يعتبره الكثيرون أنه الشخصية الأبرز فى التيار السلفى.. تخرج فى كلية الإعلام لكنه فضل العمل فى مجال الدعوة وعلا نجمه فى السنوات الأخيرة بعد ظهوره فى عدد كبير من الفضائيات الدينية. يدافع باستماتة عن السلفية، مؤكداً أن كل مسلم «سلفى» كما أن له آراء عديدة لحل أزمة الفتنة الطائفية. إنه الشيخ محمد حسان الذى كشف فى حواره مع «أكتوبر» عن وجود أكثر من قنبلة موقوتة فى أماكن كثيرة داخل مصر قد تفجر نار الفتنة مرة أخرى. وانتقد الإعلام الذى ساهم فى تحويل السلفيين إلى فزاعة رغم براءتهم من كل ما نسب إليهم وكشف مخطط استهداف أمن مصر وتحدث عن دور مؤسسة الأزهر فى لم شمل جميع الفصائل والتيارات تحت عباءتها وغير ذلك من الموضوعات التى يكشفها الحوار التالى.. * هناك تخوف كبير داخل كل منا بسبب الأوضاع الحالية التى تمر بها مصر فما هو الواجب علينا فعله تجاه ذلك؟ * * مصر مستهدفة لأنها هى القلب النابض للأمة الإسلامية والعربية لو قُتل هذا القلب لمات الجسد كله مهما كان يملك من إمكانيات وطاقات فالأمة الإسلامية والعربية بكل ما تملكه من طاقات وإمكانيات لا تأثير لها بدون هذا القلب النابض بالحياة بدون مصر. إننى هنا أخاطب أبناء هذا الشعب من المسلمين والأقباط وأقول لهم هناك من يريد سوءا بمصر.. هناك من يريد عدم استقرارها.. هناك من يتآمر عليها ولقد اطلعت على تقارير مقدمة للكونجرس الأمريكى على يد هذا الصهيونى المتأمرك «برنارد لويس» لتقسيم العالم الإسلامى والعربى كله إلى دويلات وكنتونات ومنها مصر حيث اقتُرح أن تُقسّم إلى أربع دول وها نحن الآن رأينا السيناريوهات والخطط قد نُفذت بالفعل على أرض الواقع فى العراق، وتجرى الخطط الآن بإحكام فى كثير من بلاد المسلمين. قنبلة موقوتة * ولكن ألا ترى أن حوادث الفتنة الأخيرة أخطر من كل ماسبق؟ * * بالفعل يجب أن ننتبه إلى أن أخطر فتنة تتعرض لها مصر هى الفتنة الطائفية ولا يجوز أبداً لعقلاء وعلماء هذه الأمة أن يسمحوا للسفهاء من أى طائفة من الطائفتين أن يُدمروا هذا البلد أو أن يُغرقوا هذه السفينة أو أن يحرقوا فيها وعلى أرضها وترابها الأخضر واليابس، هناك قنابل موقوتة فى أكثر من مكان قد تفجر نار الفتنة الطائفية مرة أخرى وثانية وثالثة ورابعة وعاشرة إن لم يقف العقلاء والحكماء الآن وقفة صادقة لله جل وعلا لوأد هذه النار ولاقتلاع جذور الفتنة من القرار الأمر يحتاج منا الآن إلى المكاشفة والمصارحة اكثر من اى وقت مضى والمخطئ يحاسب وحتى نعلى هيبة وسيادة الدولة وأقولها الآن: أنا لا أقبل أن تحل مشكلة الأقباط بالجلسات العرفية رغم أننى شاركت فيها ولابد من رجوع هيبة الدولة وسيادة القانون، كما أنه لا أحد فوق القانون أياً كان مركزه فديننا يعلمنا هذا فلو أخطأ محمد حسان فى هذه الفتنة واتهم بأى تهمة حقيقية فليُحاسب بالعدل ليشعر الناس بالأمن والطمأنينة وعدم المحسوبية والمجاملة لقد مضى هذا العهد ونريد أن يتعامل الجميع بالعدل ليشعر الجميع بالثقة. هيبة الدولة * مادمتم أن فضيلتكم قد تكلمتم عن سيادة الدولة وهيبة القانون ألا ترى أن تساهل الدولة مع مظاهرات السلفيين أمام الكاتدرائية هو ما أدى إلى إشعال فتنة امبابة؟ * * أنا لا أقر الاعتصامات أمام دور العبادة كما ان الاسلام يحرم ظلم الأقباط ويحرم أعراضهم وأموالهم.. لا أقول هذا بسياسة ولكن اعتقادا وتدينا. * فضيلتكم لا تقر الاعتصامات أمام دور العبادة فما هو رأيك فيمن أعطى لنفسه الحق فى تفتيش الكنائس؟ * * ليس من حق أى أحد أن يفتش دار عبادة سواء كانت مسجدا او كنيسة وإذا كان هناك من يرى مخالفة فيها فعليه أن يرجع إلى القنوات القانونية، كما أنه ليس من حق أحد احتجاز أشخاص داخل دور العبادة. * هل لدى فضيلتكم حلول معينة لمسألة الفتنة؟ * * نعم لقد اقترحت تشكيل لجنة من علماء الأزهر ولجنة أخرى من العلماء غير الرسميين ممن لهم المكانة فى قلوب الجماهير فى مصر مع مجموعة من الكنيسة ومجموعة من مجلس الوزراء وتجلس هذه اللجنة لتتناقش بوضوح وصدق وبلا اتيكيت فكرى وبعيداً عن دبلوماسية الحوار، بل يُخرج كل واحد ما عنده.. نريد أن نقتلع جذور الفتنة الطائفية من القلوب، لأن المرحلة الماضية كانت تُسَكّن الداء فقط، لم تداو ولم تبحث عن الأسباب الحقيقية للمشكلة؛ ولذا ستظل المشكلة قائمة. * هناك مشكلة أخرى تتعلق بانعدام الأمن وتزايد أعداد البلطجية رغم نزول الشرطة الى الشارع؟ * * ما حدث فى الأيام الماضية من انفلات أمنى مروع أصاب الناس بالهلع والفزع يحتم علينا أن نعيد النظر فى هيكلة منظومة جهاز الشرطة بالكامل لتحويل شعارها (الشرطة فى خدمة الشعب) إلى واقع عملى وذلك لا يكون فى المرحلة الحالية والمقبلة إلا بالتخلى الكامل عن السياسة القديمة فى طريقة التفكير والتخطيط والتنفيذ بدءاً من تعليم طلبة كلية الشرطة وانتهاء بكيفية التعامل مع الجمهور فوظيفة جهاز الشرطة بكامله على اختلاف تخصصاته تحقيق الأمن للمجتمع فنعمة الأمن عظيمة جليلة لم يعرف كثير من الناس قدرها إلا فى الأيام الماضية ولا يعقل أبدا أن يسخر هذا الجهاز الضخم بكل طاقاته وإمكانياته لتأمين شخص رئيس الدولة فقط وهذا يقتضى وبشدة تحديد مهام جهاز الشرطة بكل فروعه لتأكيد الاحترام الكامل لجميع المواطنين دون تمييز بين غنى وفقير ووزير وخفير، ومن الأهم منع الظلم والقمع والتعذيب والاعتقالات دون محاكمات عادلة، وإن كنا نطالب جهاز الشرطة بكل عناصره بتحقيق ما عليه من واجبات، فمن العدل أيضا أن نعطيهم مالهم من حقوق ثم لا يجوز أبدا فى المرحلة القادمة أن نزج برجال الشرطة فى كل شىء بما يثيرعليهم غضب الجماهير ويفقدون بسبب ذلك ثقة الشعب واحترامهم كالتدخل مثلا فى الدعوة إلى الله عز وجل والتحكم فى العلماء والدعاة ومنعهم من التحرك للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة إذ ليس من حق الضابط أن يقيّم العالم أو الداعى من الناحية العلمية والدعوية أو التدخل فى الجامعات والكليات لاختيار رؤساء الجامعات والعمداء واتحاد الطلاب وغير ذلك أرجو أن يراعى هذا جيدا فى المرحلة المقبلة فليس من صالحنا أو من صالح بلدنا أن تضيع الثقة والاحترام المتبادل بين الشعب والشرطة، وكفانا ماحدث من انفلات أمنى وكذلك انفلات أخلاقى والذى هو الأخطر. * أليس غريبا أن يكون لدينا كل هذا الانفلات الأخلاقى ونحن لدينا هذا الكم من القنوات الدينية والعلماء والمساجد؟ * * طوال الوقت هناك الخير والشر يدفع بعضه بعضا وليس معنى وجود عدد كبير من القنوات الدينية أن يختفى الانفلات الخلقى. شائعات مغرضة * كيف ترى فضيلتكم الانتقادات التى يوجهها البعض للمجلس العسكرى بأنه لايتعامل بالحزم الكافى لإعادة الأمن إلى الشارع؟ * * سبق أن قلت إن أعداءنا فى الخارج والداخل هدفهم أن يُحطموا هذا الدرع الحصين درع القوات المسلحة التى وقفت من أول لحظة مع الشعب مع الشباب، ونصرت الشباب لكن الأعداء يحرق قلوبهم هذا التلاحم وهذه المواطنة ويريدون أن يحطموا هذا الدرع لأن مصر الآن من حولها مؤامرات كثيرة وأنتم تتابعون ما يجرى الآن على حدود مصر الشرقية والغربية وما يجرى فى الدول العربية والإسلامية المجاورة وتتابعون أيضاً هذا القلق الشديد عند اليهود بعد هذه المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية التى كنا نرجوها منذُ أمد بعيد لأنها الخطوة العملية على الطريق لحل الأزمة. إننى أود بداية أن يلتحم الشعب كله مع الجيش وأن يدعموا موقفه وحذارٍ أن نتهمه أو أن نسمع لشائعات مغرضة أو كاذبة تريد أن يفقد الشعب الثقة فى المجلس الأعلى أو فى القوات المسلحة. * أليس غريبا أن يضع التيار السلفى نفسه موضع كل هذه الاتهامات فى الفترة القصيرة منذ 25 يناير وحتى الآن؟ * * السلفية ليست حزبا وليست جماعة فهى القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، ولكن ما يؤلم أن السلفية تحولت الى فزاعة وبعبع رغم أن كثيراً من الاتهامات التى وجهت إليهم تم تبرئتهم منها، قد يحدث أن يخرج البعض عن المنهج السلفى، فهل هذا يعنى أن هناك مشكلة فى المنهج نفسه، إننى حزين جدا من اتهام الإعلام للمنهج السلفى دون تثبت أو تبين. * ولكن ما حدث من الإعلام هو رد فعل لبعض الممارسات التى يراها خاطئة من التيار السلفى؟ * * كل من يخرج عن أصول المنهج السلفى فهو مخالف وأرى أنه لابد من إعادة تصحيح الكثير من المواقف بالرجوع الى علماء ومشايخ السلفية. مخالفة الحقيقة * بالنسبة للمنهج السلفى دون الدخول فى تفاصيل.. فى ضوء الأحداث المتتالية ألست قلقاً من التجربة السلفية فى مصر فى ضوء الظاهر منها؟ * * أنا فعلاً قلق من اتهام الإعلام للمنهج السلفى كله بلا تثبت ولا تبين، وكذلك أنا قلق بالنسبة لأخطاء بعض المنتسبين إلى المنهج السلفى فى أن يوصلوا هذا المنهج إلى الأمة كلها بصورة مخالفة لحقيقة هذا المنهج الربانى والنبوى.. وأنا أقول ذلك بوضوح وصراحة. وأنصح شبابنا من أبناء المنهج السلفى أن يراجعوا العلماء وأن يراجعوا المشايخ، وأحتم عليهم هذا لأنهم قد يسلكون بعض الطرق والمناهج دون الرجوع إلى أحد.. لأن الحماس والإخلاص لا يكفيهم، بل يجب أن يكون الحماس والأخلاص منضبطين بضوابط الشرع، ثم بفهم دقيق للواقع. فزاعة جديدة * فضيلة الشيخ نحن نعرف أنك تنتهج المنهج الوسطى المعتدل.. ورغم ذلك أُخذ على بعض المشايخ السلفيين تشددهم؟ * * على أى حال أنا أتصور لو عاد شباب السلفيين إلى أى شيخ من المشايخ فلن يكون حجم الخطأ إطلاقاً بالصورة التى نراها حتى ولو أخطأ شيخ من شيوخ المنهج السلفى فإنه يرجع ويتراجع ويعتذر وهذا ليس عيباً على الاطلاق وهذا ربما يرفع من قدره عند الله، ثم عند الخلق. * هل ترى أن السلفيين موضع تصيد من الآخرين؟ * * نعم هذا واقع.. فهم يشعرون فعلا بحالة من الألم وبحالة من الحزن الشديد لأنهم رأوا أنفسهم بلا مقدمات فزاعة جديدة بعد فزاعة الإخوان المسلمين. * ألم يشعروا بأنهم متسببون فى تكوين هذه الصورة حتى ولو كانت خاطئة؟ * * هم على الأقل يعتقدون أو يقتنعون بأن حتى وإن أخطأ بعض المنتسبين إليهم فلا ينبغى على الاطلاق اتهامهم جميعا، بل والمطالبة بإخراجهم وأن تصب النار عليهم جميعاً لتحرقهم. * لو أصبح هناك مرشح للإخوان على مقعد رئاسة الجمهورية هل سيلقى دعم السلفيين؟ * * القضية ليست بهذا الشكل، وإنما لا بد أن يدرس برنامج كل مرشح لأن القضية أمانة ولا يجوز لمسلم أبداًً أن يجامل إنساناً على حساب دينه أو على حساب أمانته، وأبشرك بأن الشعب المصرى أذكى من أن يضحك عليه أحد وأذكى من أن يخدعه أحد حتى مجرد التنظير للبرامج الانتخابية فالشعب بفضل الله عنده القدرة والفلترة بأنه يستطيع أن يميز بين ما هو للاستهلاك الإعلامى وبين ما هو قابل للتنفيذ على أرض الواقع. فلا بد أن تكون هناك نظرة موضوعية ودقيقة وعادلة لكل البرامج التى ستطرح من المرشحين أيا كانوا لتقديم الأصلح فالأصلح والأكفأ بغض النظر عن أى شىء. خطورة المرحلة * أخيراً.. لقاؤكم بشيخ الأزهر كانت نتائجه إيجابية جداً.. فما الذى عطل مثل هذه اللقاءات طوال السنوات الماضية؟ * * أعتقد أن النظام السابق كان لا يسمح بذلك وأنا على المستوى الشخصى قبل الثورة وبعدها، وأنا أعظم دور الأزهر وما قللت أبداً من قامة وقيمة الأزهر فى أى مرحلة من المراحل، لأنه ليس من صالح أى اتجاه فى مصر أن يؤخر هذه المؤسسة العريقة التى أراها أقدم مؤسسة علمية ودينية على وجه الأرض (1050 سنة) وللحقيقة دعنى أقل إننى ما رتبت لهذا اللقاء وكنت سعيداً له وطالما دعوت الله فى خطبى أن يتبنى الأزهر الدعوة والجماعات جميعها لتتكاتف لا للتفرقة وللتآكل ويبقى الخلاف موجوداً فى مسائل الفقه وفروعه، لأن الاختلاف هذا أمر قدرى لا يزول أبداً ومن المهم أن نعى جميعاً خطورة وحجم المرحلة التى نمر بها وبلدنا وأن نتعاون فيما نستطيع أن نتعاون فيه للخروج بنصرة من هذه الأزمة، وأنا أؤكد أن لقاء الشيخ كان فى غاية الود ولم أكن أتوقع أن يستقبلنى الشيخ بهذا الترحاب نظراً لما وصل للشيخ قبل ذلك عنا وهذا هو السبب، لأننى أعلم أن ما نقل إلى الشيخ عن السلفية وعن شيوخها.. كان ضخماً جداً. وندعو الله أن تتغير سياسة الأزهر وأرى أن هناك بداية جيدة ومبشرة أرجو أن تستمر إلى أن يحدث لقاء عام لكل هذه الفصائل وكل هذه التيارات.. أقصد رموزها، وأن يحدث النقاش فى ورش عمل جانبية وأن يطرح المتفق عليه فقط، وأن نؤجل نقاط الخلاف إلى مرحلة لاحقة لنصل فى النهاية إلى أصول عامة وقواعد مشتركة نستطيع أن نخدم بها ديننا أولاً ثم بلدنا.