سادت حالة من التأهب والترقب داخل سلطة الطيران المدنى فى مصر وهيئة الأرصاد الجوية بعد وصول سحب الرماد البركانى الناتج عن بركان إريتريا «دوبى» إلى الحدود الجنوبية حتى منطقة أبو سمبل وبعض المناطق فوق بحيرة ناصر، حيث أعلنت سلطة الطيران المدنى حالة الطوارئ وإنشاء غرفة عمليات لمتابعة تحرك السحابة من خلال صور الأقمار الصناعية.. وقد أعلن المركز الاستشارى عن الرماد البركانى - ومقره فرنسا - أن بركانا ظل خامدا لفترة طويلة ثار فى ارتيريا بعد سلسلة زلازل وانه نفث سحابة رماد تمتد لمسافة 13.5 كيلومتر فى الهواء وأظهرت رسوماً بيانية نشرت على الموقع الالكترونى للمركز فى فرنسا أن سلسلة هزات أرضية ضربت المنطقة القاحلة المتاخمة لاثيوبيا قبل ثوران البركان وأن شدته بلغت 5.7 درجة على مقياس ريختر ومن المعتقد ان بركان دوبى الذى يقع على بعد 350 كيلومترا شمالى العاصمة أسمرة أنه ثار آخر مرة عام 1861 وقال موقع «إيرث كويك دوت كوم» على الانترنت لمراقبة الزلازل أنه ربما يكون بركان آخر قريب يسمى «نابرو» قد ثار واستند الموقع الى شهادات سكان فى المنطقة اكدوا انبعاث سحابة رماد. وعما تواجه مصر من مخاطر جراء هذا البركان يقول دكتور على تعيلب الرئيس الاسبق لمعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية ورئيس اللجنة القومية لمقاييس الارض ان المنطقة التى حدثت فيها الزلازل واعقبها ثوران بركان اريتريا هى منطقة القرن الافريقى وهى ايضا فى قلب منطقة الصدع الافريقى الكبير وهى منطقة تصدعات فى القشرة الارضية يحدث بها زلازل متوسطة وفوق متوسطة الا ان تكرارها قليل كما يحدث ايضا بعض الانشطة البركانية والتى قد تمتد من البحر الاحمر حتى جزيرة جبل الطير اليمنية والتى حدث بها ثوران لبركان منذ عامين وتسبب فى خروج طفوح بركانية وسحب رمادية. ويضيف تعيلب انه يقع على امتداد هذه المنطقة ايضا منطقة الحراد فى شرق المملكة العربية السعودية التى ظهر بها نشاط بركانى مماثل ويؤكد أنه فى بعض الحالات يسبق البراكين حدوث زلازل او نشاط زلزالى نتيجة حركة الصهارة البركانية فى باطن الارض وقد حدثت هذه الظاهرة قبل بركان جبل الطير بفترة قليلة اما اذا حدث زلزال بعد البركان فيصعب الربط بينه وبين حدوث البركان. وأكد دكتور تعيلب انه يصاحب حدوث البركان انفلات طفوح بركانية تخرج من فوهة البركان وفى بعض الحالات يصاحبها انفجار بركانى يدفع بسحب الرماد والركام الى مسافات بعيدة فى طبقات الجو العليا وكما هو معلوم أن الطاقة العالية التى تحملها ذرات الغبار البركانى وارتفاع درجة حرارتها من العوامل الاساسية للارتفاع السريع لهذا الغبار فى طبقات الجو العليا وسهولة حركته مع الرياح. أما عن الغبار البركانى نفسه فهو يتكون من دقائق وحبيبات صخرية وبخار ماء والعديد من الغازات اكثرها كثافة غاز ثانى أكسيد الكربون ثم غاز أول أكسيد الكربون وبخار الزئبق وغيرها من الغازات الأخرى التى قد تلوث بيئة المنطقة المحيطة بالبركان لمدة طويلة . ويحدث غالبا بعد ارتفاع الغبار البركانى الى طبقات الجو العليا ان تؤثر حركة الرياح على اتجاه هذه المكونات التى تشكل الغبار البركانى وتدفعه إلى مسافات بعيدة يتساقط بعدها على الأرض نتيجة جذب الارض لهذه المكونات البركانية. ويؤكد دكتور تعيلب بان تلوث البيئة أمر حتمى خاصة بالمنطقة القريبة من البركان وأن المواد المكونة لسحب الرماد تؤدى إلى تلوث المياه الأرضية فى البحيرات والأنهار وتلف الزروع وفى بعض الحالات عندما يختلط الغبار البركانى بالسحب ويتساقط على هيئة أمطار طينية المعروفة علميا باسم الطين البركانى وهو ضار جدا بالبيئة التى يسقط فيها وقد يؤدى إلى تدمير ما يلقاه فى طريقه . مسافة طويلة/U/ ويرى دكتور تعيلب بأن وصول الغبار البركانى من منطقة القرن الأفريقى إلى مصر والسودان مرتبط ارتباط وثيق بسرعة واتجاه الرياح التى من المعلوم رصد حركتها خلال المواسم المختفى من كل عام أما فى مصر فمن المعلوم أن اتجاه الرياح اغلب فترات العام هى رياح شمالية شرقية وقليل من الرياح يصل الى مصر من الجنوب الشرقى أو من الغرب وهى غالبا رياح حارة جدا خاصة ما يأتى منها عبر الصحراء الكبرى وهى لها مواسم معروفة خاصة الرياح الخماسينية . إضافة إلى ذلك – والكلام للدكتور على تعيلب – أن بُعد المسافة من موقع البركان فى أريتريا وحتى جنوب مصر هى مسافة طويلة تعد بآلاف الكيلومترات ولذلك فإن معظم الغبار البركانى سيتساقط اثناء رحلته الطويلة على الأرض بفعل الجاذبية الأرضية وثقل مكونات هذا الغبار وفى حال وصول شىء من الغبار إلى الحدود المصرية تحمله الرياح الآتية من الجنوب الشرقى وهى قليلة جدا وغير مؤثرة أما بالنسبة لتأثير الزلازل التى سبقت هذا البركان على مصر فإنها أيضا ستكون ضعيفة ولن يشعر بها أحد ولن يكون لها تأثير سوى تسجيلها فى محطات الشبكة القومية للزلازل خاصة محطات التسجيل الزلزالى الموجودة فى منطقة جنوب مصر واسوان . الرصد والمراقبة/U/ ويرى دكتور أيمن الدسوقى رئيس الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء أن هناك أقمارا صناعية متخصصة ترصد النشاط البركانى حول العالم وأن الهيئة لا ترصد هذا الرماد ولكنها تتحسب وتراقب حركة السحب البركانية من نواحى أخرى كثيرة بالتعاون مع هيئة الأرصاد الجوية وهى المعنية بالأمر بالدرجة الأولى حيث إن الرياح وتغير المناخ هو المحرك الأول لسرعة واتجاه سحب البركان . ويضيف رئيس هيئة الاستشعار عن بعد أنه من الممكن أن تنقل الرياح سحب بركان اريتريا إلى مسافات بعيدة قد تصل الى داخل الحدود المصرية وليس لدينا وسيلة لمنع أو تلافى ذلك إلا المراقبة واخذ الإجراءات الاحتياطية فى حال وصول السحب البركانية إلى داخل الاراضى المصرية لمسافات أبعد من الحدود الجنوبية خاصة فى حالة أن تكون هذه السحب تحمل غباراً ذا كثافة عالية ومن أول هذه الاحتياطات حظر الطيران فوق مناطق انتشار تلك السحب المحملة بالرماد وعموما والكلام للدكتور أيمن الدسوقى– أن بعد المسافة بين مصر واريتريا إضافة إلى وجود تلك السحب فى طبقات الجو العليا لا يمنعان بصورة كاملة وصول تلك السحب إلى الأراضى المصرية فقد حدث أثناء ثوران بركان ايسلندا أن وصل الرماد البركانى إلى مسافات بعيدة شملت معظم دول أوروبا ووصلت أجزاء من هذه السحب الى روسيا فى أقصى الشمال الشرقى وشمالا وجنوبا حتى شمال شرق أفريقيا عبر البحر المتوسط.