بالتأكيد الحديث مع الحاج ماهر التابعى لن يتوقف عند الأكلات الشعبية والتيك أواى التى تشتهر بها سلاسل المطاعم التى يمتلكها، إنما سيمتد ليستعرض الأحداث الأخيرة التى مرت بها البلاد منذ 25 يناير الماضى، لأن مطاعم التابعى كانت قريبة من شباب الثورة سواء فى ميدان التحرير خلال الأحداث أو قبلها بسنوات. وعندما بدأنا الحوار مع الحاج ماهر التابعى كانت علاقة سندوتشات التيك أواى بالثورة هى نقطة البداية، خاصة أن البعض قال إن مطاعم التابعى كانت تقدم ثلاثة آلاف سندوتش للثوار خلال ال 18 يوما التى غيرت مصر، ومن هذه النقطة كانت بداية الحوار: * هل كان لك دور فى الثورة خاصة أن الذى ساعد بشكل كبير على استمرار فئات الشعب المختلفة داخل ميدان التحرير لأيام عديدة كان الوجبات السريعة والمشروبات التى أمدتهم بها مطاعم (التيك أواى)؟ ** ساهمت ولكن بشكل خدمى من خلال فرعى المهندسين وفيصل، لأنهما الوحيدان اللذان لم اضطر لغلقهما نظراً لتيارات العنف والتخريب التى كانت سائدة آنذاك.. قمت بتخفيض سعر الساندوتش بنسبة 15%. وكنت فى غاية السعادة يوم 25 يناير.. مظاهرة عظيمة واختارت توقيتاً منفرداً وهو يوم عيد الشرطة وبصراحة لم أتخيل أن شباب الجينز والموبايلات يصنعون ذلك ثم انضمت إليهم باقى فئات المجتمع ومنهم العاملون فى مطاعم التابعى وللأمانة ذهبوا طوعاً من أنفسهم. وكنت اتوقع فى بداية الثورة أن تستطيع الادارة المصرية السابقة امتصاص غضب الثوار، لأننى تذكرت عهد الرئيس الراحل السادات فلو حدث ذلك خلال عهده لكان قد بادر بالذهاب اليهم.. لكنى وجدت الادارة السابقة للحكم تتعامل بتعال مع الثوار واكتشفت فجأة - للأسف - أننى لم أفهم حسنى مبارك (لأنه مش معقول) يلقى خطابات استعطاف ثم يقوم بطعن الثوار الأحرار من الظهر.. أقصد موقعة الجمل، ولو كنت من حكومة الدكتور عصام شرف لأصدرت قراراً بتجميع كل رموز النظام الفاسد فى مكان ما ويتم وضعهم تحت الإقامة الجبرية وتمنع عنهم جميع وسائل الاتصال.. ولو فعلوا ذلك لكانت الثورة قد حققت أهدافها بدون تداعيات سيئة نعانى منها حتى الآن (الثورة المضادة). * وماهى رؤيتك لمصر مستقبلا؟ ** بعد عامين اذا توافر الاستقرار المطلوب واقصد المظاهرات الفئوية المعوقة للحركة والإنتاج والتى تعتبر من وجهة نظرى (ثورات مضادة غير مقصودة) سوف نرى مصر التى يتمناها كل مواطن وستتوافر الحياة الكريمة للجميع، خاصة أن العالم كله لديه الاستعداد للمساعدة فى النهوض بالاقتصاد المصرى. * بمناسبة البزنس كيف كانت البداية فى محلات التابعى؟! ** منذ عام 1926 افتتح والدى المغفور له الحاج محمد التابعى.. مطعماً فى شارع النقراشى بدمياط وكان يعمل فترة واحدة ويقدم الفول فقط.. وعملت مع والدى وعمرى اثنا عشر عاماً.. ثم افتتح فرعا آخر للمطعم فى رأس البر عام 1948.. وكانت السيدة أم كلثوم من زبائنه وعرضت على والدى أن يفتح مطعماً فى القاهرة وسوف تساعده. وفى عام 1949 افتتح أول مطعم فى القاهرة وهو الكائن فى 31 شارع أحمد عرابى فى وسط البلد وكان الوحيد الذى يرتدى البدلة والكارفات فى عمله دون أصحاب باقى المحلات الذين كانوا يرتدون الجلباب.. وكان يحضر إلينا كل نجوم المجتمع.. وظللنا فى المطعم الوحيد حتى توفى والدى عام 1993 وبعد رحيله استكملت أنا وإخوتى المشوار.. طورنا المحل وتعددت الفروع خلال السنوات حتى وصلت الآن الى اثنى عشر فرعاً وظللنا نضيف فى الأصناف حتى وصل لدينا الآن 148 صنفاً.. واستبدلنا (المكن الآى إن آر) بالكمبيوتر.. فنحن نجدد بهدف التطوير. * وماذا عن المنافسة؟ ** المنافسة بدأت قديماً منذ جاء والدى رحمه الله إلى القاهرة، ولكن التابعى الدمياطى لديه شعار سيلازمه للأبد وهو «أول من» فنحن أول من صمم بمطاعمه صالة طعام وأدخل خدمة الديليفرى ووالدى أول صاحب مطعم فول يرتدى البدلة والكارفات ويصبح عملاؤه من كبار نجوم المجتمع ومنهم الموسيقار محمد عبد الوهاب.. الذى كان يصر على غسل الأطباق التى سيتم تقديم الطعام له فيها بنفسه، لأنه كان «موسوس»، وفاتن حمامة وعبد الحليم وأم كلثوم.. وبطل مصر وقتها فى رفع الاثقال الكابتن مختار حسين وكان ينظم الدخول الى صالة المطعم بنفسه لأنه كان صديقا لوالدى.. وكنا نستعين بعازف كمان يونانى.. يعزف بشكل دائم لعملاء المطعم. * إذن لم تفاجئك زيارة الدكتور عصام شرف؟ ** أنا اعتدت على ذلك.. فمثلاً كان والدى ينتقل للرئيس عبد الناصر كل أسبوع لتحضير وجبته من الفول والطعمية، والرئيس السادات كان يعشق أكل الفول من التابعى والعنب البناتى وبهذه المناسبة ذات مرة ظللت لمدة ساعة ونصف الساعة أبحث فى مناطق القاهرة عن العنب البناتى حتى وجدته وأنا راكب سيارة رئاسة الجمهورية وكنت أول مرة أرى سيارة بها تليفون، بعدها اتصل بى الرئيس السادات وسأل عن والدى.. فأجبته بالنفى.. فقال سأتصل بعد ساعة.. فسألته (مين حضرتك) فأجاب السادات، فقلت الرئيس! فقال أنا الرئيس، وأغلقت معه الهاتف وأنا لم أصدق أذنى وعندما حضر والدى وأخبرته لم يصدق أن الرئيس السادات اتصل مخصوص ليشكر والدى على إحضار العنب البناتى. وأيضاً بل كلينتون عندما حضر إلى مصر فى جولته المكوكية فى الثالثة صباحاً.. اتصلت بى رئاسة الجمهورية لطلب فول وطعمية وبعض أصناف المخللات.. وأرسلوا الى المطعم بعض الأطباء المصريين والأمريكان الذين كانت مهمتهم الكشف بالأجهزة على الوجبات وعندما شاهدونى أعمل بنفسى.. فرحوا كثيراً.. ولا توجد شخصية فى مصر أو قيادة فى أى مجال لم تتشرف محلات التابعى بدخولها.. فالدكتور أسامة الباز كان يحضر يومين فى الاسبوع يأكل الفول سادة وبملح خفيف ويشرب شايا خفيفا جداً.. وفضيلة الإمام الشعراوى كان يأكل ساندوتش به قليل من الفول ويقول (قال يعنى فيه فول) وكان يقدم للسائق وجبات كثيرة جداً.. معللاً بأنه صاحب (عيال).