تفجرت موجة من الغضب الشعبى بعد قرار إلغاء حظر السفر عن المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى ثم سفر المتهمين الأمريكيين، الأمر الذى يخشى معه إفلات هؤلاء المتهمين من العقوبة فى حالة إدانتهم. ورغم البدء فى نظر القضية من قبل دائرة قضائية أخرى بعد تنحى الدائرة السابقة، إلا أن علامات استفهام كثيرة مازالت مثارا لاهتمام الجماهير، وأهمها ما يتعلق بالعقوبة التى ينتظر إنزالها بالمتهمين فى هذه القضية التى تشغل الرأى العام. «أكتوبر» التقت عددا من المستشارين ورؤساء المحاكم للوقوف على حقيقة الاتهامات الموجهة للمتهمين فى قضية التمويل الأجنبى، والعقوبات المتوقع صدورها بحقهم.. والذين أجمعوا على أن ما ارتكبه المتهمون - بحسب التوصيف القانونى - يعد جناية يعاقب عليها القانون بالحبس من 3 إلى 15 عاما.*المستشار هشام جنينة: توصيف عبد المعز للقضية كجنحة تدخل سافر فى عمل المحكمة * المستشار د. محمد حامد: تشكيل لجنة التظلمات سابقة فى تاريخ القضاء المصرى * المستشار ياسر رفاعى: جناية واضحة وعقوبتها السجن المشدد من 3 إلى 15 عاما فى البداية يقول المستشار هشام جنينة رئيس محكمة الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة ورئيس تيار الاستقلال للقضاة إن قاضيا التحقيق هما أول من وصف هذه الجريمة وانتهيا إلى إحالتها إلى محكمة الجنايات، وبالتالى قد ارتأيا أنها وقائع تشكل جناية وأحيلت إلى محكمة الجنايات، وإذا كان توصيفهما للواقعة على أنها جنحة لكانا قد أحالاها إلى محكمة الجنح، ولكن الوضع الحالى أنها قضية أحيلت إلى محكمة الجنايات، وهو الأمر الواقع الآن فنحن أمام جناية. أما الذى أثار الالتباس وتسبب فى بلبلة للرأى العام وإثارة فى توصيف الجريمة هو حديث المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة على أنها جنحة وهو ما يعد تدخلا منه فى عمل المحكمة التى لها كامل الحق فى أن تضفى على الواقعة وصفها الصحيح والقانونى السليم، فلا دخل هنا لرئيس محكمة الاستئناف بهذه القضية، وكان يتعين عليه أن يصمت عن توصيف الواقعة وهى مازالت مطروحة أمام المحكمة حتى لا يؤثر ذلك فى قضائها أو يثير شبهة التأثير على المحكمة أو التشكيك القانونى فى الواقعة.. بل زاد على ذلك أنه أنزل على الجريمة عقوبة وهو غير مختص بوصف الواقعة، وتضمن حديثه توجيها للمحكمة وهو أمر لا يقبله أى قاض، فدور رئيس المحكمة إدارى فقط ويقتصر على تنظيم حركة العمل فى المحكمة وتذليل المعوقات والصعوبات المادية التى قد تعوق عملهم دون تدخل منه فى طبيعة عملهم القضائى دون القانونى، فكل هذا الذى حدث من رئيس محكمة الاستئناف أثار حفيظة قضاة مصر لأنها سابقة لم نعهدها فى العمل القضائى. ويضيف أن تلقى أموال من الخارج جناية بناء على القيد والوصف، وتصل عقوبتها إلى السجن 5 سنوات والغرامة، أما جنحة إنشاء منظمات مجتمع مدنى بدون ترخيص فهى جنحة تصل إلى الغرامة أو الحبس، ويبدو أن الجريمتين مرتبطتان ببعضهما البعض. سابقة قضائية ويرى المستشار الدكتور محمد حامد رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة أن الاتهامات التى وجهت للمتهمين فى قضية منظمات المجتمع المدنى هى جناية، بالإضافة إلى جنحة، فإنشاء منظمة بدون ترخيص هى جنحة وعقوبتها الحبس والغرامة، أما الاتهام الثانى وهو تلقى الأموال من الخارج من أجل بث الفرقة فى الداخل بين فئات وطوائف المجتمع تشكل جناية عقوبتها السجن حتى 5 سنوات كأقصى عقوبة، والمتهمون مقدمون بقيد ووصف جنحة وجناية فى نفس الوقت. ومحكمة الجنايات التى تنظر القضية هى الوحيدة التى تقرر ما إذا كانت الواقعة تشكل جنحة أو جناية بالنسبة لتلقى الأموال، فإذا رأت أنها جناية فهى توقع عقوبة السجن 5 سنوات، أما إذا رأت أنها جنحة فيمكن أن تصدر حكمها فيها بإحدى العقوبتين وهى، إما الحبس وإما الغرامة، ولا تستطيع أن تحكم بالعقوبتين معا. وأضاف أن الجناية تجب الجنحة وهنا يكون الحكم بعقوبة واحدة وهى عقوبة الجناية لأنها هى الأشمل والأكبر والأوسع، مشيرا إلى أن الدائرة بعدما قررت تأجيل نظر القضية إلى 26 أبريل 2012 فوجئنا بتنحى المحكمة، وهو ما جعلنا فى مأزق قضائى وقانونى. محكمة الموضوع من جانبه، يرى المستشار ياسر رفاعى رئيس محكمة استئناف بدائرة جنح النقض أن الاتهام الذى تم توجيهه للقائمين على منظمات المجتمع المدنى التى تم ضبطها، وتم حظر سفرهم ثم رفع حظر السفر بقرار من المحكمة هو إدارة جمعية بدون ترخيص، وتندرج هذه التهمة تحت الجناية وطبقا للقانون فإن عقوبتها عقوبة الجناية وهى السجن الذى يتراوح ما بين 3 سنوات إلى 15 عاما. وأضاف أن قضاة التحقيق هم الذين أدرجوا المتهمين على قوائم الممنوعين من السفر، ثم أحيلت القضية إلى محكمة جنايات القاهرة التى أصبحت هى المختصة منذ تلك اللحظة بالنظر دون غيرها فى أى طلب يتقدم به المتهمون، وقد تنحت هذه المحكمة بأعضائها جميعا، وبالتالى أصبحت المختصة هى دائرة الموضوع التى ستحال إليها القضية، وقد تم تشكيل دائرة بالفعل، وهو موقف لا يحسد عليه جميع القضاة، وقد تم وضعهم فيه دون أخذ رأيهم وهم لم يرغبوا أن يضعوا أنفسهم فيه. العقوبة الأشد أما المستشار إسماعيل البسيونى رئيس نادى قضاة الإسكندرية السابق فيقول إن الاتهامات التى وجهها قضاة التحقيق لهؤلاء المتهمين هى جناية تشكل هدم الدولة من الداخل عن طريق تلقى أموال من الخارج وهى تكييف قانونى قُدم المتهمون بمقتضاه إلى المحاكمة أمام محكمة الجنايات. وأضاف المستشار البسيونى أن هناك اتهاما آخر يمثل جنحة وهو إنشاء منظمات بدون ترخيص وعقوبتها الحبس أو الغرامة طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات، أما المادة 32 فهى تنص على إعطاء العقوبة الأشد إذا كان هناك تعدد للجريمة، فإذا كانت الجريمة وقعت لغرض إجرامى واحد فهنا المحكمة تصدر العقوبة الأشد وهى عقوبة الجناية وتصل إلى السجن المؤقت وهى عقوبة تقديرية للمحكمة تحددها المحكمة نفسها، وقد تصل إلى السجن 5 سنوات. وأخيرا يرى المستشار البسيونى أن ما حدث من جانب المستشار محمد محمود شكرى رئيس محكمة الجنايات هو تصرف قانونى لأن القضاء مستقل، وقام بالتنحى بعد أن عرض الأمر على أعضاء الدائرة الذين قرروا أيضا التنحى وهو تصرف لا تشوبه شائبة وسليم مائة فى المائة.