كشف عدد من خبراء القانون الدولى أنه لا يحق لإسرائيل اللجوء للتحكيم الدولى فى قضية وقف مصر تصدير الغاز إليها، لأنه اتفاق تجارى بين شركتين وليس دولتين مما يعنى أن تل أبيب بالغت كثيراً إبان الأزمة وسعت إلى تضخيمها لكسب التعاطف الدولى، بينما لا صلة للحكومة المصرية بالاتفاق لأنه يخص شركات ولا يرتبط كما روجت إسرائيل بمعاهدة السلام.. ويقول المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة السابق والذى حضر مندوباً عن مصر فى قضايا تحكيم دولى عديدة: ليس معنى حديث أى طرف أنه سيلجأ إلى التحكيم أن هذا الطلب سوف يقبل مباشرة، لأن هناك مراحل تمهيدية، أولها: هل شروط البنك الدولى للتحكيم الدولى «أكسد» متوافرة أم لا وتتمثل هذه الشروط فى أن يكون الاستثمار لأجنبى وأن يكون هناك تدفق لأموال هذا الأجنبى فى البلد الذى يستثمر فيه وأن يكون هناك اتفاق ثنائى بين دولة المستثمر والدولة التى يتم فيها الاستثمار مؤداها أن الدولة التى يتم فيها الاستثمار تتعهد بحماية مستثمرى الدولة الأخرى وعدم التدخل إيجابًا أو سلبا بما يضر هذه الاستثمارات فإذا طبقنا هذه المعايير على الحالة الخاصة بنا سنجد أن النزاع بين شركتين مصريتين، حيث إن شركة شرق المتوسط هى شركة مصرية تقوم بتصدير الغاز إلى إسرائيل ورغم أن بها مستثمرين أجانب فإنها مصرية، وحينما تم فسخ العقد تم فسخة بين الشركة القابضة المصرية للبترول وشركة شرق المتوسط ولا دخل لإسرائيل فيها ومصر لم تتعهد بحماية استثمارات ثنائية مع إسرائيل، فضلاً عن هذا العقد لا يمثل استثمارات إسرائيلية فى مصر، بالإضافة إلى أن شركة شرق المتوسط تصدّر الغاز إلى الأردن وتركيا وليس إسرائيل فقط، مضيفاً أنه لا بد أن نعرف من المتعاقد مع شركة شرق المتوسط من الطرف الإسرائيلى. وكشف أن إسرائيل تلجأ إلى اتفاقية كامب ديفيد وتحاول جاهدة استغلالها بالرغم من أن الاتفاقية ليس فيها ما يلزم مصر أو يتضمن ضرورة تصدير الغاز المصرى إلى إسرائيل. ويضيف المستشار خلوصى أن العقد المبرم بين الشركتين ينص على أنه فى حالة نشوب نزاع تجارى يحل عن طريق التحكيم المؤسسى بمركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى وهو مركز دولى ومتفق فى العقد عند النزاع أن يطبق القانون البريطانى فى التحكيم وتم الاتفاق على كيفية تشكيل هيئة التحكيم وهذه بنود فى العقد، لذا فمن له الحق فى اللجوءؤ للتحكيم؟ إنه الطرف الذى تم فسخ عقده وهو شركة شرق المتوسط وليست إسرائيل.. وهنا نؤكد أنه لكى تلجأ دولة للتحكيم الدولى ضد مصر أو أحد رعايا هذه الدولة ويجب أن تكون الحكومة المصرية قد تعهدت بحماية استثمارات دولة المستثمر فضلا عن أنه ليس هناك استثمارات إسرائيلية أصلاً، لأنه عقد بيع والقضية تتمثل فى أن الطرف الإسرائيلى يشترى الغاز من شركة شرق البحر المتوسط وهى شركة مصرية وهيئة البترول لها مساهمات فيها بنسبة 10% لهيئة البترول وليس للحكومة. ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية غالباً لا تطلق أعيرة فى الهواء ولكنها فى هذه القضية لن تستطيع اللجوء للتحكيم لأن صاحب الحق فى ذلك هو الطرف الذى تم فسخ عقده وهو شركة شرق المتوسط، وأشار إلى أن العقد ينص على أنه إذا تم اتخاذ إجراء ضد طرف فمن حق الطرف الآخر أن يتدارك خطاءه ويقوم بتنفيذ التزامه خلال ثلاثين يوما ونحن لا نعرف هل الثلاثون يوما مضت أم لا وهنا الإجراء القانونى طبقا لنصوص العقد هو سيد الموقف. ويضيف أن التصريحات التى تطلق فى الهواء تأتى نتيجة انفعال ورد فعل للإجراء ومع ذلك فالكثير من المراقبين يؤكدون أن إسرائيل تعلم جيداً منذ شهرين رد الفعل المصرى. ويؤكد المستشار خلوصى أن إسرائيل ليست طرفاً فى العقد الذى تم فسخه وإذا أرادت أن تقاضى أحدًا فهى تقاضى من تعاقد معها على بيع الغاز لها وهى شركة شرق البحر المتوسط. أما د. أنور رسلان أستاذ ورئيس قسم القانون الدستورى والإدارى والعميد السابق لكلية الحقوق جامعة القاهرة فهو يرى أن كل عقد من العقود له طبيعة خاصة، وفى حالتنا هذه فإن الأهمية هنا أن الحكومة المصرية ليست طرفا لأنها عقود بين شركات وهى نقطة إيجابية، وليس لها علاقة باتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، حيث إنه لا يوجد بالاتفاقية ما ينص على ضرورة تصدير الغاز إلى إسرائيل إذن فالأزمة لا تتعدى التحكيم التجارى إذا لجأت الشركة التى تقوم بتصدير الغاز إلى إسرائيل وهى شركة غاز شرق البحر المتوسط لتصدير الغاز ضد الشركة القابضة للبترول وهى شركة مصرية أيضاً فالتحكيم سيكون تحكيما تجاريا للفصل فى نزاع تجارى بين شركتين وليست بين حكومتين والاتفاق التجارى أو العقد التجارى نهايته تعويضات مالية. أى أنه فى النهاية القضية برمتها لا تقلق مصر على وجه الإطلاق.