منذ نحو 15 سنة، زار الممثل الهندى الاشهر «أميتاب باتشان» القاهرة لحضور مهرجان القاهرة السينمائى الذى اختاره ضمن المكرمين فى ذلك العام.. وفى المطار تجمعت عشرات الفتيات لتحية ومشاهدة النجم الهندى على الطبيعة..وبمجرد خروجه من صالة المطار، فوجئ بالفتيات يهاجمنه لمصافحته، وارتمت فتاة على الارض لتقبل قدميه.. وقتها انشغلت الصحافة بهذا الحدث الغريب.. وتبارى علماء النفس والاجتماع فى تبرير وتفسير ظاهرة الانبهار بهذا النجم الذى صنع أفلاما كثيرة، أقل ما يقال عنها أنها ساذجة، ولا تقارن قيمتها حتى بقيمة أفلام هندية أخرى تنتمى إلى مدرسة السينما الهندية الجادة التى تحصد الجوائز فى المهرجانات العالمية ولا تلقى أدنى اهتمام فى العالم العربى. وتحدث الجميع عن احباطات الشباب وحرمان البنات من حقهن فى الزواج وتكوين أسرة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وزيادة نسبة العنوسة وتأخر سن الزواج، وتكلموا عن التفكك الأسرى وغياب القدوة وضعف الإيمان، وأشياء كثيرة قالوها لتفسير سلوك الفتاة الشاذ.. ولماذا ألقت بنفسها على قدم «باتشان» لتقبلها.. وحين التقيت هذه الفتاة مع مجموعة من زميلاتها من عضوات نادى الصداقة المصرية الهندية.. وسألتها لماذا فعلت ذلك؟ أنكرت بشدة رغبتها فى تقبيل قدمى «باتشان».. وقالت إنها كانت تريد فقط أن تصافحه..وأن الصحافة بالغت كثيرا فى سرد الواقعة.. لكنها لم تُخف هى وزميلاتها إعجابهن الشديد بشخصية وأفلام النجم الهندى، وبعضهن رددن لى أغانى هندية يحفظنها عن ظهر قلب، حتى بالرغم من أن بعضهن لا يجدن اللغة الهندية ولا يعرفن منها سوى بضع جمل وكلمات بسيطة تعلمنها من الأفلام . وقتها قلت لنفسى..خلصنا من تأثير المسلسلات الغربية لنقع فى أسر السينما الهندية، وكانت أفلام «أميتاب باتشان» وغيره من النجوم الهنود تحقق أيامها إيرادات خيالية، وتتفوق على الأفلام المصرية، وكان التليفزيون المصرى يعرض أسبوعيا فيلما هنديا فتخلو الشوارع من المارة. والغريب أن هذا المد الهندى توافق مع هوس جديد بالمسلسلات الأمريكية التى تدور فى أجواء قصص الحب والجنس والعلاقات الاجتماعية المتشابكة، مثل «نوتس لاندينج» و «الجرىء والجميلات»، وغيرها.. وأصبح المشاهد العربى موزعا بين مبالغات ومفارقات الأفلام الهندية الساذجة وبين علاقات الخيانات الزوجية وزنا المحارم والعلاقات غير الشرعية فى المسلسلات الامريكية. ثم خفتت حدة هذا الانبهار لسنوات.. عادت بعدها تقليعة درامية جديدة وهى المسلسلات المكسيكية المدبلجة، وبعدها جاءت المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية، وهى تحظى الآن بنسب مشاهدة عالية للغاية، رغم عدد حلقاتها الذى يزيد أحيانا على المائة وخمسين حلقة! وتنافس بشدة الدراما المصرية . فما الذى يجذب الناس لمثل هذه المسلسلات؟ ولماذا يصل الانبهار بها وبنجومها وشخصياتها إلى حد الهوس ؟.. وهل أصبحنا قابلين للانقياد إلى هذا الحد؟.. وأين ثقافتنا الخاصة وتراثنا الذى كنا نعتز به يوما ونباهى به الأمم..ولماذا لم تعد الدراما المصرية تعبر عن الناس وتجعلهم يتسمرون فى مقاعدهم كما كانت تفعل أيام أعمال مثل «ليالى الحلمية» و«رأفت الهجان»؟!.. أسئلة تحتاج إلى إجابة وإلا!