نهب واستنزاف يتعرض له الاقتصاد المصرى من مجموعة من العصابات التى تخصصت فى سرقة السلع الاستراتيجية وتهريبها إلى الخارج واستغلت هذه العصابات الانفلات الأمنى الذى عانت منه مصر مؤخراً وهرّبوا كميات ضخمة من خردة النحاس والأرز والسولار والدقيق وغيرها من السلع المهمة، مما أدى إلى أضرار بالغة على المواطن البسيط الذى يدفع فاتورة باهظة لهذه السلبيات.. «أكتوبر» التقت نخبة من الخبراء لرصد المشكلة الخطيرة لمحاولة التوصل إلى حلول. يؤكد الباشا إدريس رئيس شعبة الحبوب بغرفة القاهرة أن عمليات تهريب الأرز المتورط بها بعض المصدرين تؤدى إلى ارتفاع الأسعار حيث إن تهريب كميات كبيرة من الأرز إلى ليبيا وتركيا وعدد من الدول فجّرت أزمة نقص المعروض فى السوق المحلى وهو ما يؤدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن المهربين ابتدعوا أساليب كثيرة لتهريب الأرز حيث يقوم البعض بوضع كميات كبيرة من الأرز أسفل الحاويات ويتم وضع منتجات أخرى يتم الموافقة على تصديرها ويتم بذلك تهريب كميات كبيرة دون عِلم الأجهزة المعنية والجهات الرقابية، ويطالب رئيس شعبة الحبوب بضرورة تشديد الرقابة على المنافذ الجمركية بهدف الحد من عمليات التهريب التى تؤثر سلباً على السوق المحلى. ويشدد على شرف الدين رئيس غرفة الحبوب على ضرورة ضبط المهربين ومحاكمتهم لوقف عمليات تهريب الأرز خاصة وأنها أضّرت ضرراً بالغاً بالمستهلك وبالاقتصاد المصرى، مشيراً إلى أن تهريب الأرز والشعير للخارج أدى إلى تأثر المضارب وارتفاع سعر طن الأرز حيث يقدر حجم الارتفاع بما يزيد على 10% نتيجة نقص المعروض مقارنة باحتياجات السوق وتوقع رئيس غرفة الحبوب باستمرار الارتفاعات فى أسعار الأرز إن لم يتم وقف التهريب. ويضيف فرج وهبة رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة أن هناك عدة مطالب قدمتها الشعبة لوزارة التضامن من شأنها الارتقاء بالمهنة والقضاء على عمليات تهريب الدقيق المدعم والذى يؤدى بدوره إلى عدم وصول الدعم لمستحقيه وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية، مشيراً إلى أن الحل يتركز على تحسين رغيف الخبز ونوعية الدقيق المستخدم وإنتاج الخبز بمواصفات عالية الجودة ورفع قيمة العقد المبرم مع أصحاب المخابز من جانب وزارة التضامن وذلك لوقف عمليات التهريب. ويشير إلى أن تكلفة جوال الدقيق 65 جنيهاً وهى لا تعبر عن التكلفة الفعلية للجوال ومن الضرورى إعادة النظر فى هذه القيمة ورفع هامش الربح الخاص بأصحاب المخابز. ويقول محمد سيد حنفى المدير التنفيذى لغرفة الصناعات المعدنية إن الغرفة قدمت شكاوى ومذكرات عديدة لوزير التجارة والصناعة سمير الصياد نتيجة النقص الشديد فى خام النحاس بالسوق المحلى وهو ما أدى إلى توقف ما يقرب من 65% من خطوط الإنتاج فى المصانع التى تعتمد على النحاس فى إنتاجها، مشيراً إلى أن هذا النقص كان نتيجة لارتفاع أسعار خردة النحاس عالمياً حيث تعدى سعر الطن 10 آلاف دولار وهو ما شجع بعض المهربين على تهريب خردة النحاس وبيعها فى الأسواق العالمية مستخدمين وسائل غير مشروعة. ويضيف محمد المهندس نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية أن اتحاد الصناعات عرض على مصلحة الجمارك تدريب العاملين على الكشف عن عمليات تهريب الخردة وقد قامت الغرفة من جانبها بتقديم عدة مقترحات لوقف عمليات تهريب الخردة ومنها تحديد مينائين فقط لتصدير المنتجات المعدنية، إضافة إلى إصدار قرار بحظر تصدير الخردة لفترة محددة خاصة أن الخردة اختفت من الأسواق، مما أدى إلى تعطل إنتاج العديد من المصانع وتشريد ملايين العمال. فى حين يضيف راشد توكل رئيس شعبة المسابك باتحاد الصناعات أن ارتفاع أسعار الخردة سواء كانت نحاساً أو المعادن الأخرى فى الأسواق الخارجية أدى إلى تهريب الأطنان منها للاستفادة بفارق الأسعار وهو ما أضر بالصناعة الوطنية حيث إن الخردة هى قاطرة التنمية التى تنعش العديد من الصناعات لذلك يجب وضع حد لعمليات التهريب حفاظاً على الصناعة الوطنية. لصوص السولار أما هانى ضاحى رئيس الهيئة العامة للبترول فيؤكد أن السولار متوفر فى السوق وبكميات أكبر من حجم الاستهلاك المحلى مع الوضع فى الاعتبار موسم الحصاد الذى يزيد فيه حجم الاستهلاك نتيجة الاستخدام الزائد للآلات الزراعية. ولكن الأزمة حدثت نتيجة قيام بعض أصحاب المراكب بتهريب السولار وبأسعار مرتفعة للاستفادة من فارق الأسعار، إضافة إلى قيام بعض أصحاب محطات البنزين ببيع السولار فى السوق السوداء بأضعاف سعره المحدد، مشيراً إلى أن الاستهلاك اليومى فى فترة الحصاد والذى كان لا يتعدى 33 ألف طن فى اليوم وصل فى فترة الأزمة إلى 40 ألف طن نتيجة الشعور بالخوف ومحاولة تأمين الاحتياجات بصورة مبالغ فيها. ويضيف أنه تم ضخ كميات تفوق حجم الاستهلاك فى الأيام العادية. ومن جانبه أكد الدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن وجود إجراءات جديدة سيتم من خلالها وقف عمليات تهريب السلع، مشيراً إلى اتباع أساليب حديثة للكشف عن شحنات الأرز التى يتم تهريبها إلى الخارج خاصة أن المهربين كانوا يستخدمون أسفل الحاويات لتهريب الأرز، إلى جانب تفعيل دور اللجان الشعبية فى مواجهة تهريب الدقيق المدعم وبيعه فى السوق السوداء بأسعار مرتفعة، مؤكداً أن الوزارة ستقوم بتخصيص خط ساخن للإبلاغ عن حالات تهريب الدقيق.. ويضيف أن هناك تعاوناً بين الوزارة والقوات المسلحة لوقف عمليات تهريب السلع من خلال المحاكمات العسكرية ضد المهربين حتى تكون رادعاً لكل من تسول له نفسه القيام بهذه المخالفات التى تؤثر تأثيراً كبيراً على الاقتصاد وعلى المستهلك المصرى.