بعد الانتهاء من وضع لائحتها ونظامها الأساسى بدأت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور أعمالها الجادة برئاسة المستشار حسام الغريانى بتكوين خمس لجان أساسية لينضم إليها الأعضاء لتدور داخلها أوراق العمل ومقترحات الأعضاء حول مواد الدستور الجديد. وهذه اللجان تتعلق بنظام الحكم والسلطات العامة، والمقومات الأساسية للدولة والمجتمع، والحقوق والواجبات والحريات العامة، والأجهزة الرقابية المستقلة، والاقتراحات والحوارات والاتصالات المجتمعية.. وقد تم السماح للأعضاء الاحتياطيين بحضور هذه اللجان. ولكن لا يشاركون فى عمليات التصويت. وفى إطار سلسلة المحاضرات السياسية للأعضاء الاحتياطيين ألقى الفقيه الدستورى وأستاذ القانون بجامعة القاهرة د. عاطف البنا الضوء على أنظمة الحكم المختلفة فى الدول الديمقراطية والتى جاءت نتيجة التطور التاريخى وتقوم على التنوع بين النظام الرئاسى أو البرلمانى أو المختلط. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تأخذ بالنظام الرئاسى. وقد نجح هذا النظام لطبيعة الشعب الأمريكى.. ولكن هذا النظام فشل فى دول أخرى حاولت الأخذ بهذا النظام وتحول فيها الرئيس مع سنوات الحكم إلى نظام ديكتاتورى وفردى. وقال إن النظام البرلمانى يعمل على تعاون السلطات. ويسمح للأدوات الرقابية بمراقبة الحكومة والرئيس ويمكن للبرلمان بسحب الثقة من الوزير أو الحكومة وأن كل الوزراء فى الحكومة متضامنون والذى يكونّ مجلس الوزراء هم حزب الأغلبية فى البرلمان.. ويجب أن يكون الوزراء فى الحكومة متجانسين. وقال د. عاطف البنا إن دستور عام 1971 ينص على أن نظام الحكم فى مصر نظام مختلط ولكن الواقع والتطبيق أنه أصبح نظاماً فردياً وغير ديمقراطى. وأن الرئيس هو الذى يعين الوزراء ويقيلهم وليس لهم أى سلطة سوى تنفيذ سياسة الرئيس وأن الوزير لا يستقيل ولكن يقال. فالعبِرة فى كل هذه الأنظمة هى التطبيق العملى. وأشار د. عاطف البنا إلى أن النظام المختلط هو أفضل النماذج التى تتناسب مع مصر فى الوقت الحالى.. وأن النظام الذى يحدث التوازن بين السلطات الثلاث (القضائية والتشريعية والتنفيذية) هو الذى يحافظ على مصر.. ويقوم البرلمان بمراقبة الحكومة. وقد آن الأوان أن يتم تفعيل القوانين وأن ينص الدستور الجديد على مسئولية رئيس الدولة وعقد المحاكمات الخاصة به وهى تختلف عن محاكمة الوزراء. وحول حاجة مصر إلى مجلس تشريعى واحد أو مجلسين.. أجاب الفقيه الدستورى بأن العبرة أن تفعّل اختصاصات مجلس الشورى وأن تقل نسبة المعينين فيه. وأن تتم مناقشة نسبة ال 50% للعمال والفلاحين.. أما المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية فقد أكد على أن النظام المصرى قبل ثورة يناير لم يكن رئاسياً ولا برلمانياً ولكن كان فردياً شائكاً ويأتى من كل خرابة بعفريت! وضرب المستشار الغريانى للأعضاء مثلاً عن مناقشات قانون استقلال السلطة القضائية فى الفصل التشريعى الثامن لمجلس الشعب وأن وفداً من القضاة جاء إلى مجلس الشعب واجتمعوا مع أعضاء اللجنة التشريعية فى ذلك الوقت وأكدوا لهم أن مطالبهم عادلة جداً وطبيعية جداً لتحقيق الاستقلال المنشود وهو أمر سهل.. ولكن مع المناقشات جردوا المشروع من الاستقلال وقالوا لهم إن قلوبنا معكم ولكن أصواتنا ملك للحزب! *** كانت هذه فعاليات الحوار الذى تم فى اجتماع الجمعية التأسيسية الأخير.. ونأمل أن تأتى هذه الحوارات بدستور متوازن يحقق العدل والحرية والكرامة لشعبنا.