دخلت الأزمة الليبية نفقاً مظلماً بعد فشل كل المبادرات العسكرية والسلمية إذ أنه لا منتصر ولا مهزوم لطرفى الصراع، بينما المتضرر الوحيد هو ليبيا ومستقبل شعبها ووحدتها، لكن يبدو أن الموقف سيظل كما هو وربما تطول المعركة، خاصة فى ظل مطالبة المعارضة برحيل القذافى الذى شرع فى اتخاذ خطوات إصلاحية منها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات لاختيار من سيحكم ليبيا ويبقى السيناريو مفتوحا أمام حل ثالث بعد فشل الحل السلمى والعسكرى، فقد شهدت كل من القاهرة وقطر مؤتمرات دولية لايجاد مخرج سلمى لحل الأزمة الليبية المتجمدة على وضعيها السياسى والعسكرى، خاصة أن المبادرة الأفريقية والتركية تتحدث عن تسوية تبدأ بوقف إطلاق النار والاتفاق على إصلاحات شاملة ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحدد من يحكم ليبيا فى المرحلة المقبلة ولم تشر المبادرة إلى رحيل القذافى وهو ما يرفضه المجلس الوطنى الانتقالى، وعسكريا تبقى المعارك فى حالة «كر وفر» دون حسم مع سقوط الشهداء من الطرفين وعلى هذه الخلفية لا يبدو أننا أمام حل لأزمة ليبيا فى القريب المنظور، إنما يفرض هذا الوضع السيناريوهات المطروحة والمحتملة ومنها وقوع حرب أهلية قبلية بين أنصار القذافى ومعارضيه، خاصة أن مسار الأحداث فى الأيام الأخيرة يدعو للقلق فى ظل انتشار الأسلحة فى يد الجميع. فيما يحاول سيف الإسلام نجل القذافى إعادة تجميع القوات الموالية لنظام والده لشن هجمات على المدن التى وقعت تحت سيطرة الثوار لمنع تقدمهم إلى طرابلس فى إشارة إلى تصميم معسكر القذافى على الذهاب بالمعركة إلى نهايتها، لكن يبقى أمامه عائق يتمثل فى أن المؤيدين للقذافى بقيادة سيف الإسلام غير قادرين على إنهاء دور الثورة فى المنطقة الشرقية وهو ما يزيد من احتمالات التقسيم وانتشار وتصدير العنف والاضطرابات إلى دول أخرى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والسيناريو الثانى هو القيام بانقلاب عسكرى ضد القذافى من خلال تزايد انضمام عسكريين جدد إلى معسكر الثوار مما يزيد احتمال تشكيل تجمع عسكرى قوى يهاجم طرابلس المعقل الأخير للسلطة، لكنه سوف يصطدم بتحالفات القبائل التى ترفض خيانة امتداد القبائل الموجودة فى طرابلس وقد حدث ذلك بالفعل عندما رفضت قبائل سرت السماح للثوار بالسير فى اتجاه طرابلس. والسيناريو الثالث والذى يفكر فيه الاتحاد الأوروبى والحلف الأطلسى هو التدخل العسكرى الضاغط لإسقاط النظام، إلا أن مصادر مطلعة قد أكدت أن قوات التحالف شنت ألف غارة على مواقع وخيام عدة للقذافى ولم تتمكن من الوصول إليه ومع طرح كل الاحتمالات يرى المحللون أن حالة الجمود السياسى والعسكرى سوف تسيطر على الأزمة الليبية لفترة قد تصل لسنوات، وهذا ما أكدته بعض المصادر التى تحدثت عن حالة استنفار غير مسبوقة فى طرابلس بعد تسليح دولة قطر للثوار فى المنطقة الشرقية، مؤكدة أن الطائرات القطرية حملت مساعدات إنسانية فى صناديق وضع عليها علامة الهلال الأحمر وبعد فتحها تبين أنها تحمل كل أنواع الأسلحة المتطورة، وهو ما دفع الخارجية الليبية لتقديم مذكرة إلى الأمين العام «بان كى مون» نرفض إدخال أية مساعدات إنسانية إلا من خلال الهلال الأحمر وبرنامج الغذاء العالمى والصليب الأحمر، كما انتقدت ليبيا الدور الغربى وتحالفه مع قطر وأسمته بتصفية الحسابات ضد نظام القذافى.