توقفنا فى الحلقة السابقة من اعترافات أشهر قارئة فنجان فى مصر عند استقرارها فى حجرة فى بير السلم بعد أن هرب الضابط الذى تزوجته عرفيا وتركها تواجه مصيرها الغامض فى القاهرة الواسعة التى لاتعرف أحدا فيها. أنجبت إبنها فوزى وجاءها فى المنام من يأمرها بأن تكسب عيشها من قراءة الفنجان.. وفى هذه الحلقة تواصل اعترافاتها حول تجربتها الأولى فى قراءة الفنجان. المهم بمجرد أن أمسكت فنجان المرأة الثانية وحاولت أن أنظر إلى ما فى داخله من رسومات وكلمات وصور. فوجئت بنفس الشئ الذى حدث فى أذنى عند رؤيتى للفنجان الأول.. زقزقة أو بمعنى أوضح كلمات تدخل أذنى عند رؤيتى فى هيئة صوصوة أو همسات.. هذه الهمسات أو الكلمات كانت تقول لى: إسمعى: المرأة التى تجلس بجوارك اسمها “....” وهى متزوجة من رجل ثرى جدا ويعمل بالمقاولات والفلوس تجرى فى يده والدنيا تفتح ذراعيها له ولديه أموال كثيرة جدًا فى البنوك ولكنه رغم ذلك “بخيل جدا”، وهناك خلافات بينه وبين زوجته التى يتهمها بأنها مسرفة وأنها من الممكن أن تقضى على ثروته بسبب إسرافها، هذا بالإضافة إلى أنها “عاقر”. فجأة.. وجدت هذه المرأة تصرخ بأعلى صوتها وهى تقول: يا نهار أسود.. تعالوا يا جماعة ياللى بره - وهى تقصد طبعا صديقتيها- صاحبة الشقة وصديقتها. دخلت المرأتان غرفة الصالون وهن منزعجات ويعتقدن أن شيئا قد حدث لصديقتهما. قالت صاحبة الشقة: مالك يازهيرة.. إيه جرى إيه.. بتصرخى ليه.. حصل حاجة؟.. ردت عليها المرأة قائلة: دا شئ مش معقول.. الست دى -تقصدنىطبعا- خطيرة خالص، لازم نقف ونساعدها لأنها شيخة وفيها حاجة لله. قالت صاحبة الشقة: يعنى أفهم من كده إنها كشفت لك عن حاجات كثيرة فى الفنجان. ردت المرأة قائلة: دى خطيرة.. خطيرة..! قالت صاحبة الشقة: طيب مش خلاص شافت لك الفنجان.. أخرجى بقى علشان تشوف لى أنا. جلست صاحبة الشقة بجوارى على كنبة واحدة وقدمت لى فنجان القهوة الذى شربته.. ثم نهضت مرة أخرى وتوجهت إلى باب غرفة الصالون وأغلقته من الداخل.. ثم عادت وجلست بجوارى وهى تقول: أيوه يا أم فوزى. أمسكت فنجان القهوة بيدى ورفعته إلى القرب من عينى فى محاولة تفسير أى شئ من الرسومات أو الكلام، أو الصور الموجودة بداخله. مرة ثالثة: عاد الصوت الذى يهمس فى أذنى وهو يقول: المرأة التى تجلس بجوارك إسمها “إحسان” وهى إسم على مسمى “يعنى” إنها تقدم يوميا الإحسان لله من أموالها إلى الفقراء.. وهى إمرأة صالحة تؤدى فرائض الصلاة فى أوقاتها، وزوجها “رجل أعمال” وهو ثرى جدًا ويمتلك ثلاث عمارات ورغم أن المرأة لاتنجب وهى “عاقر” فإنها قد أسلمت أمرها لله سبحانه وتعالى، وكذلك زوجها رغم أنه يعرف أن العيب من زوجته وليس منه، وذلك بعد زيارة كثير من الأطباء وعمل تحليلات وفحوص طبية، وقد أسلم الزوج وزوجته أمرهما لله ومن أجل ذلك عوضهما الله عن الإنجاب بالرزق الوفير الحلال. وبعد أن انتهيت من قراءة الفناجين للسيدات الثلاث شاهدتهن وقد اخذت كل واحدة تهمس فى أذن الأخرى، وبعد ذلك أخرجت كل واحدة منهن من حقيبة يدها مبلغ خمسة جنيهات وقالت لى النسوة الثلاث “خدى يا أم فوزى” ومتشكرين وربنا يخليلك ابنك. أمسكت بالورقات المالية الثلاثة - خمسة عشر جنيها - وأنا فى حيرة وأخذت أتحدث مع نفسى.. ماذا أفعل؟ المفروض كما رأيت فى المنام أن أتقاضى مبلغ جنيه واحد فقط عن كل فنجان.. ليس هذا فقط بل مطلوب منى أن أتصدق بنصف المبلغ وأحتفظ لنفسى بالنصف الآخر. بسرعة قلت لنفسى: لا تأخذى هذا المبلغ وتخالفى ما رأيته فى المنام وبسرعة أيضًا أعدت الورقات المالية الثلاث وهى 15 جنيها إلى السيدات الثلاث وأنا أقول لهن: معلش ياجماعة.. صحيح أنا فى أشد الحاجة إلى هذا المبلغ ولكن “الحلم” الذى رأيته فى نومى أخذ علىَّ عهدًا ألا?أتقاضى إلا جنيهًا واحدًا فقط عن كل فنجان وبعد مناقشات وكلام بينى وبينهن أخذت ثلاثة جنيهات فقط. هنا وقعت مفاجأة مذهلة وأنا جالسة معهن فى “صالة الشقة” بعد أن وضعت المبلغ فى جيبى. لقد امتلأت الصالة برائحة جميلة ورائعة مثل رائحة البخور.. المسك والعنبر لدرجة أن الرائحة ملأت أنوف السيدات الثلاث.. وفجأة.. انطلقت أفواه السيدات الثلاث بكلمة: إيه الحكاية دى يا أم فوزى.. وإيه السر وراء رائحة هذا البخور الحلو الطيب الذى ملأ البيت؟! سكت ولم أتكلم ولكننى قلت فى نفسى: ربما يكون هذا البخور علامة طيبة على أننى حافظت على العهد ورفضت أن أحصل على أكثر مما فرض علىَّ فى الحلم. شكرت السيدات الثلاث - صاحبة الشقة وصديقتيها - ونزلت إلى غرفتى بجوار سلم العمارة. قلب الفناجين/U/ فى مساء نفس اليوم أرسلت لى صاحبة الشقة التى كنت عندها صباحا فصعدت إليها بمجرد دخولى من باب الشقة وجدت عندها حوالى أربع من السيدات يجلسن فى الصالة فسلمت عليهن جميعا وقالت لى صاحبة الشقة واسمها مدام سلوى، وقد عرفت اسمها عندما نادت عليها إحدى الموجودات وهى تقول لها: عايزين نشرب قهوة ياسلوى. قالت مدام سلوى لخادمتها إعملى أربع فناجين قهوة يا أم عزيزة. قالت الخادمة: حاضر يا ستى. قالت لى إحدى السيدات الموجودات: إسمك إيه ياحبيبتى؟ ردت عليها مدام سلوى قائلة: إسمها أم فوزى. قالت السيدة: لكن ياسلوى دى صغيرة خالص وشكلها بناتى خالص بلاش حكاية أم فوزى دى ولازم تنادى عليها باسمها. وهنا قلت لها: أنا اسمى “صفية”. أثناء الحديث جاءت الخادمة وهى تحمل صينية وعليها أربعة فناجين من القهوة للسيدات الأربع. وبعد أن شربن القهوة قالت للسيدات الأربع فى وقت واحد: نقلب الفناجين.. والاانتِ اللى تحبى تقلبى الفناجين بنفسك؟.. قلت: لا.. أتركوا الفناجين وأنا اللى راح أقلبها. قالت إحداهن: تسمحى لى ياصفية أسألك سؤالاً؟.. قلت: اتفضلى.. قالت: إنت بقى لك أد أيه بتشوفى الفنجان؟ قلت: معلش.. ده موضوع سر بينى وبين نفسى ثم لما أشوف لكم الفناجين بتاعتكم تبقوا تسألونى زى ما أنتم عايزين.. ده إذا أعجبتم بكلامى وبما أراه فى الفناجين. قالت السيدات الأربع: متأسفين ياصفية.. خدى ياحبيبتى الفناجين. أسرار خطيرة/U/ تناولت الفناجين الأربعة وأخذت أقلب فنجانا بعد فنجان ثم سألتهن جميعا: مين فيكم اللى عايزه تشوف الأول؟ قالت السيدات الأربع فى نفس واحد: أنا!! أمسكت بفنجان وسألتهن: بتاع مين الفنجان ده؟ قالت إحداهن: بتاعى. قلت: طبعا كل واحدة عارفه فنجانها. قالت السيدات الأربع: طبعا. قلت للسيدة التى أمسكت بفنجانها: لو سمحت استأذنى الست سلوى صاحبة الشقة أن نجلس أنت وأنا على انفراد فى إحدى الغرف بعيدا عن بقية أصدقائك. قالت: لماذا؟ قلت: الفنجان أسرار.. ومن المؤكد أن الفنجان سوف يكشف حاجات كثيرة من حياتك تعتبر أسرارا شخصية ولا داعى لأن اقولها أمام الناس. قالت السيدات الأربع: فعلا ياصفية عندك حق فى كل اللى بتقوليه. استأذنت السيدة من صاحبة الشقة ودخلنا الغرفة. أمسكت الفنجان وبدأت أقربه من عينى بحجة أننى أحاول قراءة ما بداخله من رسومات وصور وغيرهما من الأشياء الأخرى. الواقع أننى لم اقرأ شيئًا أو أحاول تفسير شئ مما فى داخل الفنجان ولكننى كنت أسمع شيئا غريبًا.. وعجيبًا وكأنه مثل زقزقة العصافير.. هذا الشئ يهمس فى أذنى بصوت ناعم ورقيق ويقول لى: قولى لكل من يجلس أمامك لمعرفة الفنجان بما سوف أقوله لك. إننى لاأقول أو أدعى أن هذا «وحى» لأن الوحى قد انقطع بعد وفاة الرسول ?، ثم إن هذا الصوت الذى يهمس فى أذنى هو صوت نسائى. هذا هو شعورى الذى انتابنى وهز كيانى منذ أول يوم، أو أول مرة أمسك فيها الفنجان، وأعرف ما فى داخله. إن النظر إلى داخل الفنجان ما هو إلا «دروة» بمعنى «إيهام للناس».. أو للإنسان الذى اقرأ له الفنجان أننى أوضح أو افسر له الخطوط والرسومات والصور التى تملأ الفنجان.. غير إن الواقع بخلاف ذلك تماما. الواقع.. والحقيقة أننى أقول لكل من اقرا له الفنجان ما أسمعه فى أذنى. إننى أرى بوضوح الدهشة والذهول والتعجب على وجه كل من اقرأ له الفنجان لأنه يرى من وجهة نظره أن كل ما أقوله صحيح تماما ومائة فى المائة. إذن.. فإن قراءة الفنجان - بالنسبة لى شخصيا أو بالنسبة لحالتى - ليست فراسة أو فهلوة، أو كلاما يقال من هنا، أو من هناك وكما يقول كثير من الناس «كلمة تصيب وكلمة تخيب».. دهشة وذهول/U/ المهم: أمسكت بالفنجان ورفعته لأقربه من عينى كأننى سوف اقرأ مابداخله.. ووجدت نفسى أقول بصوت مسموع.. بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلى على رسول الله وعلى آل بيته.. استعنت بالله وحده لا شريك له.. ثم أخذت أنظر داخل الفنجان وأديره بين أصابع يدى.. والسيدة التى تجلس بجوارى صاحبة الفنجان تنظر إلىَّ وقد وضعت كف يدها اليمنى على رأسها وقد مالت على جانبها وكأنها تستعد لتلقى ماسوف أقوله لها أو ماسوف يكشف عنه الفنجان.. وبعد فترة صمت وأنا أنظر داخل الفنجان وكأنى أبحث عن أشياء فنطق لسانى وقلت للسيدة: إسمعى يامدام عقيلة. شهقت السيدة عندما نطقت بإسمها ولم يكن قد سمعت اسمها من قبل وقالت: إزاى عرفتى إسمى ياصفية.. هل إسمى مكتوب فى الفنجان؟ قلت لها: أنا لسه ماقلتش حاجة غير اسمك.. انتظرى حتى أنتهى من قراءة الفنجان وبعدين تبقى أحكمى.. أو قولى رأيك إيه.. ثم بعد صمت من السيدة عقيلة قلت لها: حضرتك متزوجة من رجل ثرى جدا ويمتلك اراضى وعمارة ويدير شركة يمتلكها ومبسوط جدا.. ورغم مرور سنوات على زواجكما فإنك لم تنجبى أولادا منه وقد عرضت نفسك على عدد من الأطباء وهو أيضا عرض نفسه على الأطباء فى مصر.. وسافرت معه إلى بلاد برة وكشف الأطباء عليكما وقد تأكد أن العيب عندك من عدم الإنجاب. مضبوط ياست عقيلة كان هذا سؤالا من عندى؟ قلت: مضبوط.. قلت: ورغم أنك عايشه فى سعادة وهناء وفى فيللا وخدم وناس كتير تحت أمرك بفضل زوجك.. فإنك للأسف «يامدام عقيلة» تعرفى واحد تانى غير زوجك وعلى صلة جامدة قوى معاه . قالت: يانهار أبيض.. كل ده موجود فى الفنجان ياصفية؟.. قلت: وأكثر من هذا طبعا لو تحبى أقول لك إسم اللى إنت ماشيه معاه؟ قالت فى دهشة: اسمه إيه؟.. قلت: إسمه فؤاد.. وهو موظف عند زوجك ويدخل بيتكما فى حضور زوجك وفى غيابه.. مستغلا اعتماد زوجك عليه فى تسيير أمور شركته وأمواله وهذا الرجل مثل الثعلب أو الثعبان يعنى ناعم ويلدغ فى الوقت المناسب.. وأنا أرجو أن تبعديه عنك وتمنعيه من دخول البيت نهائيا..!! فجأة أمسكت السيدة بيدى وأخذت تتوسل إلىَّ أن أخفى كل ماقلته عن صديقاتها الأخريات وكذلك مدام سلوى صاحبة الشقة التى تستضيفهن فى بيتها.. وأخذت تقول لى: ربنا يسترك ياصفية ولايفضحك أبدا أوعى تجيبى سيرة لصديقاتى اللى قاعدين بره علشان خاطرى.. ثم فتحت حقيبة يدها وأخرجت منها مبلغا كبيرا من الأموال ومدت يدها لى وهى تعطينى المبلغ وتقول: المبلغ ده علشان الطفل الصغير إبنك.. لأن مدام سلوى صاحبة الشقة قالت لى: إنك ترفضى أن تأخذى أى مبلغ غير جنيه واحد فقط زى ماشفتى فى المنام. بعد أن سمعت هذا الكلام ورأيت عشرات الجنيهات وهى تضعها فى يدى.. ضعفت نفسيتى أمام إغراء المال خاصة أنها قالت لى: إن المبلغ علشان الطفل. خرجت السيد عقيلة من الغرفة وهى فى حالة ارتباك شديد.. غير أنها حاولت - كما لاحظت - أن تتماسك حتى لا يظهر عليها أى انفعالات نفسية أمام صديقاتها اللاتى كن يجلسن فى صالة الشقة. خرجت معها من الغرفة إلى حيث كانت السيدات الثلاث يجلسن بغرض أن استريح قليلا وفى نفس الوقت استمع إلى ما سوف تقوله مدام عقيلة من كلام عندما تسألها صديقاتها.. وفعلا حدث بمجرد خروج مدام عقيلة «ثم أنا» قالت السيدات الثلاث: هيه خير ياعقيلة.. إيه رأيك ياترى فى فنجان صفية.. هل عرفت تشوف لك كويس؟ قالت مدام عقيلة وهى تكاد تسقط على الأرض من الأعياء بعد أن صدمتها الحقائق التى كشفت لها عنها: الحقيقة صفية كويسة قوى فى الفنجان وشاطرة خالص. قالت إحدى السيدات الثلاث: تعالى ياعقيلة أحكى لنا اللى حصل.. وإيه اللى قالته صفية فى الفنجان رأيك إيه؟.. أسرعت أنا بالكلام حتى أعفى مدام عقيلة من الحرج وقلت للسيدات الثلاث: أنا سبق وقلت لحضراتكم إن الفنجان أسرار وأرجو من مدام عقيلة عدم ذكر أى شئ مما قلته لها ويكفى أن تقول لكم إن كان كلامى صح وإلا ..لا؟ قالت مدام عقيلة وقد ظهر عليها الانبساط مما قلت: فعلا يا صفية.. الكلام اللى قلتيه من خلال رؤيتك فى الفنجان هايل.. وتفاصيله دقيقة.