خلال زيارته لصربيا.. البابا تواضروس: الكنيسة القبطية بيت للجميع ورسالة حب وسلام    الأعلى للمهندسين: قانون الإيجار القديم ظالم ويجب إخلاء الشقق المغلقة والمستغلة لغير السكن فورًا    كواليس اجتماعات الزمالك لحسم خليفة بيسيرو    أجواء تنافسية في اليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    بدء محاكمة المتهمين بتزوير المستندات الرسمية بعين شمس    «التمويل الدولية» تدرس تدبير 600 مليون دولار لمحطة «أبيدوس 2» للطاقة بمصر    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    أمجد الشوا: آلية إدخال المساعدات إلى غزة محاولة للتهجير القسري    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    إدارة ترامب تواصل ملاحقة "هارفارد" وتسعى لتجميد المنح الجديدة للجامعة    وزير الخارجية يجري اتصالا هاتفيا مع نظيره السوداني    الكرملين: بوتين وبزشكيان اتفقا على تعزيز التعاون العملي بين البلدين وتنسيق السياسة الخارجية    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    تقارير: أرنولد يهدد مستقبل فاسكيز في ريال مدريد    شوبير: الشرط الجزائي لكولر أكبر من ديون الزمالك بس الأحمر معاه فلوس يدفع    ظهر في 3 أفلام وصاحب رقم قياسي.. محطات عن صالح سليم في ذكري وفاته    الفتوى والتشريع تؤيد عودة 3 أساتذة جامعيين متفرغين بعد إنهاء خدمتهم    مسيرة طلابية بجامعة الزقازيق للمطالبة بكشف ملابسات حادث طالبة كلية العلوم    تأجيل إعادة محاكمة 4 متهمين في «أحداث شغب مطاي» بالمنيا    مفتي الجمهورية: الفتوى الرشيدة تمثل ضرورة ملحة لاستقرار المجتمعات    انطلاق تطلق ملتقى «الثقافة والهوية الوطنية» بالعريش.. الليلة    بدء استقبال طلبات الأفلام للمشاركة في الدورة 5 من البحر الأحمر السينمائي    بالصور- ريهام عبد الغفور تهنئ رنا رئيس بحفل زفافها:"حبيبة قلبي وبنوتي"    تفاصيل التصعيد الإسرائيلى الأخير فى غزة بعد توسيع العمليات العسكرية    لمناقشة فرص توطين اللقاحات وتعزيز التصدير، رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد فاكسيرا    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    زعيمة حزب الخضر في ألمانيا: نريد حكومة قادرة على التصرف    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    القومي للمرأة يناقش قضايا التواصل والعنف السيبراني    رئيس الجمعية الكورية للمسرح يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    61.15 دولار للبرميل.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    كلية التمريض جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول المشروع القومي لمشتقات البلازما    وحدة السكان في الشرقية تنظم 15 ندوة للتوعية بالقضية السكانية    تعليم السويس يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية    18 مايو.. بدء محاكمة مرتضى منصور في اتهامه بسب خالد يوسف وزوجته    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    شوبير يكشف مصير بيسيرو مع الزمالك وأبرز المرشحين لخلافته    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان    كم يوم متبقي حتى عيد الأضحى 2025 ؟    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة قنا    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    «العربية للتصنيع» تتعاون مع شركة أسيوية لتأسيس مشروع لإعادة تدوير الإطارات المستعملة    صور حديثة تكشف أزمة بسد النهضة، والخبراء: التوربينات توقفت وإثيوبيا تفشل في تصريف المياه    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب هزيمة التيارات الليبرالية بالضربة القاضية !
نشر في أكتوبر يوم 15 - 01 - 2012

هل تكون الانتخابات البرلمانية المسمار الأول فى نعش التيارات المدنية والليبرالية.. أم سيحدث العكس؟
..وإذا كان المصريون قد عانوا من حكم الفصيل الواحد.. فأين التغيير؟!
يتبع ذلك مناقشة دور المال فى الدعاية الانتخابية.. وما يقوم به من تقديم رشاوى. والسؤال الأهم: هل كان لدى المواطن الوقت الكافى لقراءة البرامج الانتخابية.. ثم يحدد لمن يعطى صوته؟ وهل لعبت الأمية الدور الأكبر فى استغلال العواطف الدينية؟ (أكتوبر) فتحت ملف الأحزاب الدينية والليبرالية أمام عدد من المفكرين والخبراء.. الذين أجمعوا على ضرورة إيجاد قواسم مشتركة.. وإحداث نوع من التوافق بين الاتجاهات المختلفة، لصالح القرار الوطنى.
فى البداية يرى د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أن المنظومة الانتخابية غير كاملة.. حيث إن أول بنودها غير مطابق للواقع. فقد تم تحديد الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية بمبلغ نصف مليون جنيه للأفراد.. و4 ملايين جنيه لأصحاب القوائم.. وهذه المبالغ تعتبر خيالية وسط شعب يعانى من الفقر.. وبالرغم من ذلك فلم تحترم هذه الحدود. وتم إنفاق مبالغ طائلة فى الانتخابات.. والذين قاموا بالمخالفة هم جماعات الإسلام السياسى والسلفيون!!.. وبالتالى لم يكن هناك تكافؤ فى الإنفاق على الدعاية الانتخابية.. وبذلك لم يحترم القانون.. وتم اختراقه من خلال استخدام الشعارات الدينية.. وكذلك استخدام المساجد والزوايا فى الدعاية الانتخابية.. فضلًا عن أنه لم تحترم فترة الصمت التى تسبق عملية الانتخابات.. كما أنهم مارسوا الدعاية الانتخابية أمام وداخل اللجان.. وكل ذلك مخالف للقانون.. كما تمت ممارسة التزوير الفاضح.. حيث تم ضبط أوراق مختومة وموقعة لوضعها فى صندوق الانتخاب لصالح حزب معين.. وتم ضبط المتهم، وأفرج عنه بكفالة ولم توجه له تهم تزوير الانتخابات، وتقديم رشوة للمسئول عن اللجنة.. والسعى لإفساد العملية الانتخابية!!
وبذلك يتضح لنا أن المنظومة غير سليمة.. وأضاف د. رفعت السعيد أن الإخوان المسلمين لديهم كوادر وأموال لا حصر لها.. ولكن المثير للدهشه أن السلفيين ظهروا فجأة.. وكانوا قبل ذلك مأمورين باتباع الحاكم، وإعطائه البيعة!.. لكن بين عشيه وضحاها جاءتهم مئات الملايين من الدولارات من الدول العربية.. فسيطروا على الشارع الانتخابى!!
أما القوى المدنية والليبرالية فلم يكن لها هذا الحظ من الدعم المادى الطاغى.. ويضيف: إن المثير فى المشهد كان فى اختيار كل من صبحى صالح والمستشار طارق البشرى لصياغة ورقة المبادئ الدستورية والإعلان الدستورى.. والمطلوب أن يتم الاختيار على أسس وطنية وقلنا من البداية لابد من وضع الدستور أولًا..
ولما اقترحنا وضع مواد مؤهلة للدستور «المبادئ فوق الدستورية» رفضوها.. كل هذه الخطوات غير المتزنه أدت إلى تغول التيارات الدينية على حساب التيارات المدنية والديمقراطية!!.. ونحن الآن نسعى إلى توحيد كل القوى الوطنية والليبرالية التى تريد دولة المواطنة، واحترام حقوق المواطنين (مسلمين وأقباطاً أغنياء وفقراء، نساء ورجالًا ، شبابا وشيوخًا) بحيث يشعر كل مواطن أنه على قدم المساواة مع الآخرين.
وينهى د. رفعت السعيد حديثه بأنهم يسعون من خلال ائتلاف (الكتلة المصرية) للحفاظ على مصر وحمايتها من الهجمة السلفية الوهابية الرجعية.. والسعى نحو إيجاد تغيير فى النتائج الانتخابية.
وترى الفنانة سميحة أيوب أن مستقبل التيارات الليبرالية والمدنية هو مستقبل مبشّر، بشرط أن يعود الوعى لجماهير الشعب المصرى، مشيرة إلى أن الشعب حاليًا يمر بحالة فرز.. وهو الذى سيختار فى النهاية وتتمنى أن يتم الاختيار عن وعى واقتناع بما يؤدى إلى صالح البلاد.
وتؤكد أن التيارات الدينية خسرت الكثير، وذلك لما أبدته من تشدد يخالف منطق العصر حيث حددوا مفاهيم تتناول المرأة، كما أن التيارات الدينية التى اشتهرت بتيارات الإسلام السياسى تريد إقامة الدولة الدينية، بينما التيارات المدنية والعلمانية تحترم كل الأديان وتتيح الفرصة لأتباع كل دين بممارسة معتقداتهم وطقوس عبادتهم والتى لا تعنى فصل الدين عن المجتمع، كما أن التيارات المدنية والليبرالية تحرص على فصل السلطة السياسية عن السلطة الدينية. أما الشىء الأخطر فإن جماعات التطرف الدينى اخترقت نظم التعليم فى بلادنا لتلقين التلاميذ الفكر المتطرف، دون الاعتماد على الفهم والحوار، أو النقد، وكذلك تغفل القنوات الفضائية نفس الشىء، فهى تبث التأويل المنحرف للنصوص الدينية، كما أنها تروّج للخرافات والأباطيل فى غيبة تامة من المؤسسة الدينية العالمية الأزهر الشريف.. فلماذا تستمر هذه الفضائيات فى بث سمومها، دون أن تلقى ردًا من الصوت العاقل للأزهر؟!
مشيرة إلى أن ثورة 25 يناير التى عبرت بالشعب المصرى إلى شواطىء الحرية السياسية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لم تكن بالمصادفة، إنما استلهمت تراث الشعب المصرى العريق.. الذى كافح فى جميع المجالات بدأ من تحرير المرأة من القيود والانحلال التى كانت تكبل حريتها.. وتنظر لها على أنها متاع!.. بينما الدين أقر بمساواتها بالرجل فهى نصف المجتمع.. والمرأة هى التى ولدت وربت الأبطال الذين حرروا مصر من الاحتلال الأجنبى على مدى العصور.. وهى أم السواعد الفنية التى تعمل فى كل مجال انتاجى. ويأتى البعض الآن ليعيدوها إلى عصر الحريم والجوارى.. ويناقشون أمورًا عفا عليها الزمن مثل أن صوت المرأة عورة!.. إنهم لا يدركون أن العالم يعيش حضارة واحدة.. لأننا نمر بثورة الاتصالات حتى خلقت البث الفضائى الكونى عن طريق شبكة الإنترنت والمواقع الإلكترونية.
وفى نهاية حديثها تؤيد الفنانة سميحة أيوب حكومة الإنقاذ الوطنى بقيادة د.كمال الجنزورى من أجل الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة.. وتحقيق كل آمال وطموحات ثورة يناير فى الاستقرار والتنمية والحرية والعدالة الاجتماعية.
الدستور لكل المصريين
من جهته يعتب الكاتب الصحفى نبيل ذكى على اللجنة العليا للانتخابات.. لأنها لو طبقت القواعد التى فرضتها.. لكان هناك اختلاف فى نتائج الانتخابات مشيرًا إلى أنه كان يتمنى أن يتم تلافى المخالفات والتجاوزات فى المرحلة الأولى من الانتخابات منها الدعاية خارج اللجان وداخلها، واستخدام الشعارات الدينية فى دور العبادة، وكذلك تأخر وصول بعض أوراق الانتخابات، وزيادة مدة الانتظار أمام اللجان فى طوابير طويلة.
إننا نخوض معركة انتخابية، والدين له قدسية ومكانة عظيمة فى نفوسنا جميعا، ويجب عدم إقحامه فى معركة انتخابية.. والسؤال: هل الانتخابات تفرز المؤمن وغير المؤمن؟!.. ولماذا التدخل بتقييم الناس إيمانيا.. وهذا من اختصاص الخالق وحده عز وجل؟.. أما نتيجة الانتخابات فكانت متوقعة.. والغريب فى الأمر أننا نجد أن الإعلان الدستورى يحظر قيام أحزاب على أساس دينى.. ولكنهم أعلنوا بصراحة أنهم أحزاب دينية، وهم المسئولون عن تطبيق شرع الله.. وهذه الأحزاب لم تفصل توجهاتها السياسية عن مرجعيتها الدينية.. ولا يوجد وطنى مخلص يسمح بالانقسام بهذا الشكل لأن المفروض أن يكون الدستور متوافقًا ويمثل كل الأطياف السياسية.
وأضاف إذا كان الدستور يمثل الإسلاميين الآن.. فإذا لم يوفقوا فى الانتخابات القادمة.. هل نغير الدستور لصالح الاشتراكيين أو الليبراليين إذا وصلوا للحكم؟ فى رأيى أنه يجب أن يكون الدستور ثابتًا يمثل كل الاتجاهات.
بالنسبة للمجلس الاستشارى المدنى فهو ليس بديلا عن البرلمان.. والمهام التشريعية والبرلمانية يقوم بها أعضاء مجلس الشعب.
وإذا كان البرلمان القادم لن يمثل كل فئات الشعب، فيجب أن يوضع الدستور بالتوافق.. وتكون هناك ضوابط فى اختيار الجمعية التأسيسية التى تضع الدستور.
والمجلس العسكرى يؤيد أن سلطة البرلمان هى التى ستشكل الجمعية التأسيسية.. والخوف من أن ينفرد تيار واحد بصياغة الدستور.. وبذلك لن يعبر عن كل الاتجاهات والأطياف المصرية.. وبعد فشل وثيقة المبادئ الدستورية التى تم التراجع عنها.. وقد كانت كل التيارات متوافقة على وضع مبادئ حاكمة للدستور وتم التراجع عنها أيضًا!
ومجلس الشعب القادم سيجد أمامه الإعلان الدستورى.. ووفقا لهذا الإعلان فإن المجلس العسكرى هو الذى سيعين رئيس الوزراء.. والتخبط الذى نعيش فيه سببه عدم وضع الدستور أولًا.. ولا أحد يعرف الآن ما هى سلطات مجلس الشعب القادم.. حيث توجد مشاكل كثيرة منها عدم المساس بنسبة تمثيل العمال والفلاحين.. وكذلك وجود مجلس الشورى.. فإذا ألغى المجلس القادم نسبة تمثيل العمال والفلاحين ومجلس الشورى.. فعلينا إجراء انتخابات برلمانية جديدة.
وبالنسبة للغرب فإنه يغازل التيارات الإسلامية منذ فترة طويلة.. ويحاولون عقد صفقات معهم.. وهذه التيارات ربما تستجيب لذلك! ولكن الشعب سيحترم إرادة الناخبين.. والمهم أن نجرى الانتخابات بنزاهة وشفافيه.. وعدم استغلال الدين لصالح تيارات معينة.. وينهى ذكى حديثه إننا جميعا متدينون.. ولا يستطيع أحد سلخنا من الانتماء للدين.. والناخب المصرى والشعب المصرى لديهما تجربة انتخابية منذ ثورة 1919 .. وفى هذه الانتخابات أعطى الشعب أصواته بالأغلبية لحزب الوفد فى ذلك الوقت... والمصر.
الأزهر هو المرجعية
ويرى د. محمود أبو العينين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن التيارات الدينية اكتسحت صناديق الاقتراع وتقزمت أدوار الأحزاب والحركات الشبابية الأخرى.. والتى كان لها الفضل فى نجاح الثورة المصرية العظيمة..
وفى تقديره أنه لابد للاتجاهات الليبرالية والثورية والشبابية أن تعيد النظر فى استراتيجيتها.. وتخرج من الميادين للالتحام بالجماهير وبالمجتمع.. لأن المعيار الوحيد المتاح والمسموح به داخل مصر وخارجها هو صناديق الاقتراع.. وهو السبيل للوصول إلى السلطة.. وعلى ذلك لابد من إقناع المجتمع للتحول لصالح الرؤى الجديدة للثورة وللفكر الجديد، بعد انهيار نظام الحكم البائد.. لابد أن يعتنق المجتمع الأفكار الثورية.. ولا يبقى فى قبضة أية جماعة مهما علا صوتها فالمعيار النهائى لنجاح الثورة هو أن يساند المجتمع أهداف الثورة.. أما أن تتحول الثورة والحركة المصرية الجديدة إلى مجرد خلافات فقهية ودينية.. فهذا يعتبر نوعًا من الانتكاسة.. نريد من المجتمع الالتزام بأهداف الثورة.. والعمل على تجسيدها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.. والانطلاق بمصر إلى الأمام وليس إلى الخلف.
وهذا النموذج المصرى الذى نفخر به لثورة 25 ينايرلابد ان يكون نموذجًا ناجحًا يحتذى به.. لأن كل الدول المحيطة بنا فى المنطقة العربية والأفريقية تنظر إلى النموذج المصرى باعتباره قدوة لكل دول العالم.
والمرحلة الحالية تتطلب عدم التصادم وعدم التوغل فى الفكر المتطرف، أو التشدد فى التصريحات، نحن نحتاج إلى نوع من المرونة والانطلاق.. لأن البناء أصعب من الهدم.. نحتاج إلى إعمال العقل.. والنظرة إلى المستقبل وإلى التحديات التى تواجهنا فى الداخل والخارج. وبالنسبة للنظرة إلى الدين.. فيجب أن ندرك أن الدين يسر لاعسر.. ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.. كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ويشعر د. محمود أبو العينين بالأسف لأن الثورة لم تصل إلى عمق المجتمع.. وتحتاج لفترة من العمل الشعبى والمجتمعى.. مشيراً إلى أن ذلك يدعو كل الأطراف إلى التوجه إلى مرحلة جديدة فى ظل بناء نظام توافقى يحقق مصالح الجميع بدون إقصاء أى فصيل أو اتجاه فكرى.. لأن النظام السياسى الجيد هو الذى يستوعب كل القوى الداخلة فيه.
مشيراً إلى أن وجود التيارات الدينية على الساحة لا يخيف أحد!.. لأن الحوارسيستمر بين كل الأجنحة سواء على ساحة المجتمع.. أودخل البرلمان ذاته، لافتاً إلى أن هذا الحوار سيحجم أو يقلل من غلو بعض الاجنحة والتيارات المتشددة فى كل اتجاه.. وهذه ظاهرة صحية.
وحول ما يتردد على مرجعية الدولة المصرية يرى أن مرجعيتها إسلامية.. وهذا متفق عليه.. لكن المطلوب هو تحديد آليه لتحكم عملية الاختلافات بين المذاهب الاسلامية.. لابد من الاحتكام إلى مرجعية اسلامية كبرى يكون لها الرأى الفاصل فى القضايا الخلافية ذات البعد الدينى.
الإخوان مع الدولة المدنية
بينما يلوم د. حسن أبو طالب مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام على القوى الشبابية والليبرالية والمدنية أنها استهلكت جهدها فى المظاهرات والمليونيات مما جعلها لاتتواصل مع الجماهير من خلال منظومة الأحزاب.. وبذلك تراجعت شعبيتها بالاضافة إلى الاختلاف فيما بينها.. ولم يكن لها ما يمثلها فى الشارع المصرى.. وبذلك فإنها لم تستعد للانتخابات،ومظنة أن الانتخابات لن تحدث.
وفى المقابل نشطت التيارات الدينية وفى مقدمتهما الإخوان.. وكانت لها الغلبة لأسباب عديدة معروفة للجميع. وعلى ذلك فان الانتخابات عكست فكرة من استغل علاقتة بالشارع.. ولابد ان نذكر ان حزبى الحرية والعدالة والوسط أكدا أنهما مع الدولة المدنية باعتبار أن الاسلام دين وثقافة وحضارة فى آن واحد.. وهناك مدنيون لهم مرجعية اسلامية موجودون فى الساحة. والانتخابات لاتعكس سيطرة فكرة حكم الفصيل الواحد.. ويرى أن هناك تنوعًا بنسب مختلفة.. وهناك عملية ديمقراطية شارك فيها الناس.. وهذا التحول لم يكن تحولًا إلى سلطوية وديكتاتورية مرة أخرى.. وأنهم فازوا من خلال صندوق الانتخابات.. وهناك اتهامات متبادلة بين الأطراف.. لأن هناك من يرى قائمة أحزاب الكتلة حصلت على أموال من رجال أعمال.. وآخرون يرون أن الاسلاميين حصلوا على أموال من الخارج.
ويشير د.حسن أبو طالب إلى أن هذه الانتخابات لم تظهر فيها برامج انتخابية.. إنما ظهرت فيها الشعارت والأشخاص.. وهذا ماكان يحدث قبل الثورة.. وتفضيل برنامج على برنامج يتطلب ثقافة ديمقراطية تنتشر فى ربوع الوطن .. وهذا يحتاج إلى بعض الوقت.
لماذا الاتجاه الدينى؟
ويشير د.عبد الهادى سويفى أستاذ الاقتصاد بجامعة أسيوط إلى أن التيار الدينى ركز على الجانب القيمى من محاربة الفساد واقامة العدالة.. واستقطب قطاعات واسعة من افراد المجتمع.. وهناك قطاعات من ذوى الثقافة المحدودة أيدوا التيار الدينى، وذلك للمعاناة الشديدة التى يمر بها غالبية المجتمع المصرى .. أما الأحزاب الأخرى فقد مارست الكلام فى السياسة من وراء الجدران.. واتجهوا إلى قضايا لاتهم الموطن مثل دور مجلس الشعب، والنظام البرلمانى القادم.. وقد قصروا فى الدعاية الانتخابية.. واهتموا بالمظاهرات والاعتصامات.. وقد اتجه معظم الصامتين (حزب الكنبة) إلى تأييد التيارات الدينية.. ونرجو ان تستوعب الاحزاب المدنية الدرس.. حيث إن ذلك سيؤدى إلى انتكاسة للديمقراطية.. وستعيش مصر مرة اخرى تحت سيطرة الحزب الواحد، كما كانت فى عهد الحزب الوطنى المنحل. وقد يؤدى ذلك إلى خلافات ومصادمات فى البرلمان والشارع.
غزوة الصناديق !
د. فادية مغيث الناشطة والباحثة فى علم الاجتماع تستعرض المشهد الانتخابى.. وتصفه بأنه يدلل على بؤس الواقع المصرى من الناحية السياسية. كما أن التركيبة السكانية بها الكثير من الأعطاب على المستويين الإنسانى والاقتصادى.. وهو المدخل الذى نفذت منه التيارات الدينية بكل تشكيلاتها.. ونتج عن ذلك استغلال المستوى التعليمى.. حيث أنها لعبت بالبعض داخل المساجد، وقامت بالدعاية السياسية.. وبالنسبة للمدخل الاقتصادى، فلدينا 40 مليون مواطن أفرزهم النظام الفاسد ليكونوا تحت الفقر.فكانوا مادة خصبة لشراء الأصوات بثمن بخس، أو بأنبوبة بوتاجاز.. وبتلبية بعض الاحتياجات المادية.
وبالنسبة للواقع الثقافى فقد تم التلاعب من خلاله.. حيث إنهم تهجموا على كل التيارات المدنية.. ولا يقوى على دحض هذه الحجج الكاذبة إلا المثقفون الذين يملكون ثقافة سياسية، وأعدادهم ليست كبيرة.
أما الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتى سميت «بغزوة الصناديق!»..فهناك نسبة كبيرة منهم قالوا: نعم.. حتى لا يحكمنا قبطى.. ونسبة قالت: نعم حتى لا تحكمنا امرأة.. وآخرون قالوا: نعم.. لأن نعم تعنى الإيمان! ولا تعنى الكفر.. وهناك نسبة قالت: نعم، لأن ذلك يعنى الجنة وليس النار.. وتبقى نسبة خارج هؤلاء قالت: نعم لأنها تريد الاستقرار.
وإذا أعطينا هذه النسب بعض أوزانها السياسية.. فماذا يتبقى من ال 77 % الذين قالوا نعم.
وأشارت إلى أن المرحلة القادمة ستشهد انفراجا فى الحريات السياسية.. ولن يكون هناك فصيل فى مواجهة فصائل أخرى وستكون هناك تنازلات يقدمها البعض للآخر ومصر بطبيعتها تميل إلى المدنية.. والقبول بالتنوع.. وهناك رفض لهيمنة التيارات الإسلامية على الحياة السياسية..
الثورة الثالثة
وينفى د. صلاح عبد الله رئيس الحزب القومى الحر أن تكون الانتخابات البرلمانية المسمار الأول فى نعش الأحزاب الليبرالية والمدنية.. بل على العكس من ذلك.. والسؤال: لماذا انتخب الناس الأحزاب الدينية؟!.. والجواب: أن الحزب الوطنى المنحل وهو حزب مدنى أخرج لنا اللصوص والأفاقين.. الذين استولوا على المال العام.. وعلى ذلك اعرض الناس عن الأحزاب المدنية.. وقالوا فلنجرب المتمسكين بالدين.. لعلهم يخرجون المواطن من أزمته الاقتصادية والاجتماعية.. ويخرجون البلد من التخلف إلى التقدم!..
ويتنبأ د. صلاح عبد الله بأن الثورة الثالثة ستكون ضد هذه الأحزاب.. وكما أسقط الشعب الحزب الوطنى ورموزه وأخرجه من اللعبة السياسية بالقوة الجبرية.. فيمكن للثورة الثالثة أن تخرج الأحزاب الدينية من اللعبة السياسية تماما.. وهذه الثورة الثالثة ستقودها النساء.. وستكون أعجب ثورة فى تاريخ مصر.
ويرى أن هذه اول مرة يتم فيها محاولة شراء مستقبل مصر من قبل قوى خارج الوطن.. وإلى جانب زخم الفضائيات، فهناك الرشاوى الانتخابية.. وكذلك دفع أموال مباشرة سواء للسماسرة، أو البعض الناخبين.. إلى جانب الإنفاق على الدعاية الانتخابية.. والذى فاق قدرات المرشحين الذين تعرف امكاناتهم المادية.
أما عن البرامج الانتخابية فيقول د. صلاح عبد الله إنه لم يكن لدى المواطن الوقت الكافى لقراءة هذه البرامج.
فقد وجد من يقول له انتخب رجال الله!.. وآخرون يقولون له انتخبنا حتى لا نعود إلى القرون الوسطى!..
الثوار خارج البرلمان
وفى النهاية يقول الكاتب الصحفى سعد هجرس إننا أمام أول انتخابات تجرى بعد الثورة.. وطبيعى أن تسفر عن منتصر ومنهزم.. وليس مطلوبا أن يكون هناك إقصاء لأى تيار.. ونتائج هذه الانتخابات ليست ابدية.. وهذا تفويض مؤقت للفائز.. ولن يكون ذلك إلى الأبد.
وعلينا التوقف امام المادة الرابعة التى تنص على حظر قيام أحزاب على أساس دينى.. والانتخابات خالفت هذه المادة.. ودخلت بعض الأحزاب على أساس برامجها الدينية.. وهناك مخالفات للوائح الانتخابات، وعندما استخدموا دور العبادة فى الدعاية الانتخابية.. وهذه الانتخابات ليست نموذجية.. وفى كل الأحوال ليس المهم التشكيك فى نتائج الانتخابات.. حتى مع التجاوزات التى حدثت.. ولنعترف بأن التيار الإسلامى قد سجل نجاحا.
والسبب يرجع إلى ترتيب عملية التحول الديمقراطى.. فكان من المفروض وضع الدستور أولا.. وحدث العكس.. وكذلك فإن ترتيب الدوائر الانتخابية باتساعها الشاسع جاء لصالح التيار الإسلامى..كما أن الأخير له جذور تاريخية.. أما الأحزاب التى صنعتها الثورة.. فهى أحزاب وليدة.. ولا يوجد تكافؤ بينها وبين الإخوان المسلمين لذلك فالنتيجة ليست مفاجأة. والمهم أننا وضعنا أقدامنا على طريق التغيير.. وأجرينا انتخابات فيها حد أدنى من الحرية، ونأمل أن تتعمق وتتجذر.
وينهى هجرس حديثه بأنه لا يمكن تصور عدم وجود القوى الليبرالية واليسارية، وباقى القوى المدنية.. وستظل هذه التيارات حامية للهوية المدنية للدولة المصرية.. وبالرغم من أن هذا الشباب الثائر هو وقود الثورة.. وهم الذين قدموا آلاف الشهداء والمصابين.. وبدمائهم تم التغيير وبالرغم من ذلك لم ينجح أحد منهم.. ولولا تضحياتهم لما كان من الممكن للتيارات الفائزة أن ترى النور!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.