ضمن احتفالات العيد القومي.. محافظ الشرقية يفتتح 3 مدارس بمدينة بلبيس (صور)    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لموسم الأمطار والسيول    رئيس الوزراء يتابع تنفيذ ضوابط ومعايير الإعلانات على الطرق العامة (تفاصيل)    «خبراء الضرائب» تقترح 6 إجراءات للحزمة الثانية من التسهيلات    الموعد الرسمي ل صرف معاش تكافل وكرامة لشهر أكتوبر 2025    السيسي يعرب عن تقديره للمواقف الإسبانية الداعمة للسلام في الشرق الأوسط واعتراف مدريد بالدولة الفلسطينية    اليوم الوطني السعودي 95.. حكاية تأسيس المملكة على ثلاث مراحل (القصة الكاملة)    الولايات المتحدة تلغي تأشيرات المحتفلين بمقتل تشارلي كيرك    لاعبو الطيران يتقدمون بشكوى جماعية إلى اتحاد الكرة بسبب المستحقات    وزير الرياضة يشهد احتفالية استقبال كأس الأمم الأفريقية في مصر    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    القبض على سائق «توك توك» في القاهرة ظهر تحت تأثير المخدر في مقطع فيديو    قرار قضائي جديد بشأن محاكمة «طفل المرور»    بعد التوصل لاتفاق مع الصين.. ترامب يرجئ إغلاق تيك توك للمرة الرابعة    «السياحة والآثار» توضح حقيقة اختفاء قطعة أثرية من المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية    «عملنا فيلم اتمنع».. نسرين أمين تمازح جمهورها بصورة مع براد بيت بال AI    سرقة ذهب بقيمة 600 ألف يورو من متحف في باريس    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام القصيرة بالدورة الثامنة    خالد الجندي يُحذر من صحبة هؤلاء الناس    صحة الدقهلية: نجاح جراحتين معقدتين بمستشفى دكرنس العام باستخدام جهاز C-ARM    كيف يحمي أسلوب حياتك قلبك من تصلب الشرايين وارتفاع الكوليسترول مبكرًا؟    توجيهات بسرعة إنهاء إجراءات تسجيل بعض الحالات في منظومة التأمين الصحي الشامل بأسوان    بالصور.. أحمد داود وسلمى أبو ضيف وبسنت شوقي في كواليس جديدة من فيلم "إذما"    محافظ المنيا يفتتح أعمال الصيانة الشاملة لمدرسة تجريبية    حكم ما يسمى بزواج النفحة وهل يصح بشروطه المحددة؟.. الإفتاء توضح    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة AROYA وعلى متنها 2300 سائح    قوات الاحتلال تقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    تشييع جثمان شاب غرق أثناء الاستحمام في مياه البحر بكفر الشيخ    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    مفيش دكاترة.. بنها التعليمى يرد على فيديو يزعم غياب الأطباء عن إسعاف مريض    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    بسبب الحرب على غزة.. إسبانيا تلمح لمقاطعة كأس العالم 2026    الريال ضد أولمبيك مارسيليا.. الملكي يحقق 200 فوز في دوري أبطال أوروبا    الكشف على 1604 مواطنين فى القافلة الطبية المجانية بمركز بلقاس    خطة الإنقاذ    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    القومي للمرأة يشارك في ندوة مناقشة التقرير الإقليمي "البحث عن العدالة    التعليم تعلن تطبيق منهج "كونكت بلس" لرياض الأطفال والابتدائي    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    أيمن الشريعي: علاقة عبد الناصر محمد مع إنبي لم تنقطع منذ توليه مدير الكرة بالزمالك    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    جامعة القاهرة تحتفي بالراحلين والمتقاعدين والمتميزين في «يوم الوفاء»    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمواجهة نيوكاسل    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 17 سبتمبر    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«روشتة».. د. جلال (1-2)
نشر في أكتوبر يوم 23 - 10 - 2011

بعيدا عن المحاولات الحالية للأحزاب القديمة والجديدة لاقتسام «الغنيمة» من خلال مناورات انتخابية معروفة ومكشوفة.. يجب الانتباه للوجه الآخر من العملة.. وهى «حالة» الاقتصاد فى البلد.. حاليا ومستقبلا.. لأن أمور الحياة اليومية للمواطنين عبارة عن «قدمين» الأولى: السياسة.. والثانية: الاقتصاد ولا بديل لأى منهما عن الآخر. ولست أدرى هل يعلم هؤلاء السياسيون بحقيقة الأوضاع الاقتصادية من عدمها مع أن الأوضاع تكاد تؤدى إلى ما لا يحمد عقباه.. خسائر متتالية بالبورصة، عجز متزايد بالموازنة العامة، انخفاض حاد فى احتياطى البلاد من النقد الأجنبى، معدلات مرتفعة من البطالة..
والأهم- لأول مرة- معدلات سالبة للنمو فى الناتج المحلى.. ودين عام يصل إلى 97% من الدخل القومى والبالغ 1400 مليار جنيه.
فإذا كنا نستهدف سرعة الوصول إلى الاستقرار السياسى.. فلابد أيضا أن نعمل على إعادة عجلة الإنتاج والإسراع بمعدلات النمو الاقتصادى.
ولشرح كيفية الخروج من تلك الأزمة الاقتصادية الراهنة.. استعنت بصديق.. هو الخبير الاقتصادى المعروف د. أحمد جلال رئيس منتدى البحوث الاقتصادية وكعادة «الأطباء» المتخصصين.. فضل د.جلال قبل أن يقدم «روشتة» الإصلاح أن يعرض تشخيصا للحالة.. وذلك من خلال وضع السؤال التالى: ما هو الخطأ الذى حدث على مدار العقود القليلة الماضية؟.. ثم ما يجب القيام به على المدى القصير.. ومقترحات التدابير الواجبة على المدى المتوسط والطويل.. من خلال الإجابة عن أى نموذج من نماذج التنمية ينبغى على مصر اتباعه فى السنوات القادمة.
ويبدأ بالتأكيد على أن الذين تولوا السلطة فى مصر حتى يوم 11 فبراير الماضى لم يكونوا ممثلين لغالبية الشعب المصرى، ولم يكونوا خاضعين للمساءلة والمحاسبة بشكل فعلى، ولذلك سعوا وراء نموذج تنمية يخدم مصالحهم ومصالح الدائرة الضيقة المحيطة بهم، وقد ركز هذا النموذج فى المقام الأول على الاستثمار (المحلى والأجنبى)، والنمو الاقتصادى بالاعتماد على نظام السوق والقطاع الخاص، مع أقل قدر من تدخل الدولة (أى وفقا لما يعرف بتوافق واشنطن) ولإرضاء مساندى هذا النظام، كانت تعقد صفقات تتعلق على سبيل المثال بتوزيع الأراضى ومنح العقود الكبيرة (مثل عقود الغاز الطبيعى، ومشاريع الإنشاء)، أو حتى من خلال صياغة بعض السياسات (مثل سياسات المنافسة ودعم الصادرات) وكان يُعتقد بناء على تجربة شرق آسيا أن النمو الاقتصادى السريع يتحقق من خلال عدد من كبار رجال الأعمال، وبالتالى تم خلق طبقة من رجال الأعمال تتمتع بغنى فاحش ونفوذ مذهل، وقد بلغ هذا النموذج ذروته فى مصر عندما تحول بعض كبار رجال الأعمال إلى مسئولين سياسيين فجمعوا بين الثروة والسلطة.
وكان الزعم السائد أن عوائد النمو الاقتصادى السريع ستتساقط وتصل للطبقات الأدنى فى نهاية المطاف من خلال عدد من القنوات وأهمها إتاحة فرص عمل، ونظرا لبطء هذا التساقط، استشعر النظام ضرورة أن يبدو كأنه يفعل شيئا ما للحد من الفقر المدقع وبخلاف أنها فكرة أتت تالية لهدف النمو، كانت التدابير المتخذة فى هذا الصدد جزئية إلى الحد الذى لا يتيح إحداث تغير ملموس فى حياة الملايين من المصريين الفقراء، ومثال واضح على ذلك ما يسمى بمشروع أفقر 1000 قرية، والذى استهدف تخفيض الفقر فى تلك القرى خلال خمس سنوات، متجاهلين المدى الزمنى الذى قد يستغرقه هذا التحول وتكلفته والأخذ فى الاعتبار بأولويات الفقراء، ويظهر المثال الآخر فى استمرار دعم المواد الغذائية والطاقة، على الرغم من أن العديد من الدراسات أوضحت أن هذا الدعم لا يستهدف الفقراء وأنه يتضمن أشكالا خطيرة من التسرب ولا يصل كله إلى المستفيدين الشرعيين.
***
وقد قام النظام السابق بالإعلان عن النموذج السابق فى الداخل والخارج باعتباره نجاحا باهرا، وباركته المؤسسات المالية الدولية، وكان النجاح يقاس بشكل أساسى بحجم تدفقات رأس المال، وبتراكم الاحتياطيات من العملة الصعبة لدى البنك المركزى، وكذلك استقرار سعر الصرف، والأهم من ذلك كله معدلات النمو الاقتصادى، وكانت الأرقام فى حقيقة الأمر، تدعم هذه الادعاءات، فقد وصلت تدفقات رأس المال الأجنبى المباشر إلى 13.2 مليار دولار أمريكى فى 2007/2008 مقارنة ب252 مليون دولار فى 2003/2004، كما تراكم لدى البنك المركزى 35 مليار دولار من الاحتياطيات الرسمية خلال 2010، وكذلك بلغ معدل النمو الاقتصادى 7% خلال الفترة من 2005/2006 إلى 2007/2008 مقارنة ب 3.6% فى المتوسط أثناء الفترة من 2000/2001 إلى 2004/2005، ولكن الأحداث الأخيرة كشفت عن حجم كبير من الفساد وتراكم الثروة لدى فئة محدودة، وهو ما لم يتم الإعلان عنه فى حينه.
***
ولكن الخلل الأهم فى النموذج التنموى السابق هو أنه لم يشرك النسبة الأكبر من المصريين فى عوائد النمو، بحيث أصبح السؤال المتكرر دائما هو: أين ذهبت عوائد النمو المرتفع؟ وفى الحقيقة فليس هناك بيانات كافية لقياس ما حدث لتوزيع الدخل والثروة فى مصر، إما لأن هذه البيانات لم يتم جمعها (الخاصة بالثروة) بتعمد وإما لأنها غير متاحة للاستخدام (مسوح الأسرة) إلا أنه يمكن الاستدلال على أن عوائد النمو لم تصل لعدد كبير من المصريين ببعض المؤشرات منها: أن النمو لم يتح فرص عمل كافية لاستيعاب المستجدين فى سوق العمل مع وجود بطالة صريحة مستمرة تقدر ب 9% من قوة العمل.. بل انخفض نصيب الأجور إلى إجمالى الدخل القومى من 28% إلى 25%، كما كانت النقابات والاتحادات العمالية أبعد ما تكون من الاستقلالية والفاعلية، كما لم يشهد القطاع غير الرسمى الذى يمثل 30% من إجمالى الناتج المحلى ويوظف نحو 40% من القوة العاملة، أى نوع من التحسن فى بيئة العمل بحكم أنه يعمل خارج إطار القانون، ونتيجة لذلك لم يكن من الممكن لأصحاب المشاريع الصغيرة التوسع فى أعمالهم وأن يصبحوا أكثر إنتاجية بسبب ضعف فرصتهم أو انعدامها فى الحصول على قروض مصرفية، أو على عقود مع الشركات الكبيرة أو الحكومة، أو حتى على حماية القانون، وأخيرا لم يكن هناك جهد منظم لإتاحة فرص اقتصادية متساوية للمصريين، إذ لم تقدم الحكومات المتعاقبة سوى محاولات هزيلة -إن وجدت- لتحسين نوعية التعليم والخدمات الصحية، وعليه فإنه على الرغم من الاستمرار فى انتهاج سياسة مجانية التعليم والخدمات الصحية فإن نوعية هذه الخدمات لم تمكن الفقراء من اكتساب المهارات اللازمة لتمكينهم من الالتحاق بسوق العمل، وعلاوة على ذلك، هناك أدلة تشير إلى أن أغلب الذين استفادوا من مجانية التعليم العالى ليسوا من الفقراء، وإنما هم الذين ولدوا لأبوين متعلمين، ويعيشون فى المناطق الحضرية ولديهم قدر أكبر من الثروة.
وباختصار كان نموذج التنمية المتبع معيبا، حيث كان منحازا للطبقة الحاكمة وللأغنياء، وقد منح هذا النموذج امتيازات لأصحاب رؤوس الأموال على حساب العمال، والفلاحين، والمستهلكين، واعتمد بشكل مبالغ فيه على آليات السوق دون اتخاذ الإجراءات الفعالة التى من شأنها الحد من سوء استغلال قوى السوق، أو منع الفساد أو الحد من الفقر المدقع.
***
ويؤكد د. جلال أننا نحتاج إلى «نموذج» يسمح بالجمع بين النمو الاقتصادى السريع والتوزيع العادل لعوائد التنمية على أساس مساهمة المواطنين واحتياجاتهم وليس على أساس علاقاتهم بنظام الحكم.
نعم نحتاج لأن نتخذ سياسات اقتصادية تتميز بالكفاءة والفاعلية وتحقق المساواة من خلال تبنيها مصالح الأغلبية من المواطنين، وأن تتسم بالمصداقية والثقة.
والآن.. أى نموذج من نماذج التنمية ينبغى على مصر اتباعه فى السنوات المقبلة؟..
وإلى العدد القادم.. إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.