استكمالاً لما أوردناه الأسبوع الماضى عن رؤية العالم لمصر بعد عام من سقوط مبارك من فوق سدة الحكم .. وكيف يرى المراقبون أنّ الخلاف الدائر حالياً بين مصر والولايات المتحدة لن تكون له آثار وخيمة على علاقات البلدين نظراً لأهمّية مصرالاستراتيجيّة فى المنطقة وفى العالم. يرى المراقبون أيضاً أنّ قيادات الجيش فى مصر غير متحمسين حاليا للاستمرار فى تحمل أعباء حكم دولة كبيرة كمصر.. خصوصاً بعد أن حاول كثيرون من مرتادى شبكات التواصل الاجتماعى على الفيس بوك وتويتر النيل من تلك القيادات وتشويه صورتهم أمام الشعب. لذا كان قرار المجلس العسكرى الصادر مؤخراً بتقديم موعد التقدم لانتخابات الرئاسة شهراً عما كان مقررا من قبل.. أى الى العاشر من مارس القادم. أما عن الدروس التى استفاد بها العالم من ثورتنا فى مصر بصفة خاصة ومن ثورات ربيع العالم العربى بصفة عامة..فهى كثيرة لعلّ أهمّها: أولا: أنّ الأنظمة الديكتاتوريّة مهما كانت قوية كنظام مبارك فى مصر والقذافى فى ليبيا وزين العابدين فى تونس وعلى صالح فى اليمن ..لن يتمكنوا من قمع ثورات شعوبهم حتّى وان استخدموا جيوشهم لفرض حل أمنى على شعوب ضاقت بهم وقررت ازاحتهم. ثانياً: حين لاحت بشائر الثورة فى مصر امتنع الجيش المصرى عن الفتك بالمتظاهرين وتجنبت القيادة فى الجيش خطأ وقع فيه لاحقاً جيش القذافى فى ليبيا وبشّار الأسد فى سوريا وعلى صالح فى اليمن. بل إن قيادة الجيش المصرى توصّلت مبكراً لنتيجة مؤدّاهاأنّها باستمرارها فى تأييد نظام بدا واضحاً مدى حرصه على توريث لا تستسيغه ولا تستطيع أن تبتلعه.. ممكن أن يؤدى بمصر -لا قدّر الله- الى حرب أهلية لا تبقى ولاتذر. قيادات المجلس العسكرى المصرى كما يرى المراقبون فى الخارج حرصوا على تجنب اعطاء أى أوامر باطلاق نار على المتظاهرين فى ايّام الثورة الأولى وحتى إسقاط مبارك.. وهم بذلك تجنّبوا كارثة حدثت لجيوش عربية أخرى فى مواجهة ثورات الربيع العربي.. وهى أن الضباط والجنود قد يعصون أوامر اطلاق النار ضد الثوار من شعوبهم.. بل قد ينضمون هم انفسهم إلى الثوّار كما حدث فى ليبيا واليمن وكما يحدث فى سوريا حالياً. ثالثا: مع تسارع الأحداث فى مصر حاليا من انتخابات برلمانية –انتهت - بعدها تأتى انتخابات رئاسية وتشكيل لجنة لوضع دستور جديد مع تشكيل حكومة جديدة.. كل ذلك يفتح أبواباً للخلافات الحادة بين الفرقاء بسبب تنوع الرؤى والمصالح.. بعد أن سادت روح الحب والوحدة جميع أطياف الشعب على امتداد أيام الثورة الأولى. تمر الثورات بمراحل عديدة لعلّ أسهلها إسقاط النّظام.. لكن أصعبها التوصل الى اتفاق حول وضع نظام يضمن الديمقراطية. نأمل أن تحل علينا الذكرى الثّانية لإسقاط مبارك ونحن فى مصر أفضل حالاً وأعلى قامةً وأن يتعلم العالم منّا دروساً أكثر.