جاء فوز ماكى سال برئاسة السنغال ليؤكد أن موجة الربيع العربى قد وصلت إلى هذا البلد الأفريقى العريق، وأن رياح التغيير استطاعت أن تعصف بالرئيس العجوز عبد الله واد « 85 عاما» الذى حكم البلاد حوالى 12 عاما، ولم يكن التغيير من خلال ثورة شعبية أو مظاهرات أو احتجاجات، ولكن بطريقة ديمقراطية، حيث أثبت السنغاليون رفضهم لاستمرار واد من خلال الانتخابات الرئاسية التى صوتوا فيها لاختيار رئيس جديد لهم. وقد حرص سال -الذى رفع شعار التغيير فى حملته الانتخابية – على عدم انتقاد واد، بل اهتم أكثر بالمشاكل والتحديات التى تواجه السنغاليين، وهو ما صرح به فى حديث سابق ليورو نيوز، فقال « السياسة التى سأتبعها لن تقوم على انتقاد ما فعله النظام السابق ولا على ملاحقة الأشخاص، هذا ليس هدفى، ولكنى سأقوم بعملية تقييم لهذه المرحلة لرصد حجم الانجازات التى تحققت فيها، سنقوم بعملية جرد لأرصدة الدولة للوقوف على الوضع الحقيقى للبلاد ونحن نتسلم قيادته، وكذلك لمعرفة الطريق الذى سنسير فيه». وعلى الرغم من أن سال بدأ مشواره السياسى مع تولى واد الرئاسة، إلا أنه فى خلال 12 عاما استطاع أن يتفوق على أستاذه ويطيح به، ليصبح رئيسا للسنغال وعمره لم يتجاوز 50 عاما. فقد بدأ سال فى الظهور على الساحة السياسية عندما اختاره واد لتولى وزارة المناجم والطاقة والمياه، ثم شغل منصب رئيس الوزراء من 2004 حتى 2007، بعدها تولى إدارة حملة واد للانتخابات الرئاسية، وكان فى ذلك الحين الرجل الثانى فى الحزب الديمقراطى السنغالى، وبعدما أصبح واد رئيسا لفترة ثانيةاختاره لرئاسة الجمعية الوطنية السنغالية، لكنه لم يستمر كثيرا، فبعد أقل من عام على توليه هذا المنصب، اختلف مع الرئيس العجوز، بعد قيامه باستدعاء ابنه كريم واد- الذى كان رئيسا لوكالة وطنية مكلفة لإعداد قمة داكار الإسلامية فى 2007- لجلسة مساءلة أمام نواب البرلمان حول نشاطه فى رئاسة تلك الوكالة، وتم إرغام سال على الاستقالة من منصبه ومن البرلمان، ولكن لم يمنعه هذا من مواصلة مسيرته السياسية، حيث أسس حزبا سياسيا، وأصبح معارضا شرسا، ثم ترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، واستطاع توحيد صفوف المعارضة ليهزم عبد الله واد، ويصبح رابع رئيس للسنغال. وعلى الرغم من فرحة الشعب السنغالى بفوز سال، وخروج الآلاف للاحتفال لهذا الفوز، والإشادة والترحيب الذى قوبل به فوزه من قبل زعماء الدول الأوروبية والصحف العالمية ومنهم صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية التى قالت إن نتيجة الانتخابات دليل على الديمقراطية فى السنغال، إلا أن الرئيس المنتخب تواجهه عدة أزمات لعل أهمها مواجهة قضيتى البطالة والفقر اللتين عانى منهما السنغاليون خلال فترتى حكم الرئيس السابق عبد الله واد.