فيما يبدو أن لعبة القط والفأر بين السفراء الأجانب والحكومة المصرية ستستمر لفترات طويلة، حيث بدأ مؤخرا مسلسل جديد بين الطرفين كان أبطاله رجال الأعمال المصريين والمسئولين الهاربين، الذين تلاحقهم السلطات المصرية أملا فى تسليمهم وإعادة الأموال التى نهبوها إلى مصر مرة ثانية، فيما لا تتوانى وزارة الخارجية فى الرد على هؤلاء السفراء واستدعائهم إذا لزم الأمر وهو ماحدث فى أكثر من مناسبة خلال الأيام الماضية. ويعتبر رجل الأعمال المصرى الهارب حسين سالم أبرز أبطال مسلسل «القط والفأر» بين الحكومة المصرية والسلطات الإسبانية، حيث مازالت السلطات الاسبانية تخفى كثيرا من الحقائق حول ملابسات التحقيقات التى تجريها معه فى ظل شائعات تتردد بدراستها تسليمه إلى مصر للخروج من هذا المأزق . السفير وجيه حنفى مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية قال فى تصريح خاص إن الغموض مازال يسيطر على ملابسات إلقاء القبض على رجل الأعمال المصرى، وكذلك الإفراج عنه بكفالة ثم إلغاء قرار الإفراج بعد أيام من صدوره، مضيفا « نحن لا نعلم حتى الآن الأسباب الحقيقية لتعمد أسبانيا التستر على التحقيقات بحجة أنه أمامها ماهو إلا مواطن إسبانى لا يحق لأية دولة أخرى الاطلاع على تحقيقات تجرى معه. وأشار حنفى إلى أن الناحية القانونية تصعّب من علمية تسليم رجل الأعمال الهارب لمصر لسببين أولهما: أن رجل الأعمال المصرى الهارب يحمل الجنسية الإسبانية وتنازل عن الجنسية المصرية فور طلبه جنسية إسبانيا، مؤكدا أن هروبه بجواز سفر مصرى كان خرقا لقانون إسبانيا التى تمنع ازدواج الجنسية، وهو ما تداركه «سالم» ودخل أسبانيا بجواز سفرها. ولفت إلى أن ثانى أسباب عدم تسليم حسين سالم يرجع لعدم وجود اتفاق مشترك بين مصر وإسبانيا لتبادل تسليم المتهمين. وعلق حنفى على أداء السفير الإسبانى فى القاهرة بهذا الخصوص قائلا إنه يدفع الحجة بالحجة ويدافع عن وجهة نظر بلاده ويتبنى الدفاع عن أى حق لرجل الأعمال باعتباره مواطنا أسبانيا، كما أنه قدم أوراقا تفيد بأن سالم إسبانى الجنسية ومن ثم قدم طلبا لاحقا لإمداده بأى مستندات أو وثائق تدين مواطنه، وكذلك طلب صورا من الأوراق المتعلقة بالقضايا المتهم فيها. وكان السفير الإسبانى بالقاهرة فيدل سنيداجورتا قد أكد أن رجل الأعمال المصرى حسين سالم إسبانى الجنسية وتنازل عن الجنسية المصرية عام 2008 ويدين بالولاء للدستور والقانون الإسبانى ويمارس حقوقه كمواطن إسبانى ويطالب بواجباته أيضا، قائلا لا يخصنا خروج سالم بجواز مصرى فقد دخل بلادنا بجواز سفر إسبانى. وعلق السفير حنفى على سؤال حول فرص توقيع الجزاء الجنائى على «سالم» بأن قضيته تدور بين عدة سيناريوهات أولها أن تتحقق السلطات الإسبانية من عدم مشروعية حصوله على جنسية إسبانيا، وبالتالى تسلبها منه، ليبدأ سيناريو آخر وهو محاكمة المتهم أمام القضاء الإسبانى على التهم التى ارتكبها على أرض إسبانيا، ثم تسليمه لمصر بعد ذلك. فى ذات السياق علمت «أكتوبر» أن السفير أحمد فتح وكيل أول وزارة الخارجية والمشرف على القطاع الأوروبى التقى الأسبوع الماضى وزيرة خارجية إسبانيا فى مدريد، وبحث الجانبان ملف تسليم رجل الأعمال الهارب حسين سالم والأموال المنهوبة من مصر. البطل الثانى لمسلسل القط والفأر بين الحكومة المصرية والسفراء الأجانب يتمثل فى السفيرة الأمريكيةبالقاهرة مارجريت سكوبى التى انتهت فترة عملها بنهاية الشهر الماضى، حيث دأبت سكوبى خلال الفترة السابقة وقبيل انتهاء عملها بالقاهرة على التدخل فى الشئون المصرية كالانتخابات وأيهما أحق بالأسبقية الدستور أم الانتخابات وأيضا تدخلها فى الأحداث الطائفية التى تحدث من وقت لآخر، وهو ما تسبب فى استدعائها سرا مرتين خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضى. وانتقد مصدر دبلوماسى تصريحات السفيرة الأمريكية بشأن قيام واشنطن بتقديم برامج تدريب لبعض الشباب المصرى حول الديمقراطية فى إشارة منها إلى أن قيام الولاياتالمتحدة بدور فى الثورة، كما وجه المصدر الدبلوماسى الرفيع انتقادات لسكوبى لتقديم بلادها ملايين الدولارات لبعض المنظمات المصرية غير الحكومية بدون علم الحكومة المصرية. المثال الثالث يتمثل فى السفير البريطانى بالقاهرة جيمس وات الذى يمارس عمله وسط ضغوط رهيبة بسبب موقفه الصعب الذى لا يحسد عليه حيث ينظر الشعب المصرى إلى عاصمة بلاده « لندن» على أنها ملجأ الفاسدين والهاربين وكذلك مستودع للأموال المهربة. وقال وات فى تصريح خاص إن بريطانيا غير مسئولة عن إغفال النظام المصرى السابق الإقدام على إبرام اتفاقية مشتركة لتسليم الهاربين وأخرى لمكافحة الفساد، مضيفا «مع ذلك فإن هناك آلية موجودة بالفعل لتسليم المجرمين حتى ولو لم تكن هناك اتفاقية مشتركة بهذا الشأن لكنها ليست قوية كالاتفاقية». ولم يكن السفير البريطانى بدعا من نظرائه الأجانب فى مصر حيث شهدت الأيام الأخير شدا وجذبا من جانبه والحكومة المصرية، حيث سبق أعلن وات أن مصر هى التى لم تطلب إبرام اتفاقية تسليم مجرمين، وهو ما ردت عليه وزارة الخارجية عمليا بطلب رسمى لإبرام هذه الاتفاقية وهو ما رد عليه السفير البريطانى بأن بريطانيا لاتقدم على إبرام مثل هذه الاتفاقيات إلا مع الدول التى تحترم حقوق الإنسان وهو رد «مطاطى» غير بات، ليظهر حقيقة السفير البريطانى ومحاولته إلقاء المسئولية عن عاتق بلاده وإلصاقها بالنظام السابق مستغلا سمعته السيئة فى الوقت الحالى. وفجّر السفير البريطانى مفاجأة من العيار الثقيل حيث قال إن القائمة التى أرسلتها مصر لتتبع أموال الهاربين البالغ عددهم 40 اسما لا تشمل اسم رجل الاعمال المصرى حسين سالم، إلا أنه أكد أنه من الواضح أن الحكومة المصرية تعد الآن قائمة أخرى لإرسالها للقضاء البريطانى.