بعد ثمانية أشهر من الاجتماعات والمشاورات والقرارات فشل وزراء الخارجية العرب فى وقف العنف فى سورية وإيجاد حلول سلمية تتجاوب معها دمشق، وذهبت الاجتماعات والمؤتمرات التى عقدت بصورة شبه أسبوعية دون جدوى. بعد أن رفضت دمشق مجمل القرارات مما دفع الجميع للاتفاق على فرض عقوبات اقتصادية على نظام الأسد..ويبقى السؤال الأبرز: ماذا بعد؟ هل ينطلق قطار التدويل ليخرج منه حصار اقتصادى دولى للنظام السورى كبديل عن الخيار العسكرى.. أم سنشهد مفاجآت عبر التحالف السورى- الإيرانى؟ أم سيتكرر سيناريو ليبيا؟ وقد دعمت منظمة التعاون الإسلامى القرارات التىإتخذتها جامعة الدول العربية الخاصة بحزمة الحل السلمى والتى تبدأ بالتوقيع على بروتوكول بعثة الجامعة إلى سوريا ووقف العنف وسحب المظاهر المسلحة والدخول فى حوار مع المعارضة للاتفاق على الإصلاحات التى ينشدها الشعب السورى.. وبعد دعم ثانى منظمة إقليمية للجامعة سوف ننتقل إلى مرحلة أخرى فى التعامل مع الازمة السورية وهى انضمام المجتمع الدولى إلى فرض عقوبات اقتصادية لحصار نظام الرئيس الأسد.. ومن المقرر أن تستكمل جامعة الدول العربية (السبت) إجراءات تنفيذ الحصار الاقتصادى حيث تعقد لجنة سباعية وزارية اجتماعا تشاوريا إجرائيا يضم وزراء خارجية السعودية ومصر والجزائروالسودان والمغرب والأمانة العامة للجامعة وبرئاسة قطر، ويبحث الاجتماع فى موضوعين، أولهما: منع الطيران العربى من وإلى سورية وحظر دخول الطيران السورى إلى العواصم العربية، والثانى: مسألة سحب السفراء العرب من دمشق ومتوقع تطبيق هذا الإجراء خلال الأسبوع الجارى وربما تنضم عواصم أخرى فى مقدمتها تركيا التى أعلنت عن منعها لدخول شخصيات من نظام الأسد إلى تركيا وتجميد أرصدة الحكومة ووقف التعامل بالاتفاقيات الاستراتيجية. وفى نفس التوقيت اجتمع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامى فى جدة، وقد اتسب هذا الاجتماع أهمية فى مشاركة وزيرى خارجية كل من سوريا وإيران. وقد حاول الحليفة اختراق الاجماع العربى والإسلامى لوقف أو تجميد أو إلغاء حزمة العقوبات الاقتصادية التى أقرتها جامعة الدول العربية لكن الجميع فى المنظمة الإسلامية أكد على ضرورة حماية المدنيين، واحترام حقوق الإنسان، وتفعيل مبادئ الحكم الرشيد، وحل الأزمة بالطرق السلمية، ووقف العنف، والدعوة إلى حوار جدى مع جميع القوى السياسية، ومنع تدويل الأزمة وحلها داخل البيت العربى والإسلامى بعيدا عن سيناريوهات التدخل العسكرى، وحفاظا على وحدة سورية واستعادة الأمن والاستقرار مع التجاوب لتطلعات الشعب السورى. وقد وصف اجتماع جدة الإسلامى بالمعتدل، وبعيدا عن الاتهامات السورية لضغوط قطر ودول مجلس التعاون الخليجى.. انطلاقا من رئاسة كازخستان لهذه الدورة غير العادية التى خصصت لبحث تطورات الأوضاع فى سورية. ومن المعروف تأثر هذه الدول بوجهة النظر الروسية التى تدعم النظام السورى، ومن ثم متوقع أن تنضم بعض الدول الإسلامية إلى مساندة قرارات جامعة الدول العربية التى تركت الباب مفتوحا أمام تراجع القيادات السورية من خلال التوقيع على بروتوكول بعثة الجامعة العربية لتقصى الحقائق حيث أعلن الدكتور نبيل العربى استعداده للقاء مع وزير الخارجية السورى وليد المعلم لوقف العقوبات فور التوقيع على البروتوكول.. فيما ذهبت بعض الدول العربية لاتخاذ إجراءات استباقية خشبية الانهيار المتوقع للأوضاع فى سوريا بدعوة رعاياها لمغادرة سوريا ومنع السفر إليها، وفى الوقت نفسه أعربت فرنسا عن مخاوفها فى تصدير سورية لمشاكلها إلى لبنان ومن ثم إسرائيل.. لكن فى المقابل تمضى تركيا قدما مؤكدة استعدادها لأى سيناريو محتمل،.. ويبدو أن الملف السورى معقد على اتساع حدوده الساخنة مع تركيا وإيران والعراق ولبنان والاردن وإسرائيل.. ويتوقع بعض المحللين حدوث مفاجآت للحليفين السورى والإيرانى خلال الأيام والأسابيع المقبلة.