محاور كثيرة قدمها الدكتور محمود فوزى المناوى فى كتابه الجديد «العلم واللغة، متى يتكلم العلم العربية» من أجل الوصول إلى لب القضية التى شغلت ضمير الجماعة العلمية والثقافية والوطنية، وهى أن تكون لغتنا القومية لغة العلم كما كانت من قبل طوال فترات الازدهار والتقدم قديما وحديثاً.. وإذا كنا قد ركزنا فى العدد الماضى على محور تعريب العلوم وثبت لنا من خلاله أن من يعادى تعريب العلوم ويقف ضده، إنما هو شخص يعانى نقصاً واضحاً فى ثقافته التاريخية والوطنية، ويفتقد الثقة فى هويته وفى لغته وفى نفسه.. وها نحن أولاء اليوم إزاء محور آخر يولّيه الدكتور المناوى الكثير من الرعاية وهو المتاحف، خاصة متاحف العلوم ودورها الثقافى والتربوى. ويذكر د.محمود المناوى تاريخية الاهتمام بالمتاحف فيقول إن القرن العشرين شهد ثورة متحفية جسدها التوسع الهائل فى إنشاء المتاحف النوعية التى باتت عالماً فسيحاً عميق الامتداد فى الماضى والحاضر بل والمستقبل، فأخذت توسع نطاق انشطتها وتطور وسائل عرضها.. ولم تقنع المتاحف بجمع المعروضات وصيانتها وعرضها، بل اتجهت إلى تعليم زائريها أصول كثير من العلوم والفنون، ومن هنا قامت نهضة كبرى بالمعاهد المتحفية، ودراسة الوضع القائم للمتاحف العلمية فى مصر - ومازال الكلام على لسان الدكتور المناوى - تدل بوضوح على أنها لم تلق العناية الواجبة سواء من حيث تطور وظيفتها أو من حيث توفير الإمكانات المادية والبشرية لها، فأزمة المتاحف فى مصر تتصل بمدى تحقيقها لوظيفتها وبقصور الامكانات المتاحة لها.. ومن أوضح النماذج فى هذا الشأن متحف العلوم الذى هدم مبناه فى قصر البستان وخزنت محتوياته منذ عام 1973، ومنذ ذلك التاريخ اقتصر على تقديم خدماته عن طريق فروعه بدمياط واسيوط والوادى الجديد ومراكز الشباب ونوادى العلوم والمتحف المتنقل والمعارض المؤقتة واصبحت الحاجة ملحة لإيجاد مقر دائم له.. إضافة إلى أن المتاحف العلمية فى مصر تعانى من ضعف الاقبال عليها من قبل المواطنين ولم نحظ بشعبية لدى القطاع الكبير من الطلبة، بل إن عدد الزوار الأجانب لمتاحفنا الكبرى يفوق عدد الزائرين من المواطنين.. كما أن متاحفنا لا تزال محدودة الأثر فيما يتعلق بالناحيتين العلمية والثقافية كذلك فإن انفصام العلاقة بين المتحف والمدرسة واعتبار زيارة المتحف بمثابة رحلات ترفيهية. وللتذكير فقط نقول إن د. محمود المناوى أنشأ متحف قصر العينى كأحد المتاحف النوعية لتأصيل تاريخنا الطبى ومعارفه العلمية فى العصر الحديث، كما أشرف على إنشاء متحف جامعة القاهرة الذى يحوى تراث الجامعة والاهداءات العالمية والملكية المصرية. وكذا متحف المخطوطات والوثائق والأعمال النادرة بالمكتبة المركزية الجديدة بجامعة القاهرة ويرأس الآن لجنة وضع سيناريو العرض لإنشاء متحف تاريخ الطب بقصر السكاكينى باشا بالضاهر والذى سيكون أكبر متحف لتاريخ الطب فى العالم.