يحق للأحزاب الصغيرة أن تعترض على قانون الأحزاب الجديد لأنه ببساطة أغلق «حنفية» إهدار المال العام على تلك الأحزاب غير الجماهيرية والتى لا يعرفها أحد وكانت عبارة عن رئيس وسكرتيرة وغرفة فى شقة مشتركة وجريدة تطبع 500 نسخة وتصدر حسب التساهيل.. وكل ذلك من الدعم الذى كانت تقدمه الحكومات السابقة لتلك الأحزاب لاستكمال «الديكور» الديمقراطى والتغنى بأن لدينا أكثر من 24 حزبا سياسيا فى مصر. والمتابع لنشاط الأحزاب فى مصر سوف يكتشف أن تلك الأحزاب «مصنوعة» فباستثناء الأحزاب الثلاثة التى كانت منابر وتحولت إلى أحزاب «حزب مصر والذى تحول إلى الوطنى والأحرار والتجمع» فقد وافقت لجنة شئون الأحزاب القديمة «والتى كانت خصما وحكما» فى ذات الوقت على قيام «أشخاص» بتشكيل أحزاب بعدد لا يزيد على ألف عضو وقد يكونون من عائلة رئيس الحزب وأصدقائه وبعض الأهالى من مسقط رأسه فقط، فى حين أن حزب الوفد ناضل قضائيا ولم يسمح له بمزاولة نشاطه إلا بعد حكم قضائى نهائى. ولكن القانون الجديد بخلاف المبادئ العامة الواردة فى المادة الرابعة منه والتى اشترطت عدم قيام الحزب على أساس دينى أو جغرافى أو فئوى أو طائفى وعدم إنشائه تشكيلات عسكرية أو يكون فرعا لتنظيم خارجى، بخلاف ذلك، فقد اشترط القانون ألا يقل مؤسسو الحزب الجديد عن 5 آلاف عضو «مصريين». وبشرط أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وألا يقل الأعضاء من كل محافظة عن ثلاثمائة عضو وذلك للقضاء على الثغرة القديمة وإظهار الجدية فى ممارسة النشاط السياسى على أسس ومبادئ معلنة وواضحة، فضلا عن اعتبار الحزب شخصية اعتبارية خاصة ويمول من اشتراكات الأعضاء وتبرعات المصريين مع ملاحظة أن هذه التبرعات التى يقدمها بعض الأشخاص للحزب لن تخصم من الوعاء الضريبى للتبرع. والأهم من ذلك حظر القانون على تلك الأحزاب قبول تبرعات أو أية ميزة أو منفعة من أجانب أو مؤسسات وشركات مصرية أو أجنبية، مع ضرورة إخطار الجهاز المركزى للمحاسبات بأية تبرعات يتلقاها الحزب مرفق معها البيانات الخاصة من المتبرعين المصريين من الأشخاص العادية وذلك لضمان الرقابة المالية وتحقيق لمبدأ الشفافية فى النشاط العام وخاصة النشاط السياسى، مع العلم أن تلك الأموال وإن كانت مملوكة للحزب باعتباره مؤسسة اعتبارية خاصة إلا أنها أملاك عامة. ومع ذلك ومع كل الشروط السابقة التى لم تعجب البعض من راغبى تأسيس أحزاب جديدة بحجة التكلفة المالية لتوثيق توكيلات العضوية وكذلك النشر فى صحيفتين يوميتين، مع وقف الدعم الحكومى الذى كان يصرف من قبل سواء فى صورة شيكات أو تأشيرات حج وعمرة.. الخ، فالقانون سمح بقيام الأحزاب.. إذا استوفت الشروط السابقة بمجرد الإخطار - أى تقديم طلب بنظام الحزب وأهدافه وبرنامجه وأعضائه إلى لجنة قضائية بحتة برئاسة نائب رئيس محكمة النقض وبعضوية مستشارين من الاستئناف ومجلس الدولة، وهى لجنة فحص ورقابة مهمتها الأساسية التأكد من توافر الشروط الواردة فى القانون لتأسيس الحزب وليست لها سلطة تقديرية سياسية فى قيام الحزب من عدمه كما كانت تفعل اللجنة السابقة ولأسباب مفتعلة. والطريف فى الموضوع أنه إذا اعترضت اللجنة على تأسيس الحزب بسبب قانونى فعليها نفسها عرض الأمر- بعد الاعتراض بثمانية أيام فقط- على المحكمة الإدارية العليا لتأييد قرارها بالاعتراض أو إلغائه، ويلاحظ هنا أن الحزب ينشأ ويمارس عمله بعد مرور 30 يوما من تقديمه الإخطار فى حالة عدم رد اللجنة على الطلب وإذا ردت بالاعتراض فهو أيضا يمارس نشاطه حتى تقضى المحكمة المختصة بالموافقة على طلب اللجنة والمعنى أن المنع لن يحدث إلا بحكم قضائى ولا تملك اللجنة منع الحزب من مزاولة النشاط حتى لو اعترضت على تأسيسه من البداية! وإذا كان القانون لا يسرى بأثر رجعى بمعنى أن الأحزاب الحالية قائمة حتى تحل نفسها بسبب عدم وجود سيولة بعد إلغاء الدعم إلا أنها عليها توفيق أوضاعها مع القانون الجديد وفتح باب العضوية لجذب أعضاء جدد لعدة أسباب أساسية .. منها أن العضوية هى مصدر التمويل الأساسى للحزب ونشاطه مع التبرعات من أعضائه أو آخرين والأهم أن العضوية الواسعة هى دليل الجدية والعدل وسط الجماهير تمهيدا للتمثيل فى البرلمان وإمكانية تقديم مرشح للرئاسة فى حالة نجاحها فى إدخال عضو واحد منها إلى مجلس الشعب. لقد انتهى عهد إهدار المال العام ومن يرغب فى الاستمرار فى «الصورة» فعليه دفع الثمن! negmm2000 @hotmail.com