فوجئ الوسط الفنى مؤخرا بالحكم الصادر على الفنان عادل إمام بحبسه ثلاثة أشهر فى الدعوى القضائية التى اتهمه فيها أحد المحامين بازدراء الأديان، والسخرية من الدين الإسلامى فى أكثر من عمل قدمه، مثل «مرجان أحمد مرجان» و«الإرهابى» ومسرحية «الزعيم» ،فهل حقا يزدرى عادل إمام الأديان.. هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال هذا التحقيق..? فى البداية يقول الفنان أحمد بدير: أنا ضد اتهام الفنان عادل إمام بهذه التهمة إطلاقا لان هذا يعد تقييداً لحرية الفنان فى مصر، وهل هذا كان من الممكن أن يحدث قبل حدوث الثورة بالطبع لا، لماذا؟ لاننا نعيش فى مجتمع حر، فكل شخص حر فى أن يهاجم الشخص الآخر بسبب أو بدون سبب، فالذى رفع قضية على عادل إمام استند فى الدعوى إلى أعماله السابقة التى تم بثها من سنوات مضت فهل هذا يعقل، عادل إمام ليس بفنان ضعيف بل ينتمى إلى جيل المبدعين، فجميع أعماله تحمل رسالة واضحة للجميع حتى قبل اندلاع الثورة المصرية، فعلى سبيل المثال فى مسرحية « الزعيم» الذى استند إليها المحامى الذى رفع عليه هذه القضية، مسرحية حملت رسالة واضحة للجميع عن فساد الحاكم ومعاناة الشعب المصرى، وهذه المسرحية تم عرضها تقريبا من عشر سنوات وربما أكثر من ذلك وقبل قيام الثورة بسنوات كثيرة وليس بها أى مشاهد خارجة، لماذا استند عليها كدليل فى تلك القضية ؟ أنا لا أعلم، أيضا فيلم « مرجان أحمد مرجان» عالج قضية فساد رجال الاعمال ومشكلة الرشوة فى مجتمعنا وهى من المشاكل الخطيرة، ما حدث مؤخرا هو مخطط واضح للجميع لهدم المجتمع المصرى بكافة عناصره وعلى رأسهم الفنانون، فلابد ان نحذر جميعا فهذا يعد جرس إنذار لنا جميعا فمن سيسرى على الفنانين سيسرى أيضا على كافة القطاعات داخل مصر!! ? أما الناقدة ماجدة موريس فتقول: بالطبع أنا ضد اتهام الزعيم أوغيره من الفنانين بهذه التهم، التى ترمى بدون دليل، وأعتبر ذلك ضد حرية الابداع وحرية الفنان، فالفنان أولا وأخيرا يقدم شخصية ودوراً، فعلى سبيل المثال لو فنان قدم شخصية غير متدينة هل معنى هذا ان الفنان الذى قام بتقديم هذه الشخصية ضد دين بعينه.. بالطبع لا، وهل يمكن لو قدم فنان شخصية مسيحى يكون ضد الدين الإسلامى أو لو قدم شخصية مسلم يكون ضد الدين المسيحى، وأرى أن ما يحدث هدفه مهاجمة الفن بشكل عام ومحاربته بشكل أو بآخر، ونحن سندافع عن الفن والفنانين وحرية إبداعهم ضد من يريدون قتل الإبداع فى مصر.. ? من جانبه يعتبر الناقد نادر عدلى هذا النوع من الدعاوى القضائية قيدا على الابداع الفنى، ويقول: «هذا عمل لن نسمح به بأى حال من الاحوال، نحن نعرض افلاما ذات قيمة وتصل للعالمية ولم يحدث أن فنانا هاجم دينا بعينه، فالفنان يقدم رسالة هادفة للمجتمع المصرى، والسينما ساهمت بشكل او بآخر فى التخلص من عناصر الفساد من خلال عرض مشاكل المجتمع المصرى والعشوائيات، ولو كان هناك بعض الافلام غير الهادفة فهذا لا يعنى ان كل الافلام والفن والفنانين كفرة ومنحرفين». ? ومن الناحية القانونية يفسر «عمرو زين الدين» المحامى بالنقض والاستئناف تهمة « ازدراء الاديان» قائلا : ينص القانون على أنه يعاقب بالحبس وبغرامة أو بإحدى العقوبتين، كل من شوش على إقامة شعار ملة أو احتفال دينى خاص بها، أو عطلها بالعنف أو التهديد، وكذلك كل من خرَّب أو كسَّر أو أتلف أو دنس مبانى معدة لإقامة شعائر دين، أو رموزاً أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس، وأيضاً كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها، كما يعاقب كل تعدٍ على أحد الأديان التى تؤدى شعائرها علناً، ويقع تحت أحكام هذه المادة طبع أو نشر كتاب مقدس فى نظر أهل دين من الأديان التى تؤدَّى شعائرها علناً، إذا حرف عمداً نص هذا الكتاب تحريفاً يغير من معناه، وكذلك تقليد مظهر دينى فى مكان عمومى أو مجتمع عمومى بقصد السخرية به أو ليتفرج عليه الحضور، وهذا ينطبق على السينما، لكن كل فيلم بالطبع حالة خاصة والتقدير يكون للقاضى فى النهاية. ? وعن رأى الدين فى هذه القضية، تحدثنا الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الشريعة والعميدة السابقة فى كلية الدراسات الاسلامية، قائلة : ما يحدث الآن يشعرنا بأننا سنعيش فى إرهاب فى الايام القادمة وبغض النظر عن قضية الفنان عادل إمام، الاسلام دين وسطى فهناك وقت للعبادة وآخر للترفيه عن النفس وكما ان الاسلام يرفض الانحراف يرفض الحجر على حرية المبدعين، فهناك العديد من الفنانين المحترمين الذين تحمل أعمالهم الفنية رسالة وهدفاً يوصل من خلاله لطبقة من طبقات المجتمع، وهناك فن يكون هدفه الترفيه عن النفوس من خلال الكوميديا، وعلينا ألا نخلط بين الابداع والفن الحقيقى وبين الانحراف والانفلات الاخلاقى . ? ويؤيد الشيخ سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة هذا الرأى ويقول: «أنا ضد التشدد فى الدين الاسلامى، وضد من يهاجم الفن، ولى رأى واضح فى تلك القضية وهى اننى اعلم جيدا ان الفنان عادل إمام فنان مبدع وأعماله تحمل رسالة للمجتمع المصرى ولكنى أتحفظ بعض الشىء عن المشاهد الخارجة والتى تخدش الحياء وعليه من التقليل منها واستبدالها بمشاهد تحمل مضمون العمل ولكن لا يمكن ان نحاسبه على أعمال سابقة ربما تكون هناك بعض الاعمال هو شخصيا غير راض عنها او قدمها فى ظروف معينة ولكن لا يمكننا ان نحكم عليه بأنه يزدرى الاديان . ? فيما يختلف معهما الدكتور جعفر عبد السلام، أستاذ القانون الدولى والأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية،قائلا: «أنا مع اتهام عادل إمام بتهمة ازدراء الدين لانه للأسف الشديد فى الفترة الاخيرة قدم أفلاما تنتمى إلى أفلام العرى والانحراف، ويعتمد على ذلك فى ترويج تلك الافلام بدلا من اعتماده على الكوميديا فقط، ولكن لكبر سنه بدأ يعتمد على ظهور العديد من الفتيات العاريات مع العديد من المشاهد التى تخدش حياء المشاهد المصرى، ولابد ان يتم تصعيد القضية على المستوى الدولي، مع فرض عقوبات رادعة على كل من يزدرى الأديان، سواء عن طريق الفن أو الأدب وخلافه ،وتختص بتقدير ذلك مؤسسة دولية تضم ممثلى كل الأديان لرصد المخالفين لذلك فى مختلف دول العالم، لأن مناهضة ازدراء الأديان تؤدى إلى إشاعة التسامح ونبذ التمييز والعنف على خلفية دينية.