عاجل:- وزارة المالية تعلن تبكير موعد صرف مرتبات يوليو 2024    عاجل:- وفاة العديد من الحجاج غير النظاميين خلال موسم الحج 1445ه    اسعار حفلات عمرو دياب في مراسي الساحل الشمالي    الأرصاد تعلن بدء فصل الصيف رسميًا.. أطول نهار وأقصر ليل    إلى أين تتجه التطورات على حدود إسرائيل الشمالية؟    هل يسير "واعد تركيا" جولر على خطى أسطورة البرتغال رونالدو؟    بعد تصريحات اللاعب| هل يرفض الأهلي استعارة «تريزيجيه» بسبب المطالب المادية؟    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    أسعار اللحوم والأسماك اليوم 20 يونيو    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    مصادر أمريكية: الرصيف العائم في غزة يستأنف العمل اليوم    إعلام عبري: تصريحات المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بشأن حماس أثارت غضب نتنياهو    مدرب إسبانيا يصف مواجهة إيطاليا اليوم ب "النهائي المبكر"    سبب الطقس «الحارق» ومتوقع بدايته السبت المقبل.. ما هو منخفض الهند الموسمي؟    حماس: تأكيد جديد من جهة أممية رفيعة على جرائم إسرائيل في غزة    حرب الاتهامات تشتعل بين مندوبي السودان والإمارات في مجلس الأمن (فيديو)    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    العطلة الطويلة جذبت الكثيرين إلى المصايف| أين قضى المصريون الإجازة؟    ارتفاع عدد ضحايا الانهيارات الأرضية إلى 10 أشخاص في بنجلاديش    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    وفاة عروسة أثناء حفل زفافها بالمنيا    وزير الداخلية السعودي: موسم الحج لم يشهد وقوع أي حوادث تمس أمن الحجيج    بعد بيان الأبيض.. اتحاد الكرة يبحث عن حكم أجنبي لإدارة قمة الأهلي والزمالك    بوتين: روسيا ستواصل تعزيز العلاقات وتطوير التعاون مع فيتنام    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    الركود يسيطر على سوق الذهب وإغلاق المحال حتى الإثنين المقبل    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    «المالية»: حوافز ضريبية وجمركية واستثمارية لتشجيع الإنتاج المحلي والتصدير    بعنوان «قلبي يحبك يا دنيا».. إلهام شاهين تُعلن عن فيلم جديد مع ليلي علوي وهالة صدقي    بعد قرار فيفا بإيقاف القيد| مودرن فيوتشر يتفاوض مع مروان صحراوي لحل الأزمة    بعد نجاح زراعته في مصر.. هل الكاسافا هو البطاطا؟ الزراعة تجيب    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تامر حسني يشعل حفله بكفر الشيخ رابع أيام عيد الأضحى (صور)    قمة أوروبية.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «من أجل كايزر تشيفز».. بيرسي تاو يضع شرطًا مُثيرًا للرحيل عن الأهلي (تفاصيل)    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    كندا تبدأ بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    تطورات جديدة| صدام في اتحاد الكرة بشأن مباراة القمة    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    هل ينتهي الغياب المتكرر دون إذن إلى فصل الموظف من العمل؟    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السربونى.. الأديب والمؤرخ
نشر في أكتوبر يوم 18 - 03 - 2012

كان د. محمد صبرى السربونى رائدا من رواد الدراسات الجامعية الذين جمعوا فى دراستهم وتأليفهم وتدريسهم بين التاريخ والأدب وعلوم أخرى، وهو واحد من أبرز المفكرين المصريين المعاصرين الذين جمعوا التفوق فى الأدب والتاريخ معا، كما تميز بقدرات نقدية عالية، وهو أول رئيس لمعهد المكتبات والوثائق بجامعة القاهرة الذى تحول إلى قسم، وظل كذلك حتى الآن.
ولد على أرجح الأقوال (1894) فى قرية المرج مديرية القليوبية بالقرب من العاصمة، وتلقى تعليمه فى الكُتاب، وتلقى تعليمه الابتدائى فى مدرسة النحاسين الابتدائية بشارع باب الفتوح بالقاهرة، وفى أثناء أدائه امتحان الشهادة الابتدائية توفيت والدته فانتابته حالة من الحزن الشديد عليها، واستغرقه حب الشعر فأدمن قراءته مما صرفه عن دراسته المدرسية حتى كاد حبه للشعر يجنى على مستقبله، لكنه عاد وحصل على شهادة البكالوريا من منازلهم (1913)، ثم سافر إلى فرنسا لاستكمال دراسته على نفقته الخاصة (1913)، وفى باريس عكف على قراءة أشعار «لامارتين» و«هيجو»، وعاش الحياة الباريسية معجبا بالطبيعة والحضارة معاً، ثم عاد إلى مصر مع مقدمات الحرب العالمية الأولى بعد سنة واحدة قضاها فى فرنسا، ولم يلبث أن سافر إلى باريس مرة أخرى (1915) فحصل على الليسانس (1919) وفى هذه الفترة كان زميلا للدكتور طه حسين الذى سبق وحصل على شهادة الليسانس (1918)، وفى هذا التوقيت (1919) سافر الوفد المصرى إلى باريس، وهناك التقى السربونى مع أعضاء الوفد، وعمل فى سكرتارية الوفد، واتصل اتصالا مباشرا برئيس الوفد المصرى سعد زغلول باشا، وقد واصل دراسته فى فرنسا حتى حصل على درجة دكتوراه الدولة، وهو أول مصرى يحصل على شهادة دكتوراه الدولة فى الآداب من السربون (1924)، ومن هنا جاءت تسميته المحببة إلى نفسه، وقد عاد بعدها إلى مصر، حيث عمل بالتدريس فى الجامعة المصرية، وقبلها فى مدرسة المعلمين العليا، كما عمل أستاذا للتاريخ فى دار العلوم، كما انتدب لبعض الوظائف المهمة فكان مديرا للمطبوعات، ووكيلاً لدار الكتب المصرية، ثم انتدبته الحكومة للعمل كمدير للبعثة التعليمية المصرية فى جنيف (1939)، ثم اختير ليكون أول عميد لمعهد المكتبات والوثائق عند إنشائه فى كلية الآداب بجامعة القاهرة، وهو المعهد الذى تحول بعد ذلك إلى قسم للمكتبات، ويبدو أن تعيين السربونى مديرا لهذا المعهد المبتكر فى ذلك الوقت كان ذكاء طه حسين لاستغلال جهد السربونى وطاقته بعد أن تخطاه د. السنهورى فى التعيين كمدير عام لدار الكتب (1946)، حين خلت هذه الوظيفة، وكان السربونى فى ذلك الوقت نائبا لدار الكتب.
ولم يطل العهد بالسربونى فى منصب عميد معهد الوثائق والمكتبات فى جامعة القاهرة، إذ كان واحدا من الذين أخرجتهم الثورة من مناصبهم فى بداية عهدها تحت شعار التطهير.
قدم السربونى الكثير من المؤلفات فى الأدب والنقد أبرزها سلسلة كتب عن الشعراء بدأها بكتابة «شعراء العصر» وقد نشره فى شبابه من جزأين، ترجم فيه للشعراء محمود سامى البارودى، وإسماعيل صبرى، وأحمد شوقى، وحافظ إبراهيم وغيرهم، وقد صدر الجزء الأول منه 1910 بمقدمة للأديب الكبير مصطفى لطفى المنفلوطى، ثم صدر الجزء الثانى بمقدمة للشاعر العراقى جميل صدقى الزهاوى، ثم أصدر كتبا عن محمود سامى البارودى، وإسماعيل صبرى، وبعد ثلاثة عقود عاوده الحنين إلى الكتابة عن الشعراء وبدأ 1944 فى إصدار سلسلة «الشوامخ» استهلها بكتاب عن «امرئ القيس» ثم «الشعر الجاهلى».. أعلامه وخصائصه، ثم «ذو الرمة» 1946 و«البحترى» 1946 و«أبو عبادة النجدى» 1946، وبعد أربعة عشر عاما أخرى نشر كتابه «شاعر القطرين.. خليل مطران وأروع ما كتب» 1960، أما أشهر أعماله فى هذا المجال هو كتابه «الشوقيات المجهولة» 1961 الذى يكاد الآن أن يعرف به فى المقام الأول، وفيه جمع قصائد شوقى المجهولة التى لم ترد فى «الشوقيات» المطبوعة، وبهذا الكتاب يعود إليه الفضل فى نشر مجموعة كبيرة من شعر أمير الشعراء أحمد شوقى، وقد طبعت دار الكتب هذا الكتاب أكثر من مرة، بالإضافة إلى هذه الدراسات القيمة عن الشعراء نشر كتابا بعنوان «أدب وتاريخ» وكتابا آخر بعنوان «ذكرى الماضى» وقد ضمنه مجموعة مقالاته فى صباه.
وبجانب اهتماماته الأدبية كانت له اهتمامات سياسية وتاريخية وقومية خاصة بتاريخ مصر، وقد حظيت دراساته التاريخية ولا تزال تحظى بقيمة كبيرة منذ عمل على مساعدة الوفد المصرى فى فرساى بكتاباته التى تميزت بالقدرة البيانية، فضلا عن الإحاطة التاريخية الدقيقة، وقد أصدر باللغة الفرنسية عام 1919 الجزء الأول من كتابه «الثورة المصرية» وأصدر عام1920 كتاب «المسألة المصرية» بالفرنسية، ثم أصدر عام 1921 الجزء الثانى من «الثورة المصرية» بالفرنسية أيضاً، ثم كانت رسالته للدكتوراه عن «نشأة الروح القومية فى مصر» وقد صدرت بالفرنسية عام 1924 فى باريس، ثم أصدر باللغة العربية كتابه «تاريخ مصر الحديث من عهد محمد على إلى اليوم» عام 1926، ومرجعين ضخمين عن «الامبراطورية المصرية فى عهد محمد على والمسألة الشرقية»، وقد صدر بالفرنسية، و«الامبراطورية المصرية فى عهد إسماعيل والتدخل الانجليزى الفرنسى»، وقد صدر بالفرنسية، ونشر كتاباً آخر عن السودان المصرى عام 1821 - 1948 وكتابا عن مصر فى أفريقيا الشمالية، وله بالإضافة إلى هذا دراسات تاريخية متميزة منها «تاريخ الحركة الاستقلالية فى إيطاليا» وعلى نحو ما أفاد سعد زغلول من موهبة السربونى فقد أفاد منه النقراشى عام 1947 حيث كلفه بوضع دراسة عن السودان.
وفى عهد الثورة وعقب تأميم قناة السويس نشر السربونى كتابه «أسرار قضية التدويل واتفاقية 1888» عام 1957 وكتابه «فضيحة السويس» عام 1958، وفى هذه الكتب التاريخية اجتمعت الوطنية المتدفقة بالبحث العلمى الأصيل، وظهر نموذج نادر للمؤرخ الوطنى الذى يملأ الحماس قلبه مع عقل ذكر، وأسلوب علمى.
ويذكر له أنه تمكن من دراسة وثائق قصر عابدين مستعيناً بأحد أصدقائه الذين يعرفون التركية، كما تفرغ للبحث عن الوثائق التاريخية التى تفيد بحوثه ضمن المجموعات الكثيرة المنتشرة فى مكتبات العواصم الأوروبية، وتحفل دراساته الأدبية بتوظيف جيد للتاريخ والدراسات التاريخية، لتوسيع مدارك البحث وضبط أساليبه، أما دراساته التاريخية فتحفل بالروح التى منحتها حرارة الوجدان بالإضافة إلى دقة العلم وسعة الاطلاع، بالإضافة إلى كل هذا الجهد العلمى كان السربونى شاعراً، وقد نشرت له الأهرام فى شبابه قصيدة وطنية فى أثناء الحرب الإيطالية على ليبيا، ونسبت القصيدة من باب الخطأ إلى الشاعر الكبير إسماعيل صبرى باشا.
وعلى العموم كان السربونى أبرز نموذج لطراز العلماء الذين يستغرقهم علمهم حتى ينشغلوا عن العالم به، وهو طراز يقترب من البوهيمية لكنه غير بوهيمى.. وتوفى السربونى يوم 18 يناير عام 1978.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.