لم تزعجنى الصرامة والتجهم عند أداء ذلك البيان المهم. إنما أوجعنى الخلل فى قواعد اللغة. ثم أتعبنى بيان أحزاب التحالف الديمقراطى. فقد كسر قارئه المرفوع ونصب المجرور وتحرش بأخوات «كان» و «إن» وعندما أجلس أمام التليفزيون أتحصن ضد نشاز اللغة الذى يقذفه على أذنى مراسلو برامج «التوك شو» والعبارات الشائهة التى يتحدى بها مخرجو هذه البرامج سيبويه، ويخرجون لسانهم لألفية ابن مالك. أصبحنا نتكلم مثل أهل دبى وناس سلطنة عمان بعربية فصحى هجين متأثرة بلغات للعمالة الأسيويه الوافدة مما أصابها بكسير وركاكه. وأذكر فى مطار دبى كتبوا على باب مخصص لدخول طاقم لطائرات بالإنجليزيةcrew وبالعربية «الملاحين» ويفعل ذلك مخرجو دراما هذه الأيام فيكتبون «الممثلين»و «الفنيين»بدلا من «الممثلون والفنيون» لا يصلح أن يكون خطيبا أو متحدثا رسميا من لم يملك ناحية لغته فهى سلاح الزعماء والخطباء والمسئولين. ومازلنا نطرب لخطب سعد زغلول ومصطفى كامل وجمال عبد الناصر وأنور السادات. واللغة هى الهوية والقومية. وقد أصدر الرئيس العراقى الراحل صدام حسين قرارا بضرورة أن يتعلم الوزراء اللغة العربية الفصحى ويجب امتحانهم قبل أن يجلسوا للحكم، كما جعل درجة للترقى من وظيفة لأخرى بالنجاح فى مادة اللغة العربية. وحرصا على سلامة اللغة فى روسيا أمر الرئيس فلاديمير بوتن بمحاكمة ناظر مدرسة ومدرس المواد الأدبية عندما اكتشف أخطاء إملائيه فى رسالة وصلته من تلميذة بهذه المدرسة تطلب منه خدمه. وتتعرض لغتنا العظيمة للخطر، وطلب امتحان اللغة العربية للثانوية العامة هذا العام أن يكتب الطلبة فى مادة التعبير موضوعا بعنوان «كيف تحافظ على اللغة العربية بعد أن تعرضت للإهمال؟. فإذا أردنا ان نحميها فعلينا أن نقرأ إجابات العشرة الأوائل من هؤلاء الطلبه. وهذه تحية للطالب أحمد محمد عبد الفتاح الأول على المكفوفين فى الثانوية العامة وقد قرر الالتحاق بقسم اللغة العربية بكلية الألسن. لقد أصيبت لغتنا الجميلة بمرض مزمن، يحتاج كونسلتو من الحكماء أولهم نقابة قراء القرآن الكريم لتنشئ المزيد من «الكتاتيب» لتعليم أطفالنا لغة القرآن الكريم. ثانيهم وزير التربية والتعليم وقد أصبح حال اللغة فى المدارس عدمًا. وثالثهم شيخ الازهر الذى أهتم بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها من خلال مركز خاص مع أن الناطقين بها وبعضهم من خريجى جامعته يحتاجون إلى أكثر من مركز. متى تعود الروح للغة؟ هل بإقامة خيمه فى الميدان يطالب فيها حماة اللغة العربية بإنقاذ عشاقها من الطوب والزلط الذى يلقيه عليهم بعض المتحدثين الجهلاء غير المهتمين بدراسة قواعدها مع إنها كما قال د. طه حسين.. يسرلا عسر.