دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربى لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب واللجنة المعنية بتطور الأوضاع فى سوريا لتقرير مصير حزمة الحل العربى، ومن المقرر انعقاد هذا الاجتماع عقب انتهاء جولة العربى فى كل من العراق وقطر والكويت. وتبقى التساؤلات: ماذا بعد اجتماعات الوزراء العرب؟ وهل سيذهب الملف السورى للأمم المتحدة؟ وهل ستوقع سوريا دون شروط مسبقة على حزمة الحل العربى بعد الوصول لحافة الهاوية وتلتزم بتنفيذها؟ هذه التساؤلات سوف تتضح الرؤية بشأنها خلال الأيام المقبلة. وعلى الرغم من الاجتماعات والاتصالات العربية المتواصلة من أجل وقف تداعيات الحرب فى سوريا وعدم تدويل الملف إلا أن الأوضاع وصلت لتعقيدات تنذر بأجواء سلبية تشمل المنطقة، خاصة دول جوار سوريا. وقد شهدت الأسابيع الماضية تبادلا للرسائل ما بين الجامعة العربية والخارجية السورية بشأن التوقيع على بروتوكول بعثة الجامعة إلى سوريا، لكن النتيجة النهائية تشير إلى عدم اعتراف النظام السورى بالأزمة مع إعلان الرئيس السورى بشار الأسد عن عدم مسئوليته فيما يحدث من قتل وعنف فى المدن والقرى السورية، لكن هذا الموقف دفع البعض للمقارنة بين سيطرة النظام فى السابق على الموقف فى سوريا إلى درجة منع مجرد الإشارة إلى الأسد باللفظ أو حتى الإشارة، واليوم تشهد كل المدن السورية انتفاضة ضد النظام الذى يصر على عدم الاعتراف بما يحدث. ويشير الاتجاه العام إلى أحد شيئين: إما أن يوقع النظام السورى على وثيقة الجامعة ويحل الأزمة ويحاور المعارضة ويسحب كل المظاهر المسلحة، وإما التصعيد العربى والغربى كل على حدة، حيث أشارت مصادر عربية إلى أنها تتوقع أن يقرر وزراء الخارجية العرب فى الاجتماع القادم تجميد عضوية سوريا وقطع العلاقات، وعليه سيصل الملف إلى مجلس الأمن رغم رفض د. العربى هذا الاتجاه مع الدول الأوروبية مؤخراً. وكانت دمشق قد بعثت برسالة إلى الجامعة العربية تطالب بإلغاء كل القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة فى غيابها فى حال التوقيع على حزمة الحل العربى، ومنها البروتوكول وإضافة تصريحات كل من د. العربى ورئيس الوزراء القطرى والمقترح الجزائرى إلى البروتوكول، خاصة فقرة عدم الذهاب بالملف السورى إلى مجلس الأمن، لأن سوريا تخشى التوقيع، ثم الذهاب إلى مجلس الأمن والتدويل ومنه إلى تفعيل فكرة المنطقة العازلة التى تقوم بها تركيا وتدخل كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول عربية خاصة قطر بتكرار سيناريو ليبيا ولكن بطريقة مختلفة، ولذلك تمسكت دمشق فى رسالتها للجامعة بفقرة تتضمن قيام الأمانة العامة للجامعة بإبلاغ أمين عام الأممالمتحدة برسالة خطية تتضمن الاتفاق والنتائج الإيجابية التى تم التوصل إليها بعد التوقيع على مشروع البروتوكول وتوزيع هذا على أعضاء مجلس الأمن والدول الأعضاء فى الأممالمتحدة كوثيقة رسيمة حتى تضمن عدم تعرضها لتكرار السيناريو الليبى، لكن هذا الطلب السورى يتطلب موافقة الدول العربية عليه خلال الاجتماع الذى يعقد الأسبوع الجارى، وبدوره قام الأمين العام للجامعة العربية بتعميم رسالة على الدول العربية جاء فيها أنه نظراً لأهمية الموضوعات التى وردت فى الرسالة السورية فإننى اقترح عقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب للنظر فيما جاء برسالة وزير الخارجية وليد المعلم واقترح أن يسبق ذلك اجتماع للجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع فى سوريا. وأضاف العربى فى رسالته: استنادا إلى قرارات مجلس الجامعة فى هذا الشأن، أود أن أوضح النقاط التالية: سبق لمجلس الجامعة أن دعا الحكومة السورية للتوقيع على البروتوكول بمقر الجامعة، كما سبق أن فوضت سوريا فيصل المقداد نائب الوزير على التوقيع ولم يحدث. أكدت فى رسالتى لوليد المعلم أن استجابة الحكومة السورية بالتوقيع على البروتوكول سوف يمنح الحل العربى الفرصة لمساعدة سوريا على تجاوز الأزمة، وكذلك النظر فى جميع الإجراءات التى اتخذها المجلس «العقوبات». أما فيما يتعلق بإضافة الاستفسارات والإيضاحات التى طلبتها سوريا من الجامعة العربية باعتبارها جزءا من مشروع البروتوكول فهذا الأمر يلزم النظر فيه من الناحية القانونية على أساس اعتبار هذه الملاحظات تفسيرا تكميليا لبعض النقاط التى وردت فى مشروع البروتوكول ولا يتم اللجوء إليها إلا إذا كان هناك غموض فى النص، وذلك لا يتعارض مع بنود البروتوكول التى تحكم مهام البعثة وآليات عملها تجنبا لتعدد المرجعيات فى هذا الخصوص. أما فيما يتعلق بالملاحظات الجزائرية فأود التذكير بأن وزير الخارجية الجزائرى سبق وأن أوضح خلال الاجتماع الوزارى يوم 24 نوفمبر الماضى أن بلاده لا ترغب فى أن تعتبر ملاحظاتها ملحقاً بالبروتوكول، لأنها جاءت فى إطار رسالة موجهة إلى الأمين العام وليس لأى هدف آخر. هذه الرسالة التى عممها د. العربى على وزراء الخارجية مقدمة للاجتماعات الوزارية التى ستعقد خلال الأسبوع الجارى لتقرير مصير الحل العربى، لكن فى الاتجاه الموازى تشهد الساحة نشاطا أوروبيا وأمريكيا مع المعارضة السورية للنظر فى مرحلة ما بعد نظام الأسد بعد الاتفاق الدولى على فقدان النظام السورى للشرعية، ومن ثم يبحث الغرب مع تركيا وأمريكا مفردات الحل الجديد وفرص التدخل بأقل الخسائر، وتجنب الأخطاء التى حدثت فى السيناريو الليبى.