين تساءل العديدون عن مدى أهمية ذلك البالون، حتى تضرب القوات الأمريكية حصاراً على المنطقة كلها، على هذا النحو!... ولسنوات وسنوات، راحت المخابرات الأمريكية تلعب مع الشعب الأمريكى، لعبة القط والفأر، فى شأن الأطباق الطائرة، أو الأجسام الطائرة مجهولة الهوية؛ فلا هى تعلن الحقائق، ولا هى تنفيها، وكأنها تريد أن تشغل الشعب الأمريكى بقضية بلا حل، أو أنها تحاول إخفاء أمر آخر ... ومضت عقود فى هذه اللعبة، حتى فوجئ العالم كله بفيلم تسجيلى، لم يكن معروفاً من قبل، قلب قصة الأطباق الطائرة وسكان الفضاء رأساً على عقب... الفيلم يثبت أن الأطباق الطائرة، كانت أهم المشاريع النازية، فى زمن الحرب العالمية الثانية، وأكثرها سرية وخطورة ... وعبر مجموعة من اللقطات التسجيلية القديمة، يرصد لنا الفيلم أوًَّل طبق طائر، صمًَّمه علماء النازية، فى بداية الأربعينيات، والذى هو صورة طبق الأصل، من مشاهدات الأطباق الطائرة، التى سجلها كتاب شهير، جمع كل تلك المشاهدات، فى الخمسينيات والستينيات، تحت عنوان (الكتاب الأزرق)... ولقد ابتكر علماء النازية تلك المركبة، مع بدايات الأربعينيات، وكانوا يعتمدون فى تسييرها، على الدفع الهوائى، والمجالات الكهرومغناطيسية، التى تتنافر مع جاذبية الأرض، فتؤمن لها سرعة الانطلاق، والقدرة المدهشة على تغيير المسارات، إلا أن التكنولوجيا المتاحة فى ذلك الحين، لم تسمح بانتاج الأطباق الطائرة وتشغيلها، كسلاح فعًَّال فى فترة الحرب ... ومع سقوط (ألمانيا) النازية، لم يكن مشروع الأطباق الطائرة قد اكتمل بعد، وكان قد أضيف إليه مشروع آخر، عرف باسم (الجناح الطائر)، وهو عبارة عن طائرة شديدة السرعة، انكمش جسمها إلى الحد الأقصى، وصارت أشبه بجناحين بلا جسم، مما يجعل مقاومة الهواء لها أقل مما ينبغى، ويمنحها قدرة على المناورة، لا تملكها أية مقاتلة عادية، من التى كانت معروفة فى ذلك الحين... وعقب سقوط النازية، قام مكتب الخدمات الاستراتيجية، وهو الأب الأوًَّل لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، بالتحفًَّظ على طاقمى علماء المشروعين بالكامل، مع كل الرسوم والتصميمات الأوًَّلية، وتم نقلهم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ...وعلى الرغم من تسجيل وصول طاقمى علماء المشروعين، فقد اختفوا جميعاً، دون أى أثر، بعد وصولهم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بأيام، ولم تعلن السلطات الأمنية الأمريكية، أو يعلن مكتب الخدمات الاستراتيجية أى أمر بشأنهم... وبعدها بعامين فحسب، بدأت مشاهدات الأطباق الطائرة، فى كافة أنحاء (أمريكا) ... وبعد سنوات قليلة، ومع حلول المخابرات الامريكية، محل مكتب الخدمات الاستراتيجية، أجرت القوات الجوية الأمريكية تجاربها، على طائرات من طراز جديد، هو عبارة عن جناح طائر، له جسم يحتل أصغر مساحة ممكنة... تماماً مثل تصميمات مشروع (الجناح الطائر) النازى، إلا أن تلك التجارب لم تؤت النتائج المتوقعة، وأشار بعض رجال المخابرات الأمريكية السابقين، إلى أن جهاز المخابرات الأمريكى، قد اعتبر المشروعين النازيين سراً حربياً، من أهم وأخطر الأسرار، الخاصة بالامن القومى الأمريكى، ورفضت كل محاولات الكشف عنهما، حتى مع طلب بعض الرؤساء الأمريكيين هذا ... ولقد تواصل مشروع (الجناح الطائر)، حتى تحوًَّل فيما بعد إلى (الطائرة الشبح)، والتى لو قارناها بالمشروع النازى، لوجدنا تشابهاً كبيراً، يكاد يبلغ حد التطابق ... اما الأطباق الطائرة، فقد ظلًَّ كل ما يتعلًٌَّق بها سراً، أخفته المخابرات الأمريكية، حتى عن العديد من الرؤساء الأمريكيين المنتخبين، وآخرهم الرئيس الأمريكى (باراك أوباما)، الذى وعد فى حملته انتخابه، بالكشف عن كل الأسرار المتعلقة بالأجسام الطائرة مجهولة الهوية، وحادثة (روزويل)، إلا أنه لم يفعل أبداً، ولم يفصح حتى عن سبب ذلك، بل تجاهل الأمر برمته؛ لأن المخابرات الامريكية أقنعته بأن الأمر أكثر سرية وخطورة، من أن يتم الإفصاح عنه ... وفى أوائل تسعينيات القرن العشرين، قامت مجلة (أومنى) (Omni)، وهى مجلة علمية، ذات صدى بالغ الاحترام، بحملة لجمع مليون توقيع، من المواطنين الأمريكيين؛ لمطالبة المخابرات الأمريكية بكشف أسرار الأطباق الطائرة وحادثة (روزويل)، ونجحت فى جمع مليون وثلاثمائة ألف توقيع بالفعل، إلا أنها أيضاً لم تنجح فى دفع المخابرات الأمريكية إلى كشف السرين، مما جعل أحد المحليين يقول: إن هذا يثبت أن ما نطلق عليه اسم (الأطباق الطائرة)، ليس سوى مشروع عسكرى بالغ السرية، لن يتم الإعلان عنه، إلا عند اكتماله.... ولهذا نقول: إن عالم المخابرات والجاسوسية عالم بلا حدود ... وفنونه لا تنضب ولا تنتهى، وهى ترتبط بما ندركه، وأيضاً بما لا ندركه، والتكنولوجيا تلعب فيه دوراً بارزاً، بدليل أن برنامج الفضاء الأمريكى ليس يدار لأغراض علمية فحسب، بل عسكرية أيضاً ... ولهذا رواية قادمة.