يُستخدم تعبير «شوربة» فى مصر ليس فقط للدلالة على أنواع الحساء المختلفة، ولكنه يشير إلى درجة مزعجة من الفوضى والخلط يستحيل معها ضبط الأمور، وتقفز الكلمة دائمًا إلى الذهن كلما شاهدت أحد الأفلام التى يطلقون عليها كوميدية بينما هى نماذج للعشوائية والفوضى الدرامية والارتجال والسّلقْ، ومنها فيلم العيد «تك تك بوم» الذى كتبه محمد سعد عن فكرة لإسعاد يونس، وقام بإخراجه أشرف فايق، والمحصلة حكاية بلا رأس أو قدمين تقدم «افتراضياً» معالجة ضاحكة لتجربة اللجان الشعبية التى ضبطت الأمن فى أيام الثورة الأولى، ولكن الأمر يتحول كالمعتاد إلى مجموعة من الأفيهات والاستكشاف مع استطراد عجيب إلى السجون وعبارات مباشرة يرددها محمد سعد مع الأغنية المعتادة المقررة وكل عام وأنتم بخير. تبدو الفكرة جيدة لأن تجربة اللجان الشعبية فى الواقع لم تخل من الضحكات مثل ذلك الرجل الذى خرج ليدافع عن منزله فى الشارع رافعاً مخرطة الملوخية، ولكن السيناريست الألمعى «محمد سعد» لم يُدرك أن الكوميديا تتطلب أولاً وجود بناء درامى وشخصيات وصراع وعلاقات متماسكة إذ لا?يكفى أن تعثر على كاراكتر مثل «تيكا» (محمد سعد طبعاً) صانع البمب الذى تندلع الثورة فى ليلة دُخلته على الفتاة الفقيرة «قطيفة» (درة) ثم يستعان به لينظم الدفاع فى حادثة ضد عصابة البلطجية التى يتزعمها «شلقم» (محمد لطفى). لابد من تطوير المعالجة وبناء الأحداث بصورة مُتدرجة، ولابد أيضاً من بَذْر المعلومات ثم حصدها حتى لانستيقظ فجأة على ثورة بدون مقدمات ودون أن نرى منها شيئًا على اعتبار أن جمهور الصالة عارف كل حاجة، الأخطر أن المؤلف المبتدئ قال كل شىء تقريباً فى نصف الساعة الأولى من الفيلم ولم يجد شيئًا يُضيفه سوى أن يبدأ فيلمًا آخر ينتقل فيه «تيكا» بقصة ملفقة إلى السجن حيث يستدعى سعد من جديد شخصية مأمور السجن رياض المنفلوطى التى ظهرت فى فيلم «اللى بالى بالك» وبعد مشاهد مشوشة وعبثية يهرب «تيكا» ليتصدى من جديد للبلطجية الذين يحاولون السطو على مستشفى سرطان الأطفال، ولا?تسأل عن أى معنى سوى أن حرفياً أمام طبق للشوربة. تعبنا من تكرار الحديث عن موهبة سعد المهدورة وعن خرافة الاعتماد على الارتجال والحضور دون وجود كتابة جيدة، وتعبناً من الحديث عن تنفيذ المخرج لما يريده النجم حتى لو أدى ذلك إلى تدمير الإيقاع، هذا فيلم جديد انتج تحت شعار «عبىّ وأديّله» و «فى عزّ الثلج والشمس والعة» وكلها عبارات جديدة عبثية من ابتكار محمد سعد.