فى خطوة كانت بريطانيا قد أدانتها إبان لجوء الرئيس السابق حسنى مبارك إليها لكبح الثورة المصرية فى 25 يناير بقطع وسائل الاتصال، أشارت الحكومة البريطانية لإمكانية إغلاق شبكات التواصل الاجتماعى على الانترنت ووقف إرسال الرسائل النصية عبر الهواتف أثناء الاضطرابات التى شهدتها العاصمة البريطانية على مدار 5 أيام بعد أن تحولت احتجاجات سلمية عقب مقتل شاب برصاص الشرطة إلى أعمال عنف امتدت لعدة مدن بريطانية وبحسب التقديرات فإن الخسائر لن تقل عن مليار دولار. وشن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون هجوما عنيفا على الشبكات الاجتماعية لدورها فى إثارة موجة الشغب التى اجتاحت عددا من المدن البريطانية.وقد اقترح كاميرون قطع الاتصال بمواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الانترنت لاستخدامها فى حشد جموع الشباب لنهب الممتلكات وإضرام النار فيها، وطالب بالتحقيق فى طبيعة الدور الذى لعبته منصات التواصل الاجتماعى من «فيس بوك وتويتر وبلاك بيرى» واستخدامها فى تنظيم تلك الأحداث الأخيرة، فيما تعتزم وزارة الداخلية البريطانية وعدد من الشخصيات الرسمية الاجتماع مع كل من مسئولى موقع «فيس بوك» وشركة «ريسيرش إن موشن» لمناقشتهم حول دورها فى تلك الأحداث، حيث أعلنت شركة «بلاك بيرى»- المتهمة بأنها لعبت دورا كبيرا فى إشعال وانتقال عمليات الشغب التى اجتاحت أحياء لندن والتى لا تخضع رسائلها لرقابة أمنية- بأنها تتعاطف مع الذين تأثروا بمظاهرات لندن وأنها على استعداد للتعاون مع السلطات البريطانية بأية طريقة ممكنة فى إشارة واضحة لإعطاء بيانات المشتركين الثائرين للشرطة البريطانية من أجل اعتقالهم والتحقيق معهم، حيث قامت الشرطة باعتقال أكثر من 2140 شخصا بينهم حوالى ألف شخص وجهت إليهم اتهامات رسميا. وقال موقع «فيس بوك» فى تصريح رسمى ردا على الدعوة البريطانية إنه سيقدم شرحا وافيا عن التدابير التى اتخذها الموقع لضمان الحفاظ على موقعه كمنصة آمنة وبناءة فى المملكة المتحدة خلال هذه الظروف الصعبة التى تمر على البلاد، بينما ذكر موقع تويتر أنه ليس طرفا فى هذه الحوارات وأن الخدمة التى يقدمها الموقع كانت قد استخدمت من قبل الضحايا والقائمين على أعمال الشغب على حد سواء. وقد أفاد استطلاع للرأى أن 83% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن شبكات التواصل الاجتماعى مثل تويتر وفيس بوك أو أجهزة خدمات الرسائل مثل بلاك بيرى ساهمت فى أعمال العنف عبر السماح لمثيرى الشغب بتنظيم أنفسهم بشكل أسهل، فيما اعتبرت جماعات حقوقية أن قطع وسائل التواصل الاجتماعى يعد انتهاكا للحريات المدنية للذين لم يرتكبوا جرما، كما أشار آخرون إلى أن أعمال الشغب والاحتجاجات تحدث منذ قرون دون الحاجة إلى موقعى فيس بوك وتويتر، وأنها جاءت نتيجة للاقتطاعات غير المسبوقة فى الميزانية التى قررتها الحكومة، وقد هددت الشرطة باعتقال جميع من يثبت تورطهم بإرسال أو إعادة إرسال هذه النصوص المحرضة على العنف فى البلاد. كما ذكر نائب رئيس شرطة لندن أن مجموعة صغيرة من الشباب الملثمين استخدموا وسائل إعلام التواصل الاجتماعى والرسائل القصيرة لتنظيم المسيرات والاعتصامات وقال «أدريان هانستوك» قائد شرطة لندن إن هناك الكثير من المعلومات الخاطئة والتكهنات غير الدقيقة على مواقع الشبكات الاجتماعية، وخلال الأيام الماضية امتدت الاحتجاجات وأعمال الشغب إلى مدن ليفربول وبيرمنجهام وبريستول، حيث قامت حشود من الشباب بأعمال شغب ونهب فى أسوأ اضطرابات تشهدها بريطانيا منذ عقود مما أسفر عن جرح أكثر من 100 عنصر أمن واعتقال المئات. وقد ألقى المسئولون البريطانيون بلائمة الفوضى على عصابات إجرامية لمجموعة من الشباب الملثمين وهم يقذفون عناصر الشرطة بالزجاجات الفارغة وقنابل المولوتوف وإضرام النار فى المحلات والممتلكات العامة والخاصة وكانت الاحتجاجات قد بدأت بصورة سلمية بتجمع نحو 30 من أصدقاء وأقارب «مارك دوجان» الذى قتل برصاص الشرطة أمام مركز أمنى فى توتنهام احتجاجا على مقتله، وأعلن كاميرون أمام جلسة طارئة للبرلمان أنه أعطى الشرطة صلاحيات إضافية وأنه إزاء أعمال الشغب التى أوقعت خمسة قتلى تفكر السلطات أيضا فى فرض حظر التجول ولم يستبعد استخدام قوات الجيش فى المستقبل فيما ظل 16 ألف شرطى منتشرين فى شوارع لندن من أجل الحيلولة دون تجدد أعمال الشغب والنهب. كما أعلنت الحكومة عن إنشاء صندوق من 32 مليون جنيه استرلينى لمساعدة التجار ضحايا أعمال العنف التى طالت نحو 6000 متجر ومخزن ومطعم قد لا يجعلها تتعافى من نتائجها بالرغم من المساعدات التى تعهدت الحكومة بتوفيرها والتى لا تمثل سوى 10% فقط من الخسائر، فيما تواجه بريطانيا فاتورة تصل لأكثر من مليار دولار ثمنا لخمس ليال من أعمال السلب والنهب شهدتها بعض مدنها ويستغرق تسديدها سنوات عديدة مقبلة.