كم من الوقت نحتاج لإدراك الجانب الأكبر من حقيقة الأحداث التى وقعت فى المدة من 25يناير إلى 11فبراير الماضى؟!. لا تتعجل الإجابة ولا تركن إلى تقرير لجنة تقصى الحقائق الذى لن يخبرك- التقرير- أو حتى ملايين الكلمات التى نشرتها الصحف وتحدث بها الإعلام المرئى عن الجزء الأكبر من جبل الجليد الذى لم يتم الكشف عنه حتى الآن..لا عليك. فالبحث فى الأسرار ليس موضوع هذا المقال، وإن كان ليس بعيدا عن هذا بشكل أو بآخر، وليس فى الأمر فزورة فقط اقرأ ما كتبته الزميلة المتخصصة فى الشئون الإسرائيلية الأستاذة أسماء سيف فى عدد مجلة أكتوبر السابق، واتبعه بما هو آتٍ، ثم حاول أن تفهم حتى ولو أجهدت عقلك فى استخدام مهارة الفك وإعادة التركيب. حاول.. لن تخسر كثيرا. -1- قبل أن أذكر ما كتبته الزميلة أسألها أمامك عزيزى القارئ: لماذا كان القلم يرتعش وأنت تكتبين ماكتبت؟ سوف يفاجئها السؤال وسوف تشرح لى كثيرا كعادتها معى فى النقاش، وسوف أقول لها إنه ما كان يجب أن تنهى مقالك الذى كان يمكن أن يفجر أسئلة خطيرة بسؤال ينم عن خوف أو تردد أو شبه اعتذار للدكتور عمرو حمزاوى وأنت تكتبين موجهة الكلام إليه: «هل ما زلت ترى أن الأمر لا معنى له على الإطلاق ولا يستحق الرد؟.. ومن الخطأ أن أفترض أن كل القراء يعرفون د.عمرو حمزاوى وكلهم قرأوا مقال الزميلة أسماء سيف؟! لندخل فى الموضوع إذن. د.عمرو حمزواى وجه عرضته الشاشات العربية بكثافة خلال أحداث ثورة 25يناير، لكننى أعرفه قبل ذلك من متابعاتى لمقالاته، ومساهماته كباحث أول فى مركز كارينجى للشرق الأوسط، تماما مثلما أعرف نشاط هذا المركز فى نشر الفكر الليبرالى، وأعرف كما يعرف كثيرون أو كما كتب وأذيع أن الدكتور حمزاوى رفض منصب وزير الشباب فى حكومة أحمد شفيق لتسيير الأعمال، وخمّنت مثلما خمن كثيرون أن د. حمزاوى ادخر نفسه لدور أكبر من منصب وزارى تتقاذفه الأنواء وصدق حدسه، وسقطت وزارة شفيق فأطاحت بمن يجلس على كراسيها.. وربما خشى د.حمزاوى أن يعوقه زواجه من أجنبية للترقى فى المناصب السيادية، وربما خشى أيضا أو خُشى عليه أن تكبله هذه المناصب عن الاضطلاع بدوره فى نشر ما يؤمن به ويروج له من خلال عمله الأكاديمى ويساهم بجانب كبير منه فى نشاط معهد كارينجى الذى يصب فى النهاية فى نشر الديموقراطية والليبرالية العلمانية (ينصح البعض باستخدام كلمة «الدنيوية» كترجمة لمصطلح Secularism بدلا من العلمانية) أو كما يقول قاموس العالم الجديد «وبستر» شارحا المادة نفسها بأنها: و»نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أى شكل من أشكال الإيمان والعبادة». هكذا يؤمن العالم الغربى بأن هذا هو السبيل الوحيد للتقدم والرقى فى الحياة .. فهل يؤمن د.عمرو حمزاوى أيضا بهذا؟! عُد إلى أبحاثه على موقع كارينجى وإلى مقالاته.. اتعب قليلاً ألم نتفق نحن المصريين بعد 25يناير أننا سوف نتعب قليلا حتى نعيد بناء بلدنا على نظافة؟!. -2- ثم ماذا؟.. لاحظت زميلتى أسماء سيف أن د.عمرو حمزاوى أثناء طلَّته على المشاهدين من خلال إحدى الشاشات كان يلف على معصم يده اليسرى (سوارا أحمر) وهى تعلم أن هذا السوار يرمز لعلم لاهوتى يسمى ( لى- كا- بل) أى من يتلق نور الخالق، هكذا كتبت وأضافت وأنا أنقل عنها ما بين القوسين: «هذا العلم يستحث غريزة الفضول عند الإنسان لمعرفة ما وراء الواقع المادى الذى نحياه وذلك بالاندماج فى دراسته والارتقاء عشر درجات من سلم المعرفة حتى الوصول إلى القوة العليا والشراكة معها». ما هذا يا أستاذة أسماء؟! لقد استخدمت تعبيرات وألفاظا ضخمة فخمة على قارئ مجلة سيارة فضلا عن أنها متحفظة كثيراً، لماذا لم تقولى مثلا إن هذا السوار الأحمر يرمز إلى مذهب الكابلا أو القبالة kabbalah كما نكتبها فى العربية؟ وهو مذهب يهودى متشدد للتصوف، لكنه تحول فى العالم الغربى الآن إلى ما يشبه الموضة، يذهب إليه أو يعتنقه المشاهير الذين تمردوا على المسيحية فى الغرب وصاروا يبحثون فيما وراء الطبيعة عن معنى أى معنى روحانى لحياتهم وللغيب أو المجهول. مادونا ذهبت إلى إسرائيل وغنت ورقصت مع شاب عار الجسد وقد رسم على صدره نجمة داود، ثم أعلنت اعتناقها للقبالة ومثلها فعلت باريس هيلتون المليارديرة المعذبة بجسدها وروحها وبالشهرة، وكذلك ديفيد بيكهام لاعب الكرة الإنجليزى الأشهر خلال العشر سنوات الماضية وزوجته وغيرهم. -3- والقبالة ليست الدين اليهودى الذى لا يعرف التبشير أى لا يريد غرباء من غير نسل إسرائيل ينضمون إلى اليهودية للحفاظ على النقاء العرقى (بالطبع هذه أسطورة تاريخية)، والقبالة بدأت فلسفة تعتمد السحر وعلم الأحرف الذى يخرج من تركيبها مع الأرقام خلقا جديدا- هذا ما يعتقدونه- كما جاء فى كتاب عنوانه «كتاب الخلق» وبالعبرية «سفر يتزيراه» وضعه مؤلف مجهول واقتنع بذلك خلق ضائع من الناس وصدقوا أن الله الذى يتحدث بالعبرية فقط خلق الكون مستخدماً 20حرفا من حروفها الأبجدية وجعل منها أبجدية الخلق!!. وهذا الكتاب ليس هو الكتاب الرئيسى فى القبالة، فهناك الزوهار وهى كلمة آرامية معناها النور أو الضياء، وفيه أمور أكثر غرابة وأشد كفرا عن الآلهة الأنثوية التى تمارس الجنس المقدس مع الشاكيناه أو روح الإله التى تسكن القدس.. وخذ من هذا الكثير. - 4 - هذه هى القبالة التى انتقلت موضتها فى شكل رموز وصور مطبوعة على تى شيرتات الصبيان والبنات، الذين يقلدون فخلفوا الشرائط الحمراء حول معاصمهم وروجوا لرموزها دون أن يدروا ماذا يحملون أو يلبسون؟ أو ما هى تلك الرموز المطبوعة على النسيج الذى يلامس أجسادهم؟!. والآن يمكننا أن نسأل د.عمرو حمزاوى ولن نقبل أن يتم استخدام ميكانيزم السخرية للالتفاف على الإجابة وأن يتحول السؤال إلى بروموهات -اسكتشات- ساخرة أو ضاحكة على غرار «برومو» ما هى الحقيقة وراء وائل غنيم؟ أو هذه هى الأجندة التى أخفيها تحت التيشرت، وأجندة اتجوزت كشكول فلم يعد هناك داع لهذه الميكانيزمات الالتفافية لتفكيك أسئلة يمكن أن يجيب عنها الإنسان بحرية تامة الآن، والسؤال موجه للدكتور عمرو حمزاوى المنطلق بسرعة الصاروخ يشق الحياة الاجتماعية والسياسية فى مصر: «هل تعتنق يا دكتور مذهب القبالة؟»..