تحولت إسرائيل إلى ساحة للجدل مؤخرا بسبب فرض اليهود المتزمتين دينيا أو «الحريديم» تشريعات وأحكاماً متطرفة تستهدف المرأة اليهودية داخل إسرائيل كان آخرها تشريع «استبعاد النساء» والذى يهدف إلى تعقب المرأة أينما وجدت، وملاحقتها فى أماكن العمل وفى وسائل المواصلات وفى المدارس والجامعات والعمل على استبعادها من الجيش، الأمر الذى حدا بالإسرائيليات إلى الدعوة للاقتداء بخطوات دول الشرق الأوسط لرفع مكانة المرأة فى المجتمع. وقد لاقت ظاهرة «استبعاد النساء» فى إسرائيل هجوما شديدا من قبل العلمانيين اليهود، ففى الأيام الماضية شهدت شوارع تل أبيب عدة احتجاجات نسائية ضد هذه الظاهرة، كانت أشهرها حركة «إسرائيل الحرة»، التى قامت بوضع مجموعة من النساء داخل قفص مكممات الأفواه للتعبير عن مدى الضرر الذى تتعرض له المرأة الإسرائيلية. وزعمت هذه الحركات الاحتجاجية أن انتشار هذه الظاهرة جاء تأثراً بتيارات إسلامية خارجية، معتبرين انتشار لباس نساء طالبان، أى الملابس السوداء الفضفاضة، بين اليهوديات فى شوارع القدس دليلا على هذا، فى حين صرح كبير حاخامات إسرائيل بالقدس «شلومو عمار» أنه ليس ضد ارتداء نساء اليهود ملابس نساء طالبان لأن اليهوديات قديماً كن يرتدين أوشحة من الحرير على رؤوسهن وملابس تغطى كل أنحاء الجسد، مشيراً إلى أنها قوانين واضحة فى الشريعة اليهودية. وترى الكثير من نساء إسرائيل، وعلى رأسهن «طلى برقش» ابنة الحاخام عوبديا كبير حاخامات إسرائيل، أن ظاهرة استبعاد النساء تتعارض مع التوراة، حيث تقول برقش إن الشريعة اليهودية تحث على معاملة المرأة باحترام كبير، وأن تشريع استبعاد النساء هو محاولة من قبل المتطرفين اليهود لإضعاف قوة المرأة، داعية إلى ضرورة وجود وعى ويقظة تجاه مثل هذه الظواهر، والاستفادة مما تقوم به دول الشرق الأوسط مع المرأة فى سبيل الارتفاع بمكانتها. وجاءت تصريحات برقش متفقةً مع الانتقاد الحاد الذى وجهته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كيلنتون مؤخراً لحاخامات إسرائيل لتصاعد انتشار هذه الظاهرة متهمةً إياهم بهضم حقوق المرأة وقصد استبعادها داخل المجتمع الإسرائيلى. ولم يقتصر الهجوم على اليهود المتطرفين فقط بل طال أيضا الحكومة الإسرائيلية لخضوعها بصورة كبيرة لضغوط اليهود المتطرفين، وخير مثال على هذا ما حدث مع «راحيل عزريا» التى طردت من مجلس بلدية القدس شر طرده، بعد أن كانت من أعضائه البارزين، وذلك بسبب معاركها المستمرة ضد استبعاد المتطرفين اليهود للنساء داخل إسرائيل. كما أصدرت حكومة بنيامين نتنياهو مؤخراً قرارا بمنع التماسات الشعب الإسرائيلى ضد تشريع استبعاد النساء، حيث كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن مبنى اللجنة الوزارية التشريعية تحول فى الأشهر الأخيرة إلى مقبرة جماعية للكثير من الالتماسات والمطالبات بمنع سريان مفعول تشريع استبعاد النساء، والذى أصبح يسمح بإصدار تصاريح لإيقافهن عن العمل وفصلهن فى حال حملهن. ويأتى انحناء الحكومة الإسرائيلية لتشريعات المتطرفين اليهود بالرغم من تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التى صدرت مؤخراً واستنكر فيها ظاهرة استبعاد النساء معتبراً إياها أمراً مخالفاً للشريعة اليهودية، ومشيرا إلى أن المجتمع اليهودى المتشدد قد أعاد ظاهرة استعباد المرأة إلى إسرائيل من جديد.