إشكالية الإبداع والحرية فى الدستور الجديد تثير الجدل فى الوسط الفنى مع بدء تشكيل لجنة صياغة الدستور خصوصا فى ظل الهواجس من قيود قد تفرضها التيارات السياسية الدينية.. وزاد من المخاوف أن لجنة صياغة الدستور نصفها من البرلمان الذى تسيطر عليه الأغلبية الإسلامية. «أكتوبر» التقت نخبة من رموز الفن وعددا من السياسيين لإلقاء الضوء على هذه القضية الشائكة. يؤكد الفنان حسن يوسف أن مصر مقبلة على مرحلة مفصلية فى تاريخها؛ فالدستور الجديد هو الذى سيشكل المستقبل وهو بمثابة حجر الأساس لنهضة قادمة بإذن الله ويجب على المسئولين أن يضعوا فى حساباتهم أن مصر أمانة بين أيديهم والدستور الجديد هو دستور لكل المصريين وللمستقبل وليس لسنوات محدودة، مشيرا إلى أن مشاركة الفنانين والمبدعين المصريين فى لجنة المائة التى ستضع مبادئ الدستور شرف كبير لكل الفنانين، وأنه يجب على الجميع أن يتطلع إلى خدمة مصر والصالح العام. ويضيف حسن يوسف أن وضع الدستور يتطلب فترة زمنية طويلة، خاصة أن اللجنة التأسيسية التى ستتشكل من مائة شخصية تضم جميع ألوان الطيف السياسى والاجتماعى ومن المنطقى أن تظهر اختلافات عديدة بين تلك الأفكار المتباعدة وهو ما سيعرقل من وجهة نظرى سرعة إنهاء الصياغة النهائية للدستور الجديد، فكلما زاد العدد الذى سيكلف بوضع الدستور كان الأمر أصعب. وقال يوسف: أتمنى أن نجد نقاط الاتفاق أولا خاصة أن الاختلافات ستكون متعددة ففى الوسط الفنى نفسه هناك صعوبة فى عملية الاتفاق على بنود محددة يمكن التأكيد على وضعها ضمن بنود الدستور الجديد، فالبعض داخل الوسط الفنى يريد إلغاء الرقابة على الأفلام والمسلسلات والأعمال الفنية بشكل عام ولكن لن يتفق معظم العاملين بالوسط الفنى على إلغاء الرقابة رغم أنها تحمى المجتمع من كل ما هو إباحى. ويضيف الفنان فاروق الفيشاوى أن الدستور الجديد يجب أن يحافظ على الفن والثقافة المصرية ولا يمس حريتها بأى شكل من الأشكال، مشيرًا إلى ضرورة أن ينص الدستور الجديد على مواد واضحة وصريحة تقر بشكل كامل إعطاء الحرية لجميع أشكال الفنون والإبداع وهو ما سيشكل قاعدة مهمة وحجر أساس لنهضة الأمم. ويقول الفيشاوى: إن جبهة الإبداع كانت من أولى الجهات التى بادرت بإرسال خطاب للدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب يضم عددا من الشخصيات المرشحة لأن يكون منها من يمثل الفن المصرى، ومنهم على سبيل المثال الدكتور محمد العدل نائب رئيس غرفة صناعة السينما والمخرج خالد يوسف والمخرج مسعد فودة نقيب السينمائيين، وأشرف عبدالغفور نقيب الممثلين وإيمان البحر درويش نقيب المهن الموسيقية، مشيرًا إلى أن الخطابات التى تم إرسالها لرئيس مجلس الشعب تضمنت رأى الكيانات والنقابات والائتلافات الفنية والذى لم ولن يكون بعيدا عن رأى الشارع والمجتمع المصرى لأن رأى تلك الكيانات نابع من المواطن المصرى. ويؤكد المخرج خالد يوسف على عدم تخوفه من المرحلة المقبلة، موضحا أن جميع الفنانين والمبدعين المصريين يمتلكون روح التفاؤل، مشيرا إلى أن الجميع من داخل وخارج الوسط الفنى يرغبون فى مشاركة المبدعين المصريين من فنانين ومثقفين فى اللجنة التى ستشكل لصياغة الدستور الجديد. من جهته، قال حسن ترك رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطى» إن الفن مرتبط بالسياسة فكم من المشاهد السينمائية يكون لها مضمون سياسى وكل الأحداث السياسية التى عشناها فى الفترة الماضية ونعيشها الآن عبرت عنها شاشات السينما.. بل تنبأت بها قبل حدوثها، فالفن مرآة الشعوب لذلك يجب على الفنانين والمبدعين أن يكون لهم دور فى صياغة الدستور الجديد ويجب على المسئولين الاستماع لرأيهم واحترامه باعتبارهم أحد القطاعات المهمة فى المجتمع المصرى ويجب إعطاؤهم الفرصة كاملة للتعبير عن أفكارهم ومبادئهم. ويشير ترك إلى أن الحديث عن الإباحية وأن الفنانين يطالبون بإلغاء الرقابة هو أمر ليس فى موضعه خاصة أن مقص الرقابة ليس الأساس فى الأعمال الفنية سواء سينما أو تليفزيون أو جميع ألوان الإبداع الثقافى فمقص الشارع والقارئ والمشاهد هو المهم ولن تكون مصر دون رقابة المجتمع والمواطن لأنها دولة شرقية ومن أرادها أوروبية فعليه السفر إلى هناك ولا يجهد نفسه دون جدوى بأن يحول المجتمع الشرقى الملتزم فى مصر إلى مثيله بالمجتمعات الغربية المنحلة. ويؤكد الشيخ عبدالهادى القصبى شيخ مشايخ الطرق الصوفية على ضرورة أن يعبر الدستور الجديد لمصر عن كل المصريين، وأن تساهم كل الأفكار والاتجاهات فى صياغته فالدستور هو الذى سيضع ملامح مصر الجديدة لذلك يجب أن يساهم فى رسم تلك الملامح كل أطياف المجتمع العمال والفلاحين والمفكرين والعلماء والفنانين والمبدعين، فلا توجد دولة متقدمة بدون إبداع، مشيرا إلى أن الإبداع من الخلق الحسن الذى يجب أن يتحلى به الإنسان. ويضيف: إن زيادة عدد المشاركين فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد لن يشكل أدنى مشكلة فالجميع يعرض وجهة نظره وفى النهاية يتفق الجميع مع رأى الغالبية وإذا تم التعامل مع الأمر بوصفه لصالح البلاد وليس مصلحة شخصية لن تكون نقاط الاختلاف عديدة وسيتم تجاوز نقاط الاختلاف والوصول إلى الأصلح مادامت المناقشات والاجتهادات تتم بصورة حضارية. مؤكدا على أن البرلمان المصرى (الشعب والشورى) يقوم بنفس الدور ورغم عدد أعضائه إلا أن عمليات التصويت على مشاريع القانون تتم بصورة جيدة. ويعلق شيخ مشايخ الطرق الصوفية على إمكانية مطالبة الفنانين المصريين برفع سقف الحرية وأن يخرج علينا القطاع الفنى بأعمال لا تليق بمصر كدولة شرقية متدينة قائلا: مهما كان سقف الحرية ومهما كانت المطالبات بإلغاء الرقابة مثلا فإن مصر لن تكون دولة من دول أوروبا وسوف تظل على تدينها وارتباط شعبها بالله عز وجل. من جانبه، يؤكد كمال الهلباوى المتحدث الرسمى لإخوان أوروبا سابقا:أن الدستور ليس مواد متعلقة بالسياسة فقط ولكنه هوية بلد وملامح وطن لذلك يجب ألا ينفرد بصياغته فصيل واحد فيجب أن يكون الدستور الجديد من صناعة الشعب لذلك من المنطقى أن يشارك فى صياغته جميع ألوان الطيف السياسى وجميع التيارات والجماعات ويجب أن يتم الاستماع للجميع وكل فئة تقول أمانيها ورؤيتها كيف تكون مصر من وجهة نظرها ثم يتم وضع تصفية أمام اللجنة التأسيسية ليتم صياغة جميع البنود من الأفكار التى تم طرحها من شعب مصر ويتم الاستفتاء على الدستور الجديد. ويضيف الهلباوى: أن مصر الآن لاتعيش فى جزيرة منعزلة عن العالم فكل الأفكار والآراء وحتى القنوات يمكن متابعتها فى أى بقعة فى العالم. فالعالم أصبح كما يقولون قرية صغيرة ويجب ألا نجهد أنفسنا فى تغيير هذا الواقع.. بل يجب أن يتم التعامل معه، مشيرًا إلى أن حرية الإبداع يجب أن تكون متاحة للجميع ويجب على الدستور الجديد أن ينص فى مواده على ضمان الحرية بجميع أشكالها، إضافة إلى الحفاظ على الهوية العربية والتأكيد عليها.