ماذا لو شكّل المجلس الأعلى للقوات المسلحة لجنة أو مجلسا من حكماء هذا الوطن من مفكريه وحقوقييه وسياسييه، ينظرون فى مطالبه يدرسونها ويتخذون قرارات بإجماع الآراء يكون البت فيها للمجلس العسكرى، بدلا من تلك المزايدات التى نشهدها يوميا فلا تسمن ولا تغنى من جوع، وبذلك يبعد المجلس نفسه عن تلك الانتقادات التى يواجهها بداع وبدون داع؟ فالجميع أصبحوا أبطالا وأصبحوا منظّرين، وأصبحت لديهم رؤية واضحة لحل معضلات البلد التى نواجهها يوميا، وأيضا لديهم روح الدعابة والمرح للسخرية من أى قرارات أو محاولات لحل أية أزمة، بينما الخلافات تدب بين أحزابهم وفصائلهم! بعد حكومة شرف الثانية انصرف الجميع عن نقد أداء الحكومة الذى اتفق الكل على سوئه وتخبطه، ومازالوا يتفقون، واتجهوا إلى نقد كل ما يصدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى هو ليس مدربا ولا من مهامه الإجادة السياسية، وهذا ليس بمبرر لما قد يشكل خلافا، لكنها الحقيقة التى نغفلها أو نريد أن نغفلها! كما أننا نتعامل مع المجلس العسكرى كما لو كان حزبا متفرغا للحكم، ولا يدرك أحد أن الأقدار قد وضعته ووضعتنا فى هذه الظروف والأحداث المتوالية! لقد بت – عن نفسى – أشعر بالشفقة على هذا المجلس الذى ما أن يصدر قرارا أو تصريحا، حتى يجد مائة منتقد، ومائة مصحح، والكل يحاول أن يجذب الدفة فى اتجاه أغراضه وآرائه - وطنية كانت أو ذات أجندات خاصة! المهم أننا اليوم فى حاجة إلى وضع خطوات وضوابط فى هذا البلد تحقق ولو شبه إجماع، يجنبنا هذه الدوامة من القرارات وتفسيراتها ونقصانها أو زيادتها، ويجنب المجلس هذا الغمز واللمز من كل من لم يشارك عن قصد أو عن غير قصد! المهم أن المجلس الآن فى حاجة إلى مجلس مدنى يحمل عنه كل تلك الأوجاع .. أقول ذلك وأنا أعلم انه لو حدث، لأصبح الصراع على من شارك ومن لم يشارك.. أو من اسمه مكتوبا ومن غير مكتوب , لكن استمرار الجيش فى مرمى قذائف السياسة أمر سىء ويجب ألا يستمر فيه كثيرا، حتى لا يفقد هيبته، ويفقد شعبيته، ويجر إلى أمور أخرى تبعده عن دوره الأساسى. [email protected]