تعرضت مصر طوال تاريخها لعمليات سرقة ممنهجة لآثارها و لم تمنع القوانين وقف تلك العمليات التى تسعى إلى القضاء على الهوية المصرية بسرقة آثارها و قد حاول المتخصصون محاربة تلك الظاهرة إلا أن الأنظمة السياسية كانت عائقا دون القضاء على تلك الظاهرة بل كانت داعما لاستمرارها و تشجيعها و فى محاولة لرصد تلك الظاهرة و التأريخ لها صدر حديثا عن المستشار اشرف العشماوى كتاب سرقات مشروعة. هذا الكتاب يقص فيه حكايات عن سرقة آثار مصر وتهريبها ومحاولات استردادها، ويرصد الكتاب أن مصر منذ 177 عاما كانت من أولى دول العالم التى شرّعت قوانين ولوائح لحماية الآثار التى انتشرت ظاهرة الاتجاز فيها ويوضح كيف كان يتم إخراج الآثار أو تسريبها رغم كل القوانين والضوابط التى تمنع ذلك وتجّرمه. وقد كشف عشماوى من خلال كتابه كيف أن قوانين منع تهريب الآثار هى التى أكسبت تلك الآثار مزيداً من الغموض، ويطرح المؤلف تساؤلاً مهماً وهو هل نجح المصريون فى الحفاظ على الآثار بالقانون أم أن بعض القوانين ساعدت البعض على أن يملك جانباً من هذا التراث دون حق؟ ويؤكد المؤلف أن سرقة التراث سوف تظل فى نظر التاريخ جريمة كبرى، ولكن فى بعض دول العالم اسهمت بعض القوانين فى جعلها عملا مشروعا لبعض الوقت مؤكدا على أن التشريعات ساهمت فى خروج أكثر من نصف الآثار المصرية بنظام القسمة لما كان يكشف فى باطن الأرض، بالإضافة إلى عرض بعضها للبيع بالمتحف المصرى بالإضافة إلى سماح بعض حكام مصر على مر العصورلأنفسهم بإهداء مئات من القطع الأثرية النادرة لملوك وأمراء أوروبا. وأضاف إلى ذلك بعض المعتقدات الخطأ بأن من يعثر على قطعة آثار مدفونة فإنها تكون ملكا خاصا له لا للدولة، وهو لا يزال اعتقاداً سائداً لدى كثير من المنقبين خاصة فى صعيد مصر وهو ما جعل السرقة عملا مشروعا لدى البعض. وقد عرض عشماوى من خلال كتابه صفحات مجهولة من تاريخ سرقة ونهب وتهريب الآثار المصرية تحت حماية القانون وفى ظل عباءته، وكيف استخدم السارقون الوسائل المختلفة لتنفيذ ذلك منذ عصور قدماء المصريين وصولا إلى حادثة سرقة المتحف المصرى الشهيرة فى 29 يناير 2011. وقد استعان المؤلف بالصور النادرة والوثائق والمستندات التى نشرت غالبيتها حماية الآثار منذ عهد محمد على باشا، وكيف تغلبت المصالح السياسية على اعتبارات الحفاظ على الآثار، وروى المؤلف قصصا كثيرة نادرة عن أطرف وأخطر وسائل سرقة الآثار ومحاولات استعادتها التى كلل بعضها بالنجاح. صدر الكتاب حديثا عن الدار المصرية اللبنانية.