اختلف رجال المال والاعمال بشأن مبادرات دعم الاقتصاد المصرى فى الوقت الحالي، حيث يري الكثير منهم أن تلك المبادرات ينبغي ألا تتوقف على جمع الأموال فقط، ولكن ينبغي أن توجه تلك الاموال التي تبرع بها المصريون الشرفاء من ابناء مصر إلى دعم حقيقي للاستثمار عن طريق استغلال تلك الاموال في مشروعات تدر عائداً ، ويستفيد منها ابناء الشعب من خلال صناديق استثمارية او صناديق خاصة يستخدم ما تحتوى عليه من اموال في تلك المشروعات ، فيما يري البعض الاخر عدم جدوي لتلك المبادرات مشيرين إلى أن دعم الاقتصاد لن يتأتى إلا باصلاح الاوضاع السياسية وكتابة دستور قوي يتوافر فيه العديد من الاشتراطات التي تضمن القضاء علي الفساد والبيروقراطية التى سيطرت على المجتمع طوال سنوات حكم النظام السابق .... البداية مع المهندس احمد جلال رئيس الجمعية المصرية لتنمية الاعمال ومدير اقليم غرب العالم الاسلامى بالاتحاد الدولى لأصحاب الاعمال حيث قال، اؤيد بشدة مبادرات دعم الاقتصاد التى قامت لدعم الاقتصاد فى الوقت الحالى، ولكن ينبغى ان نطور الفكرة لتصبح اكثر فاعلية، من خلال استخدام تلك الاموال فى تكوين محافظ استثمارية يتم من خلالها الانفاق على بعض المشروعات الكبيرة الصغيرة فى نفس الوقت، بمعنى انه يتم الانفاق على بعض المشروعات التى تدر عوائد وفى نفس الوقت تكون تلك المشروعات ليست ضخمة او قومية فى حجم دعم الاقتصاد وتؤثر فى دفع البلد الى الامام، وعلى سبيل المثال فهناك مشروعات مثل تدوير المخلفات ومشروعات الانتاج الزراعى وغيرها، فهى مشروعات تحتاج إلى اياد عاملة كثيرة تسهم فى حل مشكلة البطالة، وفى نفس الوقت تعطى عوائد سريعة ومن هنا يشعر الجميع بالاستفادة. وأوضح جلال ان ضمان استمرار اية علاقة هى عدالة تلك العلاقة بين جميع الاطراف، بمعنى انه اذا شعر المواطن الذى يدعم اقتصاد بلاده ان مادفعه هو استثمار سيحصل على عائد مقابله سيستمر هذا الدعم بعكس ان يدفع مرة ولا يدفع الاخرى مشيرا إلى ان تلك المشروعات ستشجع البنوك ومصادر التمويل الاخرى على العمل والاستثمار وهوما سيصب فى صالح الاقتصاد المصرى ويعطى صورة مشرقة عنه امام العالم الخارجي. واشار جلال الى ما تتمتع به مصر من مكانة تاريخية وجغرافية تجعلها اكثر دول الربيع العربى جذبا للاستثمار غير أنه رهن ذلك باستقرار الاوضاع السياسية وانتخاب رئيس جديد للبلاد، حيث يخشى المستثمرون من عدم قدرة الحكومات المؤقتة على اتخاذ قرارات فعلية او رسم سياسات ثابتة يمكن الوثوق بها، موضحا ان تغيير مصر لسياساتها الخارجية فى الفترة القادمة قد يكون فى صالحها حيث يرى ان كلا من تركيا وايران قد يصبحان حليفين استراتيجيين لها، وهذا التحالف لن يكون على المستوى السياسى فقط إنما الاقتصادى أيضا. وذكر مدير اقليم غرب العالم الاسلامى بالاتحاد الدولى لاصحاب الاعمال، أن الجمعية المصريةلتنمية الاعمال والتى يرأسها قدمت مبادرة لدعم الاقتصاد المصرى بدأتها قبل الثورة ولكن بعد اندلاع الثورة وسقوط رموز الفساد والصورة المشرفة التى ظهر عليها الشعب المصرى امام العالم حاولنا استغلال ذلك فى اجتذاب الاستثمارات الاجنبية الى بلدنا، وقال بلدنا يتمتع بالكثير من المقومات الطبيعية والبشرية والبية التحتية التى يمكنها خلق فرص استثماريه هائلة وبالفعل فقد صورنا فيلما تسجيليا عن مصر مدته نحوربع ساعة يحكى باختصار عن تلك المقومات، ونقوم بعرضه فى كل المحافل الاقتصادية التى نشارك فيها، وكان اولها مؤتمر اتحاد اصحاب الاعمال الاول بدول منظمة المؤتمر الاسلامى الذى انعقد فى جدة بالمملكة العربية السعودية فى اغسطس من عام2010، ثم المؤتمر الثانى لاتحاد اصحاب الاعمال بالدوحة ديسمبر الماضى واسفرت مشاركتنا عن قبول ثمانية مشروعا ت من اصل 16 مشروعاً سافر بها رجال الاعمال المصريون، وهذه المشروعات كانت فى قطاعات الانشاءات ( انشاء مدرسة فى مدينة كفر الدوار بميزانية نحوسبعة ملايين جنيه)، ومشروع انشاءمنتجع سياحى فى كفر الدوار أيضا بميزانية نحو سبعة ملايين ونصف المليون جنيه، ومشروع فى مجال صناعة الكيماويات فى ابو رواش بتكلفة نحو سبعة ملايين جنيه، ومشروع تسويق الكترونى بميزانية نحو 25 مليون جنيه، ومشروع لانتاج الخيوط الطبية والجراحية فى القاهرة بميزانية نحو 125 مليون جنيه، ومشروع انتاج صناعات ورقية بالقاهرة ايضا بتكلفة خمسة ملايين جنيه واخر فى صعيد مصر لانتاج الورق بتكلفة 200 مليون جنيه، وشركة لتسويق المنتجات الجلدية والملابس بنحو خمسة ملايين جنيه، اضافة الى مشروع توسيع مصنع ادوية بنحوعشرة ملايين جنيه، بخلاف ثلاثة مشروعات اخرى سيتم النظر فيها وهى مشروع انشاء مليون وحدة سكنية بميزانية 120 مليون جنيه، ومشروع انشاء معهد تدريب بميزانية 30 مليون جنيه ومشروع انشاء مدارس ذكية. ويرى المهندس أسامة درويش رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالجمعية المصرية لتنمية الاعمال، أن الفترة القادمة من عمر مصر سيكون أبطالها هم رجال الاعمال المطلوب منهم تحمل مسئوليتهم فى النهوض بالبلد من عثرته وما مر به من تداعيات فى اعقاب الثورة التى اسقطت النظام ومعه رموز الفساد، مشيرالى تجربة ماليزيا فى انشاء بنك للفقراء دعمه فى البداية رجال الاعمال بهدف دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. وقال درويش أجرينا كمجموعة رجال اعمال نشكل الجمعية الكثير من المباحثات والاتفاقات مع رجال اعمال من مختلف دول الوطن العربى والاسلامى خاصة الاتراك، وابدى الجميع استعدادهم للحضور الى مصر والاستثمار فيها لكنهم فى انتظار تحقيق الاستقرار ودوران عجلة العمل، مؤكدا أن هناك الكثير من المشروعات التى يمكنها اجتذاب الاستثمارات من الخارج، منها صناعة الملابس والمواد الغذائية لأن تكلفة انتاجها مرتفعة فى الدول الاخرى، بينما يختلف الوضع فى مصر التى تتمتع بالبنية التحتية الجيدة، ووسائل النقل الجيدة، والعمالة الماهرة الرخيصة وكلها مقومات تجعل من بلدنا جاذباً. من جانبه تحدث المهندس حسام الشناوى رئيس لجنة الشباب بجمعية الاعمال ومدير اتحاد شباب الاعمال فى مصر عن جانب مهم تتبناه الجمعية وهو تدريب العمالة. فقال الشناوى : نحتاج عشرات الملايين لبناء مدارس ومراكز التدريب لاعداد العمالة الماهرة، وفى نظرى فإن هذا الجانب هو اهم استثمار، فقد طلب الكثير من رجال الأعمال الخليجيين الاستعانة بالعمالة المصرية بدلا من العمالة السيريلانكية، والبنغالية، والباكستانية، حيث اكدوا انهم يحتاجون منهم الالاف بشرط تاهيلهم وتدريبهم ليتناسبوا واحتياجات سوق العمل، كما أن ليبيا تحتاج عمالة لاتقل عن مليونى شخص لاعادة اعمارها واصلاح ماأفسدته الفترة التى سبقت وفاة القذافى وسقوط نظامه، مؤكدا ان ما يعوق تنفيذ ذلك هو انتظارنا لانتهاء الفترة الانتقالية وعودة الاستقرار لنبدأ فى تحقيق مشروعنا. واشار الشناوى الى تبنى جمعيته ايضا لمشروع اسكان اقتصادى بسعر التكلفة، وهو مشروع غير ربحى لكنه اجتماعى يهدف لحل مشكلة مجتمعية يراها خطيرة جدا وهى تأخر سن الزواج وما يترتب عليه من نتائج سلبية ابرزها زيادة فى معدلات الجريمة وانحراف الشباب، مؤكدا على ضرورة تعديل الثقافة العامة للجميع بالعمل المشترك بدلا من الانانية. واوضح الشناوى ان مبادرات دعم الاقتصاد الاخيرة بعد الحديث عن قطع المعونة الامريكية، كان ينبغى ان تؤجل حتى انتخاب الرئيس الجديد واستقرار الحكومة، حتى تمكن محاسبة تلك الاخيرة على تلك الاموال وكيفية انفاقها، مؤكدا ان استثمار تلك الاموال واعادة تدويرها هو الحل الامثل لاستغلالها. على الجانب الاخر انتقد سليمان البحيرى خبير فى بنوك سويسرا، الاتجاه الى اعادة انعاش الاقتصاد من خلال التبرعات، واصفا الخطوة بأنها تتسم بالكثير من الجهل حيث يرى ان دفع الاقتصاد لن يتأتى من خلال جمع التبرعات. وقال البحيرى، الاقتصاد المصرى ليس بهذا السوء الذى تسعى الحكومة للترويج له فى الاعلام، مستشهدا على ذلك بأنه وفقا لجهاز التعبئة العامة والاحصاء فقد نما الاقتصاد خلال العام الماضى وهو العام الذى شهدت بداياته اندلاع الثورة بنسبة 1.7 %، كما ان مركز الابحاث الاقتصادية بجامعة جورج تاون الامريكية اكد ان هناك نسبة تتراوح بين الثلث والنصف فى الاقتصاد المصرى لا يمكن حصره لانه اقتصاد غير رسمى، مؤكدا ان الاقتصاد جزء من منظومة متكاملة تتطلب الاصلاح ولا يجدى معها مسكنات او حلول تهدئة. اضاف البحيرى : مفاتيح الفساد الاقتصادى مازالت مفتوحة وينبغى اغلاقها تماماً حيث يظهر ذلك فى الفساد الذى اعلن عنه فى منجم السكرى وشركات البترول المختلفة على سبيل المثال، مشيرا الى اهمية اصلاح المنظومة الامنية والتى تنصب مسؤليتها على القائم بحكم البلاد وهو المجلس العسكرى والحكومة الحالية وأشار الخبير بالبنك الدولى الى أن كتابة الدستور هى الازمة الحقيقية التى تمر بها البلاد فى تلك المرحلة التاريخية الحرجة من عمرها مؤكدا على ضرورة رأب الصدع بين قوى الشعب المختلفة بشأن كتابة الدستور، حيث ينبغى أن يتضمن الدستور الجديد فصلا بين السلطات بحيث لا يصبح الرئيس مسئولاً عن حل البرلمان، وأن تكون الرقابة تابعة للبرلمان ويصبح من حقه ابلاغ النيابة مباشرة عن التجاوزات، بحيث نعزز مبدأ الشعب هو الصاحب الاصيل للسلطة، فكل ما لا يستطيع الشعب تنفيذه ينوب فيه عنهم البرلمان. وقال البحيرى، يجب ان يتمكن الناس من العمل الاهلى دون الرجوع الى الحكومة، مادام كان هذا العمل فى نطاق القانون، منتقدا منح الحكومة سلطة العمل لاية جمعية او منظمة مجتمع مدنى، حيث يرى ان الشعب هو الذى يسمح للحكومة وليس العكس. ودعا البحيرى، الى ضرورة ان يتضمن الدستور الجديد، حق المواطن فى الاقتراح، حيث يمكن لأى شخص لديه مقترح ان يكتب اقتراحه ويجمع عليه عددا من التوقيعات يحدد عددها وفقا لما يتفق عليه، ثم يطرح الموضوع للاستفتاء بعد ثلاثة شهور، ويكون دور مجلس الشعب فى ذلك الوقت فقط هو التأكد من صحة التوقيعات الواردة على موضوع الاقتراح، مؤكدا على ضرورة ان يتضمن الدستور الجديد ما يمنح الاعلام حريته، فى تناول الاحداث وعرضها والتأكيد على حرية اتاحة المعلومات. وتوقع البحيرى ان تمتد الثورة لمدة جيل كامل من عشرة الى خمسة عشر عاما حتى تتحقق اهداف الثورة التى قامت من اجل استقلال قرار مصر السياسى، واصلاح الوضع الاقتصادى، مشيرا الى ان 40% من مساحة الدلتا الزراعية تلاشى خلال الثلاثين عاما الماضية وهى سنوات حكم مبارك، وهو ما يتطلب العمل بجد لاعادة اصلاح ما افسده. واشار الخبير فى بنوك سويسرا الى أن تعداد مصر سيصل فى عام 2050 الى 150 مليون نسمة، مؤكدا اننا كمصريين لو احسنا استخدام مواردنا الطبيعية البشرية لأصبحنا قوق عظمى اتفق مع الرأى السابق الى حد ما، المهندس مدحت مصطفى رئيس شعبة صناعة الرخام فى اتحاد الصناعات فقال، لاشك اننا كرجال اعمال لدينا دور مجتمعى ابرز من المواطن العادى «، ومساهمتنا فى دعم الاقتصاد واجب قومى ينبغى الالتزام به، الا ان تردى الاوضاع فى الوقت الحالى يحول دون مساهمتنا كما ينبغى ن حيث تراكمت التزاماتنا من اجور عمال، وضرائب، وفوائد، فى ظل تراجع الانتاج بسبب تردى الاوضاع الامنية واختلاط الاوراق، وتضارب القرارات، مشيرا الى ان رجال الصناعة اكثر القطاعات تضررا بعكس التجار الذين لا يعانون من وجود اعباء، لأن اية زيادة فى تلك الاعباء تواجههان زيادة من جانبهم فى رفع الاسعار.