بعد إعلان التعديلات الدستورية الأخيرة تعددت الآراء التحليلية لتلك المواد من قبل القانونيين فمنهم من يرى أن القانون الخاص بمباشرة الحقوق السياسية يجب أن تكون به نقطة جوهرية تمثل ضمانة للمرشح وآخر يرى أنه يجب الاستفتاء على كل مادة من الدستور وليس على جميع المواد دفعة واحدة وآراء عديدة أردنا طرحها من خلال هذا التقرير. بداية حرص المستشار عبد المنعم السحيمى رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادى قضاة طنطا وأعضاء مجلس إدارة النادى هناك على تقديم خالص العزاء لأسر شهداء 25 يناير أبطال مصر وللمجلس الأعلى للقوات المسلحة عن دوره فى تحقيق مطالب الشعب المشروعة. وأشار السحيمى فى البيان الصادر عن نادى قضاة طنطا: إلى أنه لما كان الثابت للقاصى والدانى أن الحالة الأمنية الراهنة لا تساعد على إجراء الاستفتاء والانتخابات بصورة طبيعية آمنة تحقق لكافة المواطنين مباشرة حقوقهم السياسية على الوجه الأكمل إلا بمساهمة القوات المسلحة التى نجلها ونقدرها حق التقدير فى تأمين جميع مقار الاستفتاء والانتخابات لتمكين رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة والهيئات القضائية بالقيام بما أسند إليهم وبما يكفل أداءهم لرسالتهم على الوجه الأكمل وأكد على أن إعلان المستشار محمد عبد العزيز الجندى وزير العدل موافقته المبدئية على نقل تبعية التفتيش القضائى لمجلس القضاء الأعلى بدلا من وزارة العدل وإنهاء أى دور لوزارة العدل فى الإشراف على العملية الانتخابية والإشراف الكامل لمجلس القضاء الأعلى منذ بداية القيد فى الجداول الانتخابية حتى إعلان النتيجة على العملية الانتخابية برمتها خطوة جيدة فى سبيل الاستجابة لمطالب القضاة وتحقيق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية، وأشار المستشار عبد المنعم أن مدة الرئاسة يجب أن تكون خمس سنوات.. خصوصاً وأن رئيس الجمهورية القادم جاء إلى بلد عاشت فترة فساد كبيرة.. فالأربعة أعوام لا تكفى للإصلاح لأننا كنا نعتقد أن الفساد فى سلب أراضى الدولة لا يتعدى ألوف الأمتار ولكننا فوجئنا بملايين الأمتار وآلاف الأفدنة وما كنا نتخيل أن الفساد يدخل إلى (قصر الرئاسة) وهذا إن صحت الوقائع المتداولة فى الوسائل الإعلامية ومن هنا يجب أن تكون فترة الرئاسة كحد أدنى خمسة أعوام ويمكنه الترشح مرة أخرى إذا طالب الشعب بذلك.. ويوضح المستشار السحيمى.. أن القانون الخاص بمباشرة الحقوق السياسية يجب أن تكون به نقطة جوهرية تمثل ضمانة للمرشح.. بمعنى أنه عندما يتم قيد النتيجة فى الجداول المعدة.. هنا تحرر صورة كربونية بعدد المرشحين.. يثبت فيها عدد الأصوات الذى حصل عليها كل مرشح.. ويتم تسليم هذه الصور إما للمرشحين أنفسهم أو المندوبين عنهم حتى لا يمكن التلاعب فيها .. ويؤكد السحيمى .. على أن أيام الانتخابات يجب أن تتم على ثلاث مراحل .. لأن انتخابات اليوم الواحد.. من المستحيل أن يكفيها عدد القضاة لإتمامها.. وأضف إلى ذلك « مسألة الأمن».. و نحن كقضاة لا نشكك فى رجال الأمن.. لأننا نسيج لوطن واحد لكن الظروف الأخيرة جعلت أفراد الشعب لا «يرتاحون» لهم وتحسباً لأى احتكاكات أو اشتباكات بين أفراد الشعب والشرطة يفضل استبعادهم.. والبديل رجال القوات المسلحة.. والعملية الانتخابية لن تمثل لهم عئباً إذا أنجزت على ثلاث مراحل. أما ممدوح تمام المحامى بالنقض فيقول إن اللجنة أنجزت فى وقت قليل ما عجز عنه كثيرون فى تعديل تسع مواد ولكن اختلف فيما جرى به التعديل الوارد على المادة 76 والذى نص على أن تتولى لجنة قضائية عليا تسمى لجنة الانتخابات الرئاسية مهمتها الإشراف على الانتخاب وتشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء كما تفصل اللجنة فى اختصاصها ويحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة.. وبعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقدير مدى مطابقته للدستور وتصدر المحكمة الدستورية العليا قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة عشر يوما من تاريخ عرض الأمر عليها فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزما للجميع ولجميع سلطات الدولة وينشر فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره هذا ما جرى به التعديل الوارد على المادة (76) ونتفق جميعا على أن تلك اللجنة هى لجنة للإشراف وإدارة الانتخابات الرئاسية وإن كان تشكيلها من قضاة أجلاء إلا أنه لا ينفى عنها صفة اللجنة الإدارية وبالتالى فإنه لا يجوز تحصين أعمالها أو قراراتها بعيداً عن رقابة القضاء لأن تلك اللجنة مكونة من بشر وأعمالهم قابلة للخطأ أو الصواب ولابد للسلطة القضائية أن تراقب أعمال تلك اللجنة، كما يحق لأى صاحب صفة الطعن فى قراراتها أو أعمالها.. إعمالاً لما جرى به نص المادة 68 من الدستور والتى جرت بالآتى: التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. لما كان الأمر ما تقدم فإن نص المادة 76 يتعارض مع نص المادة 68 كما أنه يتعارض مع الاتفاقات الدولية بشأن حقوق الإنسان ومنها حق المواطن فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى بطلب إلغاء قرار أو عمل. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن عرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور.. وإصدار المحكمة الدستورية العليا قرارها فى خلال خمسة عشر يوما من تاريخ العرض.. ويكون قرار المحكمة ملزما للجميع ولجميع سلطات الدولة. ومن المعلوم أن هذا يتنافى مع نص المادة 175 من الدستور والتى جرى نصها بأن تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية.. وبالتالى فإن قرار المحكمة الدستورية فى مشروع قانون لا يصادر حق المواطن فى الطعن على القانون بعد إقراره لاسيما وأن المحكمة العليا لا تنظر فى مشاريع قوانين وإنما تنظر الطعون على مدى دستورية نصوص القوانين بعد إقرارها بأحكام قضائية وتلك هى الرقابة اللاحقة على القوانين بعد صدورها. أما قرار المحكمة الدستورية بشأن مشروع قانون لا يعنى القول بأن قرارها ملزم لاسيما وأن الرقابة السابقة لا تجب الرقابة اللاحقة وهى الرقابة الأصلية والوظيفة الأساسية للمحكمة الدستورية. وأخيراً يتساءل تمام لماذا لا يكون الاستفتاء على التعديلات الدستورية مادة مادة وليس بطرح جميع التعديلات حزمة واحدة؟ إما أن أوافق عليها جميعا أو أرفضها كلية، لماذا لا يترك للمواطن الموافقة على مادة يراها مناسبة ويرفض الأخرى لأنه لا يجدها مناسبة.