لا يستطيع عقلى أن يستوعب كل هذا الكم من الاتهامات المتبادلة والعمالة لدول عربية وأجنبية، ومنظمات معلومة وأخرى مجهولة، أشخاص ظاهرون وآخرون مختبئون، كل هذا والشعب المصرى مغلوب على أمره يشاهد تلك الملهاة وليس بيده سوى التعجب! لم تكن مصر هكذا فى يوم من الأيام، فعلى طول تاريخها الحديث، كانت القضايا الوطنية واضحة والخلاف فيها لا يخرج عن إطار المصلحة الوطنية، وكان المختلفون فى دائرة واحدة تتقارب رؤاهم أو تختلف، لكن كلها تدور حول مصر ومصلحتها، دون لف أو دوران، ودون تحقيق مصلحة شخصية على حساب المصلحة الوطنية، لم يكونوا ملائكة لكنهم كانوا واضحين! لكننا اليوم وقد أصبح كل أمر حولنا يدعو للدهشة والريبة، نجد ملايين الدولارات تنفق بلا ضابط ولا هدف إلا خراب منظم لهذا البلد، ما كل هذه الملايين والمليارات والأرقام الخيالية التى نسمع عنها! كيف نرى أسماء قد تصدت للعمل العام وأخرى للنضال من أجل الحرية والديمقراطية وقد انخرطت فى اتهامات متبادلة بين الخيانة والعمالة وأمور أخرى يندى لها الجبين! فى مقابل تلك الأموال وتلك المعارك أصبح الكل يتسلح ضد الآخر، إما بفضائح مالية أو أخلاقية أو حتى تاريخية ، يحتفظ بها ويخرجها من جرابه وقت اللزوم لنشاهد تبادلا لإطلاق الفضائح والشائعات والاتهامات، التى تشوه سمعة هذا الوطن، وتدمى جراحه أكثر مما أدمى، والفضائيات والإنترنت وغيرها من الوسائل جاهزة للعب الدور الذى وجدت من أجله وأصبح الجميع يعلمه! لم يصبح فى مصر شىء مؤكد، لا وطنية ولا مصلحة عامة ولا قيم اجتماعية ولا أخلاقيات، تحولنا إلى سوق كبير لمن يدفع ومن يبيع، والكل يتاجر بمصلحة البلد، والكل يتحدث باسم شعبها.. عجيب أمر ما نرى إذا ما كنا لا نعرف متى ينتهى! صعب علينا جدا نحن من حلمنا لهذا الوطن بمستقبل أفضل وحاضر أعظم ، دون مقابل إلا ولاءنا لترابه– أن نراه اليوم وقد تحول إلى سوق كبير لمن يبيع ومن يشترى!