يمسك بيدها وكأنه طفل صغير.. يضع حمله الثقيل على كتفها.. لم تقل يوما آه.. لم تكل من هذا الحمل أبداً.. تحمله عن طيب خاطر.. ولكن قلبها يتمزق.. يبكى عليه.. كانت تضع أحلام حياتها كلها فيه.. كانت تعيش وتسابق الزمن من أجله.. كانت تتمنى أن يكبر لكى يخفف عنها حملها الثقيل الذى تحمله، ولكن آمالها وأمانيها ضاعت فى الهواء.. استيقظت فى يوم لتجد كل أحلامها قد تبخرت فى الهواء.. نعم إنه قضاء الله الذى لا راد لقضائه.. وكانت مأساتها التى تحكيها ودموع عينيها تحفر أخاديد على صفحة وجهها الذى أعياه الألم والأسى والحزن على فراق الغائب وعلى حال الحاضر.. وتبدأ المأساة منذ أكثر من خمسة عشر عاما عندما كان الزوج يعمل وكانت الحياة صعبة ولقمة العيش أصعب، ولكنه كان يكافح ويناضل من أجل الأسرة ثلاثة من الأولاد وزوجة والأفواه الجائعة لا تغلق أبداً.. وكانت تعيش معه على الحلوة والمرة فهذه هى الحياة.. يكبر الأولاد والمطالب تتزايد وهو راض وقانع ويحاول توفير الاحتياجات بقدر المستطاع، ولكنه لم يستطع أن يصمد طويلاً.. أصابه المرض وترك لها الجمل بما حمل.. حمل ثقيل.. تركة كبيرة.. مات وترك الأسرة والأولاد مازالوا أطفالاً.. الكبير لم يتعد الرابعة عشرة والصغير ابن خمس سنوات.. نظرت حولها لم تجد من يقف بجانبها.. رحل السند والمعين.. عانت الأمرين وعانى معها الابن الأكبر الذى كان شديد التعلق بأبيه.. كانت الكارثة أكبر من أن يتحملها الابن.. كان الشعور بالصداع والألم حتى أن ذلك منعه من مذاكرة دروسه لفترة طويلة، ولكنه كان يحاول حتى يحقق حلم أبيه ويحصل على الثانوية العامة ويدخل الجامعة، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. الابن يشكو لأمه من عدم قدرته على النظر فى الكتاب لمذاكرة دروسه.. وعندما يحاول تتساقط الدموع من عينيه وزادت الشكوى.. لم يسع الأم إلا أن تستدين وتذهب به إلى طبيب وثان وثالث.. الطبيب طلب فحوصات كثيرة أكدت إصابته بارتفاع فى ضغط العين وكان العلاج غالى الثمن كلف الأم مالا طاقة لها بة حاولت أن تلجأ للعلاج على نفقة الدولة فى هذه الأثناء، ولكنه كان علاجا عقيما أدى إلى تدهور الحالة وفقدان الشاب لبصره بالعين اليسرى وهنا أكد الأطباء للأم أن تراعى العين اليمنى خوفا من إصابته بالعمى الكلى.. جاءت الأم على نفسها وعلى أولادها لتوفر العلاج له ولكنه باهظ الثمن وبالرغم من ذلك باعت أثاث المنزل.. استدانت من أجل عيونه.. ولكن العلاج ترتفع تكاليفه من آن لآخر حتى أنها تصرف أكثر من خمسمائة جنيه شهريا لتوفره له، ولكن بدأت حالة العين اليمنى تتدهور ووصل مستوى الرؤية بها إلى 25% وهى تجاهد من أجله ولكن من أين لها بهذه المبالغ الهائلة فكل معاشها 340 جنيها وبالرغم من كل هذه الصعاب استطاع الابن أن يلتحق بأحد المعاهد العليا ويحصل على البكالوريوس وحاولت بشتى الطرق أن تجد له أى عمل يناسب حالته، ولكن للأسف صعب حاولت أن تجد له بنت الحلال التى تعيش معه وتساعده، فهى تخشى عليه أن تتركه وحيداً عندما ينفذ سهم الله وتذهب لتلقى وجه ربها، فهل تجد من يساعد ابنها.. من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.